إساءة الناطق الرسمي للحكومة الهندية للنبي محمد ﷺ، وللدين الإسلامي؛ ليست الأولى من نوعها التي تصدر من الشخصيات العامة أو الرسمية في الهند وباقي دول العالم، ولأن هذا حدثٌ متكرر على مر العصور والأزمان دون وجود رادع حقيقي؛ فإن الحاجة أصبحت ملحّة لتغيير طريقة التعامل التقليدية في هذه المواقف، لكي يتم الحد من هذه الظاهرة المتزايدة في السنوات الأخيرة.
وبالعودة إلى بداية الدعوة للإسلام؛ فقد تعرض النبي محمد ﷺ للإساءات اللفظية والجسدية، حيث وصفه مشركو قريش بالساحر والكاهن والمجنون وغيرها من الإساءات اللفظية، بينما حاول عقبة بن أبي معيط وغيره من المشركين والكفار الاعتداء على خَيْرِ الْبَرِيَّةِ جسدياً، وكل تلك الإساءات في وقتها لم تنقص من قدره شيئاً، بل ورغم ذلك وصلت رسالة الإسلام لكل بقاع المعمورة.
في السنوات الأخيرة تزايدت وتيرة الإساءات للنبي محمد ﷺ خصوصاً في عصر الإنترنت، فلا يكاد يمر شهر حتى يتجرأ البعض في أوروبا وأنحاء العالم، كما حدث في الدنمارك والسويد وفنلندا والنرويج، في حماية الشرطة، وذلك من خلال بث خطاب الكراهية بحرق القرآن الكريم أو الإساءة للنبي محمد ﷺ وغيرها من الاستفزازات، سواء من خلال رسومات مسيئة أم كلمات بذيئة تستهدف البحث عن الشهرة والشعبية في بلادهم باستفزاز مشاعر المسلمين.
وفي الوقت الذي يجتهد الحزب الحاكم في الهند من أجل تطوير بلاده من خلال الانفتاح على الأسواق العالمية بعلاقات اقتصادية مع دول العالم، ومنها الدول العربية الغنية بالثروات والأسواق التجارية، خرج علينا الناطق الرسمي للحكومة الهندية بكلام بذيء عن النبي محمد ﷺ وزوجته السيدة عائشة، وهو ما قابلته الحكومة الهندية بإيقافه عن العمل بعد أن شعرت بردة فعل المسلمين.
ومن الجدير بالذكر أن عدد المسلمين في الهند قرابة 195 مليون مسلم، ما نسبته 10.9% من عدد السكان، ورغم ذلك فلم تُراعِ الحكومة الهندية هذا العدد الكبير من المواطنين في تعاملها، بل تم الاعتداء على بعضهم عندما خرج غاضباً لنصرة النبي، وتعاملت الحكومة مع المسيء بمبدأ “مسكن ألم”، ولم تعالج أصل المشكلة من خلال تجريم ما حصل قانونياً، حيث إن الإساءة للأنبياء لا يجب أن تكون حرية شخصية يتمادى فيها البشر بما يسبب الكراهية والفتنة بين الشعوب، وبغياب قانون رادع فقد يخرج بين الحين والآخر المزيد من المسؤولين أو الشخصيات العامة بحديث أسوأ مما خرج به ذلك المسيء.
ونصرة النبي محققة من الله تعالى كما جاء في سورة التوبة: (إلا تنصروه فقد نصره الله)، وجرت العادة أن تنتصر الشعوب في دول العالم الإسلامي للحبيب المصطفى، فالغضبة الشعبية تظهر جلياً من خلال مظاهرات غاضبة، وكذلك من خلال التعبير في صفحات التواصل الاجتماعي، وفي قليل من الأحيان تصل لدرجة العنف، ولكن تأثير تلك الغضبة لا يكاد ينتهي بعد فترة بسيطة دون الوصول للهدف الحقيقي وهو بتر هذه الظاهرة ومنع تكرارها.
إن عدم تجريم الإساءة لخَيْر الْبَرِيَّةِ فيه استخفاف بأُمة الاسلام، وهذا ما يستوجب الاستمرار بنصرة الحبيب المصطفى من خلال عدة إجراءات، منها السياسي والاقتصادي، بما تمتلكه دول العالم الإسلامي من مصادر قوة ليس أقلها مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول التي تصدر منها الإساءة، بما يجبرها على احترام مشاعر المسلمين ودينهم، واستدعاء سفراء الدول المسيئة، وتوجيه رسائل شديدة اللهجة من خلالهم، ففي الدول الإسلامية يوجد ملايين من العمالة القادمة من الدولة المسيئة، وذلك ما يشكل ورقة ضغط شديدة التأثير.
وشعبياً فإن الاستمرار بمقاطعة المنتجات وتوسيع نطاقها قد يؤدي إلى خسائر مادية موجعة، ما يجبر حكومة الدولة التي تصدر منها الإساءة لاتخاذ إجراءات أشد مع المسيء، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود ما يقرب من ملياري مسلم في الأرض، بما يشكل ربع سكان المعمورة، وهم قادرون على لجم الألسنة التي تتطاول على سيد ولد آدم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وليس بعيداً عن العيون أن أصبحت الإسلاموفوبيا ظاهرة متنامية أكثر وأكثر في العالم، بعد أن صنعتها بشكل رئيس وسائل الإعلام الغربية، ولا يجب الانتظار كثيراً لمعالجتها قبل أن تؤدي إلى عنف لا يحمد عقباه، ومصدرها معلومات مغلوطة بالإضافة للكراهية المتوارثة عند البعض.
ونختم هذه الرسالة بهذه الأبيات التي سطرها شاعر الرسول حسان بن ثابت، في مدح نبينا وحبيبنا محمد ﷺ:
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءاً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ