مع اقتراب موسم الحج 2022 ؛ يدور جدل واسع عن الغلاء الكبير في تكاليف أداء فريضة الحج في العام الحالي، مقارنة بالأعوام الماضية التي سبقت جائحة “كورونا”.
فعلى المستوى الداخلي لحجاج الداخل بالسعودية لا يكاد يختلف الأمر عن حجاج الخارج، بل إنّ الحجاج المقيمين والمواطنين في السعودية بات الكثير منهم محروماً من أداء هذه الشعيرة.
إذ فُرض على المقيمين الراغبين بدخول مكة استخراج تصريح من وزارة الداخلية، والذي يبلغ قيمته 3638 ريالاً سعودياً للفرد الواحد، لكنّ هذا البرنامج لا يشمل الجميع؛ فهو متاح فقط للفقراء وبتمويل من رجال الأعمال وأهل الخير، فيما حملات الحج داخل السعودية للبرنامج العام ذاته، تتراوح أسعارها بين 6833 إلى 15.540 ريالاً سعودياً للفرد الواحد، أما حملات الحج في السعودية التي تندرج تحت اسم “حزمة الضيافة بلس”، فيتراوح سعرها ما بين 7561 إلى 8161 ريال سعودي للفرد الواحد.
وهذه الأسعار لا تشمل رسوم ضريبة القيمة المضافة على المبلغ البالغة 15% من قيمة المبلغ؛ إذ تعد رسوم ضريبة القيمة المضافة أحد الأسباب الرئيسة في ارتفاع رسوم الحج؛ حيث تشمل هذه الضريبة النقل والإعاشة والإقامة وخدمات الشعائر، بالإضافة إلى رسوم التأمين الشامل وتكاليف خدمات المشاعر، وهذه التكاليف كلها كانت مجانية في الأعوام السابقة.
أسباب ارتفاع أسعار الحج
وقد شهدت أسعار حملات الحج داخل السعودية هذا العام ارتفاعاً كبيراً مقارنة بالسنوات الماضية، ويعود ذلك للكثير من الأسباب؛ أهمها: محدودية عدد الأفراد المسموح لهم بأداء فريضة الحج هذا العام، وإجراءات جائحة كورونا وآخر مستجداتها، وكذلك ارتفاع الخدمات التي سيتم توفيرها للحفاظ على سلامة وصحة المواطنين والمسافرين أيضاً، وهذا كله بطبيعة الحال أدى إلى ارتفاع أسعار خدمات المطوّفين في السعودية، وضاعف رسوم حملات الحج أكثر من 200% هذا العام.
في هذا السياق يؤكدّ نقيب أشراف الحجاز الشريف أنس الكتبي لـ”عربي بوست”، أنّ فريضة الحج في الأعوام الماضية التي سبقت كورونا، كانت تتغاضى عن الحج غير المنظم من قبل المقيمين والمواطنين، خصوصاً من أهل مكة، لكن في الموسم الحالي سيكونون غير قادرين على الحج الذاتي الذي كان بعيداً عن الحملات المنظمة، مشيراً إلى أنّ كثيراً من المقيمين والمواطنين بالسعودية، خاصة من سكان مكة وجدة، كانوا يفترشون الأرض في المشاعر المقدسة، والتي يأتي من ضمنها ليالي التشريق في منى؛ ما كان يسبب الكثير من العراقيل والمشكلات لحجاج بيت الله الحرام.
ويوضح نقيب أشراف الحجاز الشريف على أهمية حصول المقيم أو المواطن على تصريح للحج قبل التقديم، مؤكداً أنّ الحصول على تصريح غير مضمون، ويعتمد على اعتبارات عديدة، منها الفئة العمرية، وألا يكون قد أدى الفريضة خلال السنوات الـ5 الأخيرة.
يقول أحد ملاك شركات الحج والعمرة في مكة، علي العباسي، إنّ ارتفاع أسعار حملات الحج ناتج بالدرجة الأولى عن ارتفاع خدمات المطوفين في السعودية، التي بدورها ضاعفت أسعار رسوم الحملات أكثر من 200% هذا العام عن الأعوام الماضية التي سبقت جائحة “كورونا”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ويوضح العباسي لـ”عربي بوست”، أنّ تحديد الفئات والباقات الخاصة بحجاج الداخل، يرجع بالدرجة الأولى إلى ضبط الشركات والمؤسسات العاملة في مجال خدمات الحج، والسعي إلى تنظيم موسم الحج في ظل حالة الفوضى ووجود شركات ومؤسسات وهمية لا تسعى إلى تقديم خدمات حقيقية على أرض الواقع، بل مجرد شركات تسعى فقط إلى تقاضي أموال من الحجاج نظير إيصالهم إلى المشاعر المقدسة دون توفر أي خدمات متعلقة بالمبيت أو السكن، منوهاً إلى أنّ هذه الخطوة ستعمل على ضمان تقديم خدمة جيدة لحجاج الداخل ضمن معايير وزارة الحج، وضبط نوعية الخدمات المقدمة، حيث باتت البرامج والفئات المطروحة مرتبطة بشكل مباشر بالوزارة.
تعليمات صارمة بمنع دخول المقيمين
هناك تعليمات صارمة تسعى لضبط حالة العشوائية التي كانت تحدث في الأعوام السابقة، وتضمن التعليمات التي أصدرتها السلطات السعودية منع المقيمين الذين لا تتوافر لديهم تصاريح دخول للعمل أو هوية مقيم أو تصريح حج من دخول مكة المكرمة.
ومع صدور التعليمات الجديدة يطرح تساؤل مهم، مفاده: لماذا جاءت هذه التعليمات في مثل هذا التوقيت؟! حيث إنّ المتابع لأعمال وخدمات الحج في السعودية يخلص بنتيجة مفادها أنّ القطاعات العاملة في خدمات الحج والحجاج تعكف نهاية كل موسم حج على دراسة خططها وبرامجها التي يتم تنفيذها، للوقوف على الإيجابيات والسلبيات، ومن خلال دراسة أوضاع المقيمين القادمين من خارج مكة المكرمة.
المحلل السياسي والاقتصادي السعودي، عبد الرحمن السحيمي، يقول إن الأسباب الحقيقية في ارتفاع أسعار تكاليف الحج يعود بالدرجة الأولى إلى ضريبة القيمة المضافة.
ويرى السحيمي أنّ إعلان وزارة الحج والعمرة تحويل مؤسسات أرباب الطوافة التسعة إلى شركات مساهمة تم بنجاح. وأرباب الطوافة هي المؤسسات المسؤولة عن تقديم خدمات الحج لحجاج الخارج واستقبالهم وتوفير المسكن والمبيت لهم في مكة.
مشيراً إلى أنّ هذه الخطوة عمدت إلى توحيد جميع مؤسسات وشركات الطوافة في كيان واحد، لكنّها في المقابل أدت إلى اقتطاع نسبة 40% لصالح صندوق الاستثمارات العامة، وهو الصندوق السيادي الخاص بالسعودية ضمن رؤية 2030.
إضافة إلى ذلك فإنّ ارتفاع أسعار خدمات المشاعر في منى وعرفات على وجه الخصوص أدى هو الآخر، بحسب السحيمي، إلى ارتفاع تكاليف الحج، منوهاً إلى أنّ الخيم في عرفات ومنى كانت في أعوام سابقة مجانية ولا تفرض على شركات الحج والطوافة أي رسوم أو أي تكاليف، لكن في الأعوام الأخيرة شهدت ارتفاعاً تدريجياً في هذه الخدمات لتصل إلى ذروتها في العام الحالي.