ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال مفاده: «أين الله؟ وهل هو في السماء كما يقول بعض الناس؟ وكيف نرد عليهم؟»، وقد قدمت دار الإفتاء الإجابة الواضحة على سؤال «أين الله؟» لأنه يعد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات حاسمة، لأن التفكير بها خطر كبير، وهو ما قامت بتوضيحه دار الإفتاء في الرد على سؤال: «أين الله؟».
الإفتاء ترد على سؤال أين الله
وردت دار الإفتاء على سؤال «أين الله؟» قائلة: «إذا سأل سائل: أين الله؟ أجبناه بأن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء كما أخبر سبحانه عن نفسه في كتابه العزيز حيث قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
وأضافت الإفتاء في ردها على «أين الله؟»: نخبر السائل بأنه لا ينبغي له أن يتطرق ذهنه إلى التفكر في ذات الله سبحانه وتعالى بما يقتضي الهيئة والصورة، فهذا خطر كبير يفضي إلى تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه، ونخبره بأنه يجب علينا أن نتفكر في دلائل قدرته سبحانه وآيات عظمته فنزداد إيمانًا به سبحانه.
مسائل علم الكلام وأصول الدين
وأوضحت دار الإفتاء في سياق الإجابة على سؤال «أين الله؟»: أما السؤال عن الله سبحانه وتعالى بـ«أين» كمسألة تفصيلية من مسائل علم الكلام وأصول الدين: فيؤمن المسلمون بأن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، ومعنى كونه تعالى واجب الوجود: أنه لا يجوز عليه العدم، فلا يقبل العدم لا أزلًا ولا أبدًا، وأن وجوده ذاتي ليس لعلة، بمعنى أن الغير ليس مؤثرًا في وجوده تعالى، فلا يعقل أن يؤثر الزمان والمكان في وجوده وصفاته.
وأشارت دار الإفتاء المصرية في ردها على سؤال أين الله: فإن قُصد بهذا السؤال طلب معرفة الجهة والمكان لذات الله، والذي تقتضي إجابته إثبات الجهة والمكان لله سبحانه وتعالى، فلا يليق بالله أن يسأل عنه بـ«أين» بهذا المعنى، لأن الجهة المكانية من الأشياء النسبية الحادثة، بمعنى أننا حتى نصف شيئًا بجهة معينة يقتضي أن تكون هذه الجهة بالنسبة إلى شيء آخر، فإذا قلنا مثلًا: السماء في جهة الفوق، فستكون جهة الفوقية بالنسبة للبشر، وجهة السفل بالنسبة للسماء التي تعلوها وهكذا، وما دام أن الجهة نسبية وحادثة فهي لا تليق بالله سبحانه وتعالى، فالمسلمون يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى قديم، أي: أنهم يثبتون صفة القدم، وهو القدم الذاتي ويعني عدم افتتاح الوجود، أو هو عدم الأولية للوجود، وهو ما استفيد من كتاب الله تعالى في قوله: ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ [الحديد: 3]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ» رواه مسلم في «صحيحه»، فصفة القدم تنفي أن يسبق وجوده وجود شيء قبله أو وجود شيء معه.
السنة النبوية
وأصل عدم مشابهة للحوادث قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، ومن السنة النبوية ما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك، فأنزل الله عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ إلى آخرها. رواه أحمد في «مسنده»، وزاد الحاكم في «المستدرك» قوله: قال -أي الراوي أبو جعفر الرازي-: ﴿الصمد الذي لم يلد وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وأن الله لا يموت ولا يورث، ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء.
واختتم دار الإفتاء ردها على سؤال: أين الله؟ قائلة: لا يجوز وصف الله سبحانه وتعالى بالحوادث، ولا السؤال عنه بما يقتضي وصفه بذلك، فلا يسأل عن الله بـ«أين» بقصد معرفة جهة ذاته سبحانه ومكانها؛ وإنما يجوز أن يسأل عنه بـ«أين» بقصد معرفة ملكوته سبحانه، أو ملائكته، أو أي شيء يجوز السؤال عنه ووصفه بالحوادث، وعلى هذا يُؤوَّل معنى ما ورد في الشرع من السؤال بـ«أين» أو الإخبار بما ظاهره الجهة، والله سبحانه تعالى وأعلم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website