يعتبر البحر الأبيض المتوسط، أحد أكثر البحار شهرةً على الكرة الأرضيّة، وقامت حوله حضاراتٌ بشرية عريقة قادت العالم قروناً طويلة، كما أنه من البحار المليئة بالثروات، ولكن لماذا سمي البحر الأبيض المتوسط بهذا الاسم؟
لماذا سمي البحر الأبيض المتوسط بهذا الاسم؟
تأتي كلمة “البحر الأبيض المتوسط” من الكلمات اللاتينية “Medius” التي تعني الوسط، و”Terra” التي تعني الأرض.
عندما يتم الجمع بين هاتين الكلمتين اللاتينيتين، فإن الاسم الذي يظهر يعني “في وسط الأرض” أو “محاطاً بالأرض”، وبالتالي فإن النظرية الأولى لاسمه وفقاً لما ذكره موقع Here Be Answers تقول إنّ اسمه جاء لأنه محاط بالعديد من البلدان في كل الاتجاهات.
أما النظرية الثانية، وفقاً لما ذكره موقع “طقس العرب”، فإنّه سُمي بالأبيض نتيجة اتساعه، إذ تظهر مياهه فاتحة اللون كلون مياه المحيطات الكبيرة عند الإبحار فيه، أما عن كلمة المتوسط، فإنه بسبب توسطه بين قارات أوروبا شمالاً وقارتي إفريقيا وآسيا جنوباً وشرقاً.
بنية البحر الأبيض المتوسط الجيولوجيّة
يقع البحر الأبيض المتوسط بين قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا، مُحاطاً بالكامل بالبر بشكل كامل تقريباً، يحده من الشمال أوروبا، ومن الجنوب إفريقيا، ومن الشرق آسيا.
يندمج البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق الذي يفصل إفريقيا عن أوروبا.
تبلغ مساحة سطح البحر الأبيض المتوسط حوالي 2.5 مليون كيلومتر مربع.
ووفقاً لما ذكرته موسوعة العالم الجديد New World Encyclopedia يُطلَق في علم المحيطات، على البحر الأبيض المتوسط أحياناً اسم البحر الأبيض المتوسط الأوروبي الإفريقي أو البحر الأبيض المتوسط الأوروبي.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
إلى الشمال الشرقي، يرتبط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأسود عبر مضيق الدردنيل وبحر مرمرة، الذي غالباً ما يُعتبر جزءاً من البحر الأبيض المتوسط.
أما إلى الجنوب الشرقي يتصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق قناة السويس الاصطناعية.
دول البحر الأبيض المتوسط
شكَّل البحر الأبيض المتوسط طوال تاريخه البشري، حيزاً جغرافياً واحداً، من خلال تفاعل شعوبه وامتزاجها بفعل حركة الأمواج التي حملت السفن بين موانئه، فتشكلت حضارة مشتركة تجمع بين شماله وجنوبه وشرقه.
أما الدول المُطلة على البحر الأبيض المتوسط في الوقت الحالي فيطلَق عليها دول حوض المتوسط، وهي:
أوروبا: إسبانيا – فرنسا – موناكو – إيطاليا – سلوفينيا – كرواتيا – البوسنة والهرسك – الجبل الأسود – ألبانيا – اليونان، ويضاف إليها مقاطعة جبل طارق الإنكليزية.
آسيا: تركيا – سوريا – لبنان – فلسطين.
إفريقيا: مصر – ليبيا – تونس – الجزائر والمغرب.
وهناك الدولتان الجزيرتان: قبرص ومالطا.
تبلغ مساحة الدول المطلة على البحر المتوسط وشواطئه أكثر من 9 ملايين كلم2، ويزيد عدد سكانها على 470 مليون نسمة، وفقاً لإحصائية يعود تاريخها إلى العام 2008.
البحر الأبيض المتوسط عبر التاريخ
لطالما ارتبط اسم البحر المتوسط بتاريخ الحضارات الإنسانية، فهو لمكان هبوط الرسالات السماوية الموجودة إلى الشرق منه.
كما أن أقدم الحضارات الإنسانية قامت حوله، مثل البابلية والآشورية والمصرية والإغريقية، ثم الفارسية والرومانية فالإسلامية، وأخيراً الغربية.
أما فيما يتعلق بالتاريخ البشري للبحر المتوسط، فيرجّح كثير من المؤرخين أن يكون المصريون هم أصحاب أولى الحضارات التي قامت في حوض البحر المتوسط، وذلك ما قبل الألف الثالث قبل الميلاد، فقد حظي المصريون بحكومة وطنية منذ عام 3100 قبل الميلاد.
كذلك يعتقد بعض المؤرخين أن تكون الحضارة “المينوية” في جزيرة كريت، المسماة نسبة إلى مؤسسها الإمبراطور مينوس، وتعتبر من أقدم حضارات اليونان وأوروبا عموما وتعود إلى العصر البرونزي، هي أولى الحضارات الأوروبية في حوض المتوسط.
قبل أن تظهر الحضارات الأخرى مثل اليونانية التي تأثرت بالمصرية وأخذت عنها الكثير من الأفكار، سيما الفن والفلسفة وغيرها.
أما في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد بدأ الفينيقيون ينطلقون من سواحل المتوسط الشرقية تحديداً سوريا ولبنان، ليسيطروا على البحر المتوسط، حتى وصلوا إلى المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق.
في حين ظهرت الحضارة الرومانية فيما بعد، واستطاعت السيطرة على غالبية المناطق المحاذية للبحر المتوسط تقريبا ليطلقوا عليه اسم “بحر الروم”(Mare Nostrun).
ووفقاً لما ذكره موقع “الجزيرة نت” فإنّ البحر المتوسط اكتسب أهمية إستراتيجية كبيرة منذ فجر التاريخ، وظلت مضائقه (جبل طارق والبوسفور والدردنيل) موضع صراع بين الدول والأمم الساعية للسيطرة على العالم.
فكانت ممرات حيوية للجيوش وللهجرات عبر العالم، وهو ما يُفسر التنوع العرقي واللغوي والديني والثقافي والحضاري الهائل لحوض المتوسط، مما جعل مؤرخين وعلماء اجتماع يسمونه “مركز العالم”.
ومع اكتشاف العالم الجديد (الأمريكتين الشمالية والجنوبية) في نهاية القرن 15 الميلادي، زادت أهمية البحر المتوسط -رغم صغر مساحته- وصار “مركز العالم” بحق، خاصة مع ازدهار التجارة الدولية، لا سيما بعد إتمام حفر قناة السويس (عام 1869 ميلادي) التي ضمنت تواصلاً بحرياً بين البحرين المتوسط والأحمر.
ولا تزال أهمية المتوسط الإستراتيجية قائمة رغم تطور وسائل النقل وازدهار أرجاء العالم البعيدة مثل الأمريكتين وآسيا وأستراليا.
فأكثر من 30% من السفن الموجودة في بحار العالم تُبحر في حوض المتوسط و40% من حاملات النفط تمر عبره، بسبب جواره لمنطقة الشرق الأوسط التي تُصدر أكثر من 70% من النفط والغاز العالمي.