كل شيء يباع ويشترى في الدنيا لابد أن يكون له سوق.. ولكن هل في الجنة أسواق؟!
لَقِيَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ!
فَقَالَ سَعِيدٌ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَوَفِيهَا سُوقٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”: “أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا وَنَزَلُوهَا بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، فَيُبْرِزُ لَهُمْ عَرْشَهُ، وَيَتَبَدَّى لَهُمْ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَيَضَعُ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وَمَنَابِرَ مِنْ يَاقُوتٍ، وَمَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَمَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنَابِرَ مِنْ فِضَّةٍ، وَيَجْلِسُ أَدْنَاهُمْ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ، مَا يَرَوْنَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَرَاسِيِّ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَجْلِسًا”
قمة النعيم في الجنة
أهل الجنة لا يعطون شيئاً فيها أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم جل وعلا، أخبرنا بذلك رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، فيما رواه مسلم في صحيحه عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
“إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ”
ومعنى يكشف الحجاب أي الحجاب المعنوي وليس الحجاب الذي يفصل بين الأجسام لأنَّ أهل الجنة يكونون بمكانهم بالجنة والله تعالى يكون بلا مكان ولا جهة، ورؤية الله الذي ليس كمثله شيء في الجنة مذكورة في القرآن العظيم في أكثر من أية ترغيباً للمؤمنين وتشويقاً لهذه النعمة العظمى وتكاثرت الأحاديث الصحية في اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة وفِي الْقُرْآنِ ذكرت صَرَاحَةً رؤية الله فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، وجوه أهل الجنة الموصوفة بالنضرة والحسن والسرور والنعومة وكل هذا لفرحهم برؤية ربهم الذي عبدوه الله لا يوصف بصفات الخلق ولا يتخيل بالذهن ولا يتصور في الوهم فلما يرونه يكتمل نعيم الجنة عليهم ويفرحون وأي فرح بالنظر إلى الله تعالى العظيم الجليل، وَسَمَاعُ كَلَامِهِ بالرضا عنهم ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ سُبْحَانَهُ وتعالى:(ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)، قَالَ جَابِرٌ وَأَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: “هُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ“. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم إثبات رؤية المؤمنين لربهم قوله صلى الله عليه وسلم:” إنكم سَتَرَونَ ربَّكُم يومَ القيامةِ كما ترونَ القمرَ ليلةَ البدرِ لا تَضامُّونَ في رؤيته”، أي لا تتزاحمون في رؤيته وذلك لأن رؤية الله لا تكونُ بالمقابلة والمواجهة إنما اللهُ يكشِفُ الحجاب عن أبصار المؤمنين أي يُعطي المؤمنين في أبصارهم قوةً يَرَوْنَ بها الله بلا جهة ولا مكان كما نبَّه على ذلك الإمام أبو حنيفةَ رضي الله عنه، فإنه قال: ولقاءُ اللهِ لأهل الجنة – أي رؤيتهم لله – بلا جهة ولا تشبيه ولا كيف حق. أنَّ اللهَ سبحانه لا يُشبهُ القمرَ حاشا وكلاَّ إنما النبيُّ صلى الله عليه وسلم شبَّه رؤيتنا لله من حيث عدم الشك برؤية القمر ليلة البدر ولم يشبه الله تعالى بالقمر، فكما أن مُبْصِرَ القمر ليلة البدر ليس دونه سحابٌ لا يَشُكُّ أن الذي رءاه هو القمر كذلك المؤمنون عندما يرون الله تعالى يرونه رؤيةً لا يكونُ عليهم فيها اشتباهٌ فلا يشكُّون هلِ الذي رأوْه اللهُ أو غيره، لأنهم يَرَوْنَ من ليس كمثله شيء، هذا معنى الحديث
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
السوق: هو مجمع الناس، حتى لا تقيسه أنت بسوق الدنيا سوق الخضار أو غيره، فمعنى كلمة السوق هو الذي يساق الناس إليه، أو يسوقون أنفسهم إلى هذا المكان فيجتمعون فيه.
قال: [حدثنا أبو عثمان -وهو سعيد بن عبد الجبار البصري – حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت -وهو ابن أسلم البناني – عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة لسوقاً)].
يعني: في الجنة سوق كما أن في الدنيا سوقاً، وهذا تشبيه للوجود بالوجود، كما أن الدنيا فيها أسواق موجودة فكذلك الجنة فيها سوق موجود، ولا يلزم من ذلك المماثلة والمشابهة
قال: [(إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة)].
ومعنى: يأتونها كل جمعة أي: في مقدار كل جمعة يأتونها الناس ويجتمعون فيها، فلا يجتمعون في يوم معين، وكلمة اليوم تطلق على النهار، وكلمة الليل تطلق على الليل، واليوم لا يشبه الليل والنهار وإنما هو مختص بالنهار فحسب، وفي مصنفات أهل العلم ذكروا بعض عناوين للكتب مثل: أذكار اليوم والليلة، وأعمال اليوم والليلة، فاليوم يطلق على النهار، وأنتم تعلمون أن الجنة لا شمس فيها، ولا زمهرير، ولا ليل، ولا نهار، وبالتالي لا يوم فيها، ولا ليل، وحينئذ نقول: يقدر الوقت بأسبوع يجتمع الناس في هذا السوق في الجنة.
وريح الشمال هي ريح كانت تأتي من جهة الشام على أهل المدينة محملة بالأمطار، وكان أهل المدينة يحبونها، وينتظرونها في فصولها المؤقتة لها كما تنتظر المرأة وليدها، وهي ريح طيبة، وخيرة، تسمى ريح الشمال، أو الريح الشموأل أو الشمأل أو الشمل، هكذا يسميها العرب.
قال: [(فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم)].
وطينة الجنة، وأرض الجنة، وحصباؤها من زعفران ومسك، فهذه الرياح تأتي من شمال الجنة فتأخذها من أرض الجنة على وجوه هؤلاء الناس.
قال: [(فيزدادون حسناً وجمالاً، فيرجعون إلى أهليهم -أي: نسائهم- وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً -يعني: أول ما خرجتم من هنا ورجعتم مرة أخرى ازددتم حسناً وجمالاً، فيرد الرجال على النساء- فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً)].
وفي هذا دليل أن هذه الرياح تعم جميع أهل الجنة من كانوا في الخيام والغرف، ومن كانوا في سوق الجنة