في أواخر الستينيات في كاليفورنيا كان هؤلاء الذين سمّوا انفسهم بـ “أبناء الله”، مجرد منظمة إنجيلية مسيحية تأسست على يد “ديفيد براندت بيرج”، وكانت تركز على ما يعتبرونه بالتبشير والتواصل مع الآخرين باسم المسيح حسب معتقدهم، فجذبت الآف الأتباع وانتشرت حول العالم، لكن ما لبثت المنظمة حتى تحولت الى طائفة دينية قائمة على الممارسات الجنسية، واغتصاب الاطفال.
أما مؤسسها فقد ارتكب الفظائع بحق أفراد الطائفة، واغتصب حتى بناته وحفيداته.
مراهقون من أجل المسيح قبل طائفة سمّوها بـ”أبناء الله”
قبل أن تظهر طائفة “أبناء الله” للوجود، كانت هناك منظمة “مراهقون من أجل المسيح” وهي حركة دينية جديدة تأسست في كاليفورنيا، حوالي عام 1968 وكانت الحركة تجتذب بشكل رئيسي الشباب البيض من الطبقة المتوسطة على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
أما مؤسس المنظمة فهو “ديفيد بيرج” والذي كان صاحب شخصية وحضور قوي، ولديه قدرة عجيبة على الإقناع.
وُلِد “ديفيد بيرج” في كاليفورنيا عام 1919 لوالدين عملا واعظين متنقلين، إلى أن طُردا من كنيسة اسمها “تلاميذ المسيح”، لأخذهما المال من الناس الذين يأملون في الشفاء عن طريق ما اعتبروه “القوى الإلهية”.
سرعان ما تجنب آل بيرج “الدين المنظم وأخلاقياته التقليدية” لصالح الحياة المستقلة وأفكارهم الخاصة في تفسير الإنجيل، عايش ديفيد أسلوب حياة عائلته الذي اتسم نصفه بالعمل التبشيري ونصفه الآخر بالاحتيال، وادعى “بيرج” في وقت لاحق، أنه تعرض للإيذاء الجسدي والجنسي من قبل سلسلة مربيات وظّفهن والداه.
عام 1935، تخرج ديفيد بيرج من المدرسة الثانوية وتبع خطى والديه في العمل التبشيري المسيحي، فعمل في كنيسة في ولاية أريزونا، وشأنه شأن والديه، تم فصله من هذه الوظيفة، ولكن ليس بسبب الاحتيال هذه المرة، إنما بسبب ظهور تقارير عن “سوء سلوك جنسي”.
وقرر، مثل والديه من قبله، أن يسير في طريقه الخاص، فأسس منظمة “المراهقون من أجل المسيح” في أواخر الستينيات.
وعلى الرغم من أنه كان في أواخر الأربعينيات من عمره بحلول ذلك الوقت، إلا أنه استهدف الشباب والمراهقين، الذين كان العديد منهم، إما هاربين من عوائلهم أو من السهل التأثير عليهم، والذين كانوا متقبلين لنبرة “الحب غير المشروط”، و”العيش الجماعي”، والخلاص قبل نهاية العالم الوشيكة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
من منظمة تبشيرية حسب معتقدهم إلى طائفة تدعى “أبناء الله”
في بداية السبعينيات تحوّلت المنظمة من مجرد حركة تبشيرية إلى طائفة تضم مئات الأشخاص من مختلف الأعمار، وليس المراهقين فقط، فقرر “بيرج” تغيير اسمها إلى “أبناء الله”.
وبأسلوبه المقنع وشخصيته القوية، اقنع أتباعه بعدم شغل وظائف أو ادخار المال أو إرسال أطفالهم إلى المدرسة، والتبرُّع بكل ممتلكاتهم للطائفة، وأن عليهم الاستعداد لنهاية العالم التي أصبحت وشيكة، وأمرهم بالعيش عن طريق التسول وقبول التبرعات.
ولم تكن هذه مجرد أوامر مجنونة من رئيس طائفة دينية، ولكن بحسب بعض المصادر كانت خطة ماكرة من “بيرج” وطريقته المضمونة، لإبقاء أتباعه معزولين عن العالم الخارجي وتحت سيطرته.
اكتسبت طائفة “أبناء الله” أعضاء جدداً بسرعة ونمت دولياً، بسبب تعاليمها المعلنة حول المحبة والتعايش المشترك بدون فوارق، وترك الناس حياتهم وراءهم للانضمام إلى قافلة “الثوار الأتقياء” هذه. ولم يكن أحد منهم يعلم حقيقة الطائفة وما كان ينتظرهم من واقع مظلم بعد انضمامهم.
بحلول منتصف السبعينيات، كانت طائفة “أبناء الله” تضم ما بين 7 آلاف و10 آلاف عضو يعيشون في 180 “مستعمرة” في 80 دولة، أما “المستعمرات” فهي المصطلح المستخدم للمجتمعات الكبيرة وعدد من البيوت المتجاورة أو قطع الأراضي التي بُنيت عليها مخيمات. نظم “بيرج” تلك المستعمرات وأمر الأعضاء أن يعيشوا فيها معاً.
كانت هناك مستعمرات من 50 شخصاً أو أكثر، ويمكن أن تستوعب المنازل الصغيرة ما يصل إلى حوالي عشرة أفراد، وتلك المنازل والمستعمرات كان يقودها “الرعاة”، في هيكل قيادة استبدادي تتجمع خيوطه في النهاية، بين يدي “بيرج” يحركها كيف يشاء.
“الصيد الغزلي” والاستغلال الجنسي للجميع
شيئاً فشيئاً بدأت الأخبار المفزعة تتسرب عن حقيقة طائفة “أبناء الله” للعلن. في البداية تسرّبت الأخبار عن إرسال “بيرج” أوامره لكل المستعمرات حول العالم، أن يمارسوا ما أسماه “الصيد الغزلي”.
أمر بيرج أتباعه من الفتيات، وحتى النساء المتزوجات، بممارسة الجنس مع الرجال الآخرين من أجل إدخالهم في الطائفة، وفي عام 1979، ذُكر أن “الصيادين اللطفاء” أضافوا 19 ألف عضو إلى صفوف الطائفة. قالت إحدى بنات بيرج لمجلة “Timeline” في عام 2017: “لقد كانت دعارة دينية”
ولم يتوقف الأمر هنا، كلما زاد حجم المجموعة، زادت سيطرة بيرج المنحرفة على أعضاء الطائفة، وفي تلك المرحلة بدأت إساءة معاملة أطفال الطائفة، وتشجيع الآخرين على القيام بذلك أيضاً، بحجة أن “الحب المجاني لا يعرف حدوداً للسن”.
ادعى أحد أبناء بيرج، “ريكي رودريغيز”، في وقت لاحق أنه حين كان صغيراً، شهد العربدة وحفلات الجنس الجماعي، وتم تشجيعه على مداعبة النساء، وكان يتم لمسه بشكل غير لائق بشكل روتيني منذ أن كان طفلاً صغيراً.
كما وسّع بعض أعضاء الطائفة سياساتهم الجنسية تجاه الأطفال، بزعم السماح لهم باكتشاف الحياة الجنسية منذ وقت مبكر، وتطور الأمر لاحقاً وأصبح هناك تشجيع للاعتداء الجنسي على الأطفال.
واتُّهم بيرج نفسه بالاعتداء الجنسي على الفتيات الصغيرات، بما في ذلك بناته وحفيداته، وقال أحد الأعضاء السابقين لصحيفة الغارديان في عام 2017: “بالتأكيد لم يكن مكاناً آمناً للنمو، خاصة إذا كنت فتاة. تعرض أصدقائي المقربين للإيذاء والاغتصاب”.
في عام 1993 ، ظهر عضو سابق في المجموعة يُدعى ريكي دوبوي في لقاء تلفزيوني، وأخبر الجميع أن المجموعة قد أمرته باغتصاب طفل يبلغ من العمر 10 سنوات. وبعد صراعه مع تأنيب الضمير انتحر دوبوي.
ولم يكن دوبوي وحده من قام بالانتحار، لكن كان هناك عدد من الأعضاء السابقين في المجموعة، الذين لم يستطيعوا التعايش مع ما كان يحصل لهم عندما كانوا أطفالاً أو ما ارتكبوه بحق الأطفال، فقرروا الانتحار أيضاً، أو عانى بعضهم من أزمات نفسية شديدة.