بعد أن طالبت وزارة العدل الروسية بإغلاق مكاتب الوكالة اليهودية في البلاد بتهمة “انتهاك الخصوصية”، في 21 يوليو/تموز 2022، بات من المهم معرفة ما هي تلك الوكالة التي لعبت دوراً محورياً في تأسيس دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المُحتلة.
تاريخ الوكالة اليهودية للهجرة
تُعد الوكالة اليهودية للهجرة هي إحدى المنظمات غير الربحية التي لعبت الدور الرئيسي في عملية تشجيع الهجرة وتعزيز الاستيطان اليهودي للأراضي الفلسطينية، الأمر الذي كان بمثابة لبنة تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي أعلنت عن قيامها عام 1948.
وكانت البداية عندما تم إنشاء الوكالة اليهودية في أراضي فلسطين المحتلة عام 1922، بعد أن أقرت المادة الرابعة من قانون الانتداب البريطاني المُدمجة مع سياسات وعد بلفور، بإقامة وطن قومي لليهود على الأراضي الفلسطينية.
وبحسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، فقد نصت المادة السالف ذكرها من صك الانتداب على أنها “وكالة يهودية مناسبة سوف يُعترف بها كهيئة استشارية لإدارة فلسطين والتعاون معها في المسائل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، مما قد يؤثر في إقامة وطن قومي يهودي، وحماية مصالح السكان اليهود في فلسطين”.
وبالفعل تمكنت الوكالة من أن تمد فروعها في بعض دول العالم آنذاك، وواصلت مهامها المذكورة حتى عام 1929.
في تلك السنة، عُقدت جلسة الكونغرس الإسرائيلي الـ16 في مدينة زيوريخ بسويسرا في الفترة بين 29 يوليو/تموز حتى 10 أغسطس/آب عام 1929.
وجرى فيه التباحث حول “الظروف الجيدة” التي تمتعت بها الهجرة اليهودية الخامسة إلى فلسطين، والتي “ستساعد أبناء المستوطنات في التخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية التي يواجهونها”.
وبناءً على تلك الجلسة، تقرر إشراك عناصر يهودية صهيونية في الوكالة اليهودية، وفقاً لمنظمة مدار الفلسطينية.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
على هذا الأساس تشكلت أجهزة خاصة للوكالة اليهودية في فلسطين المُحتلة، وأصبحت الوكالة والمنظمة الصهيونية العالمية هيئتين منفصلتين من الناحية الشكلية، رغم أن لهما نفس الرئيس، وهو حاييم وايزمان، المايسترو الحقيقي لتنفيذ وعد بلفور، وثاني أشهر شخصية صهيونية بعد هرتزل.
على أن تستمر السيطرة الفعلية على الوكالة بيد المنظمة الصهيونية العالمية.
الأهداف الرسمية لوكالة الهجرة اليهودية
حدد المؤتمر الصهيوني السادس عشر أهداف الوكالة اليهودية في النقاط التالية، وفقاً لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية:
1. تطوير حجم الهجرة اليهودية إلى فلسطين بصورة متزايدة.
2. شراء الأراضي في فلسطين كملكية يهودية عامة.
3. تشجيع الاستيطان الزراعي المبني على العمل اليهودي.
4. نشر اللغة والتراث العبريين في فلسطين.
وتدير هذه المؤسسة “مسؤولياتها” من خلال عدد من الدوائر، يتولى رئاسة كل منها عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة التنفيذية في الوكالة.
ويشير موقع الجزيرة.نت إلى أن أهم هذه الدوائر تكمُن بطبيعة الحال في “دائرة الهجرة واستيعاب المهاجرين”، و”دائرة هجرة الشباب”، و”دائرة الاستيطان الزراعي”، و”دائرة الشبيبة والطلائع”، و”دائرة التنظيم والمعلومات”، و”دائرة التربية والتعليم”، و”دائرة الثقافة اليهودية في المهجر”.
وكالة الهجرة اليهودية بعد 1948
كانت الوكالة اليهودية للهجرة خلال فترة الانتداب البريطاني أشبه بحكومة بالنسبة لليهود في فلسطين، وعملت على إنشاء وطنهم القومي.
بعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 على أرض فلسطين، تحولت غالبية هذه الاختصاصات إلى الحكومة الإسرائيلية.
إلى أن تم الفصل بين مهام المنظمة والوكالة في القانون الذي أقره الكنيست عام 1952، واعترفت فيه الحكومة بصلاحية الوكالة للاستمرار في العمل في إسرائيل؛ من أجل “تطوير واستيعاب المهاجرين، والمشاركة في ذلك مع المؤسسات اليهودية التي تنشط في هذه المجالات”، وفقاً لـ”وفا”.
وأخذت مكانة الوكالة تضعف بعد قيام دولة الاحتلال، خاصة في عهد بن غوريون، بعد إعلان سياسة تقليص صلاحيات المنظمة خاصة أنه كان يُنظر إليها باعتبارها “قالب لبناء الدولة لم يعد له أهمية اليوم بعد قيامها”.
ويشير موقع المجد الفلسطيني إلى أنه منذ ذلك الحين، أصبحت قيادات الوكالة يتم اختيارها من رجال الصف الثاني في الأحزاب الصهيونية، خاصة بعد المؤتمر الـ27 الإسرائيلي، وبعد تعاظم دور الدولة في مسألة الهجرة والاستيعاب والاستيطان.
دورها في تعزيز هجرة اليهود إلى “إسرائيل”
بعد حرب النكسة في يونيو/تموز عام 1967، أطلقت الوكالة اليهودية للهجرة فرعاً جديداً لها؛ للمساعدة في إنشاء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إلى أن عادت المنظمة غير الربحية إلى الضوء مجدداً، بعد أن قامت بنقل 19 شخصاً من يهود اليمن للاستيطان في إسرائيل، وهي العملية التي كانت تُعد الأحدث من نوعها، وتم الكشف عنها في مارس/آذار 2016، بحسب الجزيرة نت.
وقد كشفت الوكالة لاحقاً أنها “وَطَّنت” قرابة 200 يهودي يمني بشكل سري خلال السنوات الأخيرة في إسرائيل.
حرب أوكرانيا ومصير يهود أوروبا
وتجدر الإشارة إلى أنه هناك اليوم حوالي 200 ألف شخص في أوكرانيا مؤهلون للهجرة بموجب “قانون العودة الإسرائيلي”.
وهي المادة التي تنص بموجبها على أنه يتطلب من الشخص أن يكون أحد أجداده على الأقل يهودي، في أي دولة حول العالم، لكي يحق له الحصول على الجنسية الإسرائيلية بمجرد الانتقال إلى الأراضي المحتلة.
وخلال عام 2021 وحده، هاجر أكثر من 3100 شخص إلى من أوكرانيا إلى إسرائيل بموجب هذا القانون. وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم يستعدون لقبول آلاف المهاجرين اليهود من أوكرانيا حالياً، بحسب صحيفة Times Of Israel الإسرائيلية.
يُذكر أن الوكالة اليهودية كانت قد بدأت نشاطها على أراضي الاتحاد السوفييتي السابق منذ 1989، أي قبل عامين من الاحتفال الرسمي بافتتاح سفارة لإسرائيل في موسكو؛ واليوم تمتلك مكاتب تمثيلية في مختلف تلك الدول بعد استقلالها بتفكك الاتحاد بنهاية عام 1991.