طالعتنا وكالات الأنباء بخبر حول طعن أحد الشباب للكاتب سلمان رشدي أثناء مشاركته في ندوة بالولايات المتحدة الأمريكية، ورغم أن التحقيقات الرسمية لم تعلن بعد عن أسباب ودوافع الحادث بشكل قطعي، فإن المرجح أنها محاولة اغتيال بسبب آرائه المعادية للإسلام، والتي كرس لها حياته وعمله في حقل الكتابة الأدبية منذ سبعينات القرن الماضي.
من هو سلمان رشدي؟
أحمد سلمان رشدي هو كاتب بريطاني كشميري الأصل، ولد عام 1947 لعائلة مسلمة، كما أنه ولد في الهند وتربى في مدارس الكاتدرائيات في الهند وبريطانيا، وتخرج في جامعة كامبريدج وامتهن الكتابة منذ تخرجه.
تعد الكتابة البوابة التي أدت به إلى الشهرة وتقلد أرفع الأوسمة والجوائز، حيث حصل على جائزة البوكر 1981، وانضم إلى عضوية الجمعية الملكية للأدب عام 1983، وهي أرفع منظمة بريطانية معنية بالأدب، وتقلد العديد من الأوسمة من مختلف الدول، لعل أرفعها كان حصوله على لقب فارس من ملكة بريطانيا عام 2007.
عاش رشدي في الولايات المتّحدة منذ عام 2000، كما حصل على لقب الكاتب المتميّز المقيم في معهد آرثر إل. كارتر للصحافة، ضمن جامعة نيويورك، في عام 2015، وانتخب عضواً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، وهو يشارك في العديد من الندوات والفعاليات الثقافية حتى محاولة اغتياله التي تمت أثناء مشاركته في إحدى الندوات.
لماذا سلمان رشدي؟
تعبر دائماً روايات رشدي عن النظرة الغربية للأمور، وذلك أثناء تناوله قضايا الدين أو السياسة أو مختلف القضايا الاجتماعية على حد سواء، كما يعمل دائماً على تجاوز حدود المقدسات الدينية أو الأعراف الاجتماعية، بما يجعله دائماً كاتباً مثيراً للجدل.
ولعل مسار النشر الخاص بالمؤلف يلقي بالضوء على إجابة هذا السؤال، حيث فازت ثاني رواية كتبها بجائزة البوكر عام 1980، وهي الرواية التي فصلها عن روايته الأولى خمس سنوات كاملة، وسبقت روايته المثرة للجدل (آيات شيطانية) بثماني سنوات، ومن المثير للاستغراب أن ينطلق كاتب في روايته الثانية لينال أعلى جائزة أدبية في مجال الرواية، وذلك رغم الانتقادات الكثيرة لمستوى الرواية الأدبي، والتساؤلات حول استمداد الشخصية الرئيسية للرواية الذي أثير أنه انعكاس للسيرة الذاتية للمؤلف.
جاءت رواية (آيات شيطانية) لتنقل رشدي إلى العالمية، حيث بنيت على الإساءة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما كان ذلك بأسلوب فج استخدم فيه الكاتب تفسيراً لبعض الأحاديث مختلفاً عن رؤية المسلمين لها، كما خلط الرواية التي عرضها في أجواء بها بعض الخيال بألفاظ خارجة وإشارات جنسية، وهو ما أدى إلى انتقادات شديدة وردود فعل قوية ضده في مختلف دول العالم الإسلامي.
كيف جاء الرد؟
اختلفت الردود التي واجهت رواية (الآيات الشيطانية) بين مظاهرات شعبية خرجت في مختلف دول العالم، ولعل أكثر ما حظي بتغطية إعلامية هو حرق آلاف النسخ من روايته في برادفورد بالمملكة المتحدة عام 1989، حيث بينت وجود اعتراضات شعبية لا تقتصر على الدول الإسلامية والمسلمين، بل امتدت لتصل إلى داخل القارة الأوروبية، كما شارك فيها أعضاء من اليمين واليسار البريطاني الذين رأوا أن الرواية تجاوزت حرية التعبير إلى النيْل من المقدسات ومعتقدات الآخرين.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
رشدي الذي صنعته الأضواء
كان من الممكن أن يظل رشدي كاتباً مغموراً مثل عشرات الكتاب المعبرين عن زاوية النظر الغربية في كتاباتهم، خاصةً أن كتاباته لا تتمتع بعمق أدبي يجعلها قابلة للانتشار من تلقاء نفسها بناء على جودة المنتج الأدبي، ويعتبر إخراجه إلى الأضواء عملية مشابهة لما حدث مع الشاعر السوري علي أحمد سعيد الشهير بـ(أدونيس) الذي لا يمكن بحال أن يرقى إنتاجه الأدبي إلى مستوى الشهرة التي وصل إليها، لولا الجدل الذي يثيره ويثار حوله باستمرار.
لهذا أدعي أن جانباً كبيراً من صناعة شخصية رشدي هو من الزخم الذي تلا روايته (آيات شيطانية)، والذي نقل اسمه من شخصية تسعى دوائر معينة إلى تسويقها عبر تقديمه في مختلف المحافل والزج باسمه في لجان متنوعة لإكساب اسمه ثقلاً لا تؤيده جودة الإنتاج ولا تفرد أسلوب التناول.