لا يكل ولا يمل إعلاميون ومسؤولون إسرائيليون من اختلاق الأكاذيب ومغالطة الوقائع، وهم لا يتورعون عن ذلك كلما سنحت لهم الفرصة، سواء عبر القنوات الفضائية التي تستضيفهم، أو منصات التواصل الاجتماعي التي يتخذونها غالباً منبراً للترويج لأكاذيبهم المسمومة وافتراءاتهم المشينة.
اعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداول ما صرّح به الصحفي والباحث الإسرائيلي المتطرف “إيدي كوهين” والذي بدوره اعاد نشر تصريح سابق له الذي كشف فيه أن إسرائيل تدرس مطالبة الأنظمة العربية بدفع 200 مليار دولار لتل أبيب كتعويضات لليهود العرب النازحين من بعض الدول العربية.
وقال “كوهين”، الذي يعرف نفسه باعتباره مستشارا سابقا لدى الحكومة الإسرائيلية، خلال مقابلة على قناة “روسيا اليوم”، إن تقريرا أعدته لجنة سرية تم تأسيسها منذ 3 سنوات لإحصاء ممتلكات اليهود في الدول العربية، تدرسه حكومة الاحتلال.
وأشار إلى أن التقرير يتحدث عن أكثر من 200 مليار دولار، طالب بها الاحتلال الآن كتعويضات عن الممتلكات الخاصة، التي قال إن 10 دول عربية قامت بمصادرتها.
وأضاف: “عشرات الآلاف من اليهود العرب يطالبون بحقوق اللاجئين وحقوق الإنسان، أقصد الممتلكات التي نهبتها الدول العربية كمصر والعراق وليبيا وسوريا والجزائر وتونس وغيرها”.
تحاول “إسرائيل” إعطاء صورة مغلوطة عن حالة اليهود العرب إبان إقامتهم في بلدانهم الأصلية باعتبار أنهم اضطهدوا وهجروا قسراً في حين أن شهادة اليهود أنفسهم تشير إلى أنهم عاشوا بسلام معالمسلمين والمسيحيين.
المثير في الأمر هو أن غالبية اليهود العرب الذين غادروا بلدانهم الأصلية لم يهاجروا إلى “إسرائيل”، باستثناء أقلية منهم، بل اتجهوا إلى دول أوروبا والأميركيتين، فيما ظلَّت أقلية تعيش في وطنها الأم مثل بقية المواطنين! ولا يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالخجل عندما ينفثون سموم أكاذيبهم حول هذا الموضوع، ويزعمون أن الدول العربية والإسلامية سرقت ممتلكات اليهود واستولت عليها بعد طردهم، وهم يطالبون باسم عشرات الآلاف من اليهود بتطبيق حقوق اللاجئين وحقوق الإنسان.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
لقد نسي هؤلاء أو تناسوا قانون أملاك الغائبين السيئ الذكر الذي سنّته “إسرائيل” في العام 1950، والذي يسمح لها بشرعنة سلب الفلسطينيين أراضيهم وممتلكاتهم في حالة مغادرتهم إلى الدول المجاورة، وكذلك استخدام القوة لانتزاع ممتلكاتهم وتهجيرهم عنوة.
وعلى هذا الأساس، أليس الشعب الفلسطيني أحق بالتعويض، بعد أن سُرقت أرضه وممتلكاته، وتعرض لأبشع أنواع القتل والتهجير على يد العصابات الصهيونية؟ ومتى كانت “إسرائيل” تعترف بشيء اسمه حقوق الإنسان واللاجئين، وهي التي تقوم كل يوم بأبشع الانتهاكات بحق المواطنين الفلسطينيين العزل؟
يحاول الإسرائيليون استلهام عقدة الذنب التي استعملها قادة الصهيونية لابتزاز ألمانيا والنمسا مالياً في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بذريعة جرائم هتلر بحق اليهود، وتطبيقها على الدول العربية بغرض حلبها مالياً.
تصريح كوهين ليس تعبيراً شخصياً، بقدر ما يعد تعبيراً عن مخطط يجري إعداده بعناية، وفي ظل رعاية إسرائيلية رسمية، ويستهدف سرقة أموال الدول العربية، مستغلاً تهافت بعضها على التطبيع. ولا يستبعد أن تقوم “إسرائيل” على المدى المتوسط بتبني هذا المخطط بشكل رسمي بعد استكمال مخطط التطبيع مع الدول العربية.
خلاصة القول، إنّ “إسرائيل” تحاول إعطاء صورة مغلوطة عن حالة اليهود العرب إبان إقامتهم في بلدانهم الأصلية، باعتبار أنهم اضطهدوا وهجروا قسراً نحو فلسطين المحتلة، في حين أن الواقع وشهادة اليهود أنفسهم تشير إلى أنهم عاشوا بسلام مع نظرائهم المسلمين والمسيحيين، مشبعين بثقافة التسامح وحسن الجوار، ومن قام بتشريد شعب وتهجيره من وطنه هو “إسرائيل” نفسها. واليوم، ومن دون خجل، تأتي لتطالب بدفع تعويضات لليهود العرب عن ممتلكاتهم المزعومة.
حقاً، صدق الشاعر حين قال: إذا قل ماء الوجه قل حياؤه، فلا خير في وجه قل ماؤه!