يواجه العراق أزمة جفاف خطيرة بسبب الشح الحاد في المياه وتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى جفاف العديد من البحيرات المائية، وانخفاض مستوى المياه في نهري دجلة والفرات، وآخرها اختفاء تام لبحيرة حمرين بمحافظة ديالى، وجفاف بحيرة ساوة بمحافظة المثنى، وسط تحذيرات من قبل الأمم المتحدة لمعالجة الملف المائي مع الجيران إيران وتركيا، بهدف السيطرة على أزمة انخفاض منسوب مياه الأنهار في العراق.
جفاف بحيرة ساوة في محافظة المثنى
أشارت وزارة الموارد المائية والبيئة لتحول بحيرة ساوة إلى أرض صحراوية قاحلة بسبب وجود أكثر من 1000 بئر غير قانوني تم حفره لأغراض زراعية دون موافقات من قبل الجهات المختصة، وباتت ضفاف “بحيرة ساوة” مليئة بالمخلفات البلاستيكية مع هيكلين حديديين أكلهما الصدأ لجسرين عائمين كانا يعلوان سطح البحيرة.
تواصل “عربي بوست” مع مدير قسم البيئة في محافظة المثنى يوسف سوادي وصرّح بدوره: “كل الهيئات الحكومية المعنية بملف المياه والبيئة والتصحر كانت تدرك جيداً أن بحيرة ساوة تتعرض لانخفاض في المياه منذ عام 2014، واستمر إهمال هذه البحيرة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وتصاعد مشاريع الاستثمار على ضفاف بحيرة ساوة الواقعة بمحافظة المثنى، جنوب العراق”.
كما أضاف سوادي بأن “هناك أسباب متعددة لجفاف بحيرة ساوة، وأبرزها شدة تغير المناخ والتهاب درجات الحرارة في محافظة المثنى الصحراوية التي تعاني كثيراً من الجفاف وشح الأمطار، علاوةً على تدخلات بشرية تضمنت حفر الآبار الارتوازية فوق المياه الجوفية التي كانت تغذي البحيرة، والتي حُفرت لإقامة مشاريع صناعية قريبة، خصوصاً تلك المتعلقة بالأسمنت والملح؛ ما حول البحيرة إلى أراضٍ جرداء”.
اختفاء بحيرة حمرين في ديالى
بحيرة عراقية أخرى كانت ضحية قلة المياه وشح الأمطار وضعف الإيرادات المائية، وهذه المرة بحيرة “حمرين” الواقعة في محافظة ديالى التي اختفت بالكامل وانهارت البساتين الزراعية حولها، ما أدى إلى هجرة سكان القرى والأرياف التي تسكن منذ مئات السنين حول البحيرة.
بهذا السياق صرّح مستشار وزارة الموارد المائية في العراق عون ذياب، وقال لموقع “عربي بوست”: بأن “بحيرة حمرين في ديالى خسرت أكثر من 97% من المياه خلال السنوات الثلاث الماضية بين أعوام 2019 – 2021، بسبب قلة مياه الأمطار، واستمرار حفر الآبار غير القانونية، بالإضافة لانخفاض خزين بحيرة حمرين لأكثر من ملياريْ متر مكعب من المياه”.
وتابع ذياب في تصريحه “من الضروري الإشارة إلى زيادة الكثافة السكانية حول بحيرة حمرين في السنوات الأخيرة، وتغير المناخ، وعدم وجود “حزام أخضر” من الأشجار، علاوةً على استمرار مشاريع بناء السدود وإهمال صيانتها وترميمها، وكل ذلك أدى إلى اختفاء بحيرة حمرين بالكامل”.
انخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات
الأمم المتحدة كانت تُحذر بشكل دوري من خطورة التغير في المناخ وأزمة شح المياه في العراق، وذكرت ذلك في مؤتمر صحفي سابق عُقد في العاصمة العراقية بغداد في منتصف 2022، فقد أعلن وقتها “سامي ديماس” المدير الإقليمي للأمم المتحدة في المؤتمر إلى “انخفاض حاد وخطير في منسوب نهري دجلة والفرات بنسب وصلت إلى 73%، في ظل ارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع بـ7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70% في المناطق الحضرية، ما أدى إلى تفاقم أزمة الجفاف واختفاء البحيرات العراقية.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وتعليقاً على ذلك، تحدثت مهندسة البيئة مريم صالح، في تصريح خاص لـ”عربي بوست” وقالت: “الحكومة العراقية ما زالت عاجزة عن إيجاد الحلول المستدامة لأزمة المياه، وما زالت خلافاتها قائمة مع إيران وتركيا، علاوةً على عدم امتلاك وزارتي الموارد المائية والبيئة ميزانيات مالية لإقامة مشاريع بديلة مثل إنشاء محطات التحلية، وحفر الآبار”.
وأكملت صالح بحسب تعبيرها: “الفساد المستشري في مؤسسات الدولة العراقية، كان سبباً مباشراً في أزمة المياه الحالية، لأنها لم تفكر بالكارثة حتى ظهورها على السطح، ولم تهتم بالسدود والروافد المائية، وفتحت المجال لتقديم تنازلات لدول الجوار مقابل الاستيراد والحصول على الإمدادات العسكرية، وكل تلك التنازلات غير المدروسة سمحت بتفاقم أزمة المياه والجفاف واختفاء العديد من البحيرات بمحافظات عدة في العراق”.
اقرأ ايضًا “اقتراب تحقق نبؤة الرسول محمد عن علامة من علامات الساعة: انحسار مياه دجلة في العراق يكشف مدينة أثرية والعيون تتجه نحو نهر الفرات” عبر الضغط هنا