درجت العادة منذ قديم الزمان أن يجتمع المسلمون في الثاني عشر من شهر ربيع الأول على قراءة قصة المولد النبوي الشريف واقامة حلقات ذكر الله تعالى بالإضافة إلى التصدق واظهار الفرح بذكرى ولادة فخر الكائنات ونور الأنوار سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. إلى أن ظهرت فرقة منذ زمن قصير كان شغلها الشاغل إفشاء فتاوى بين المسلمين بأن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة يجب الابتعاد عنها وأنه لم يفعله أحدٌ من الصحابة ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان خيرًا لكان فعله أهل السلف.
ما يعنينا في هذه المقالة هو سبب هذا المنع, بل الأخطر من السبب هو تقاطع اجندة هؤلاء وتاريخهم وفعلهم مع ما فعله المستعمر الغربي عندما احتل اجزاءً كبيرة من القطر العربي والإسلامي وذلك كان قبل ظهور الدين الوهابي الذي نشر تحريم مثل هذه الأمر تحت دعوى أنه بدعة ضلالة.
في هذا السياق, ننشر ما نشرته مجلة ” الفتح ” المصرية بعددها 555 الصادر سنة 1356 للهجرة (أي منذ حوالي ثمانين سنة) تحت عنوان: (منع الاحتفال بالمولد النبوي في المغرب الاقصى), ما نصه: ” أغرب وأدهش حادث سمع الناس بوقوعه تحت ظل الاستعمار الاوروبي منع السلطة في المغرب الأقصى المسلمين من الاحتفال بذكرى مولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فأخرجت المصلين من المساجد ووضعت الحرس على أبواب بعض المنازل التي كانت مظنة إقامة الحفلات فيها
الملفت للانتباه هاهنا أمران, أولهما فتوى الدواعش في استحسان الاحتفال بمولد مؤسس طائفتهم المدعو “محمد بن عبدالوهاب”. ففي كتاب مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (وهو احد اعمدة الدين الوهابي الداعي إلى نبذ الاحتفال بالمولد النبوي) المجلد السادس عشر – باب صلاة العيدين يجيز للناس الاحتفال بمولد سيد طائفتهم محمد عبد الوهاب اسبوعًا كاملًا ويُثاب عندهم من أظهر الفرح والسرور بولادة محمد بن عبد الوهاب. لكن المفاجأة أتت من محاضرة القاها تحت عنوان “بدعية الاحتفال بالمولد النبوي” قال فيها ما نصه: الاحتفال بالمولد بدعة ومحرم
هذا قاسم مشترك بين اجندتين تختلفان في المظهر وتتطابقان في المضمون, ويؤيّد هذا أنه لم يٌذكر لا قديمًا ولا حديثًا ان افتت فرقة بحرمة هذا الفعل ولو كان الأمر بدعة لكان حاربه علماء أهل السنة والجماعة منذ ظهوره. بل نجد الأزهر الشريف قبل أكثر من 70 عامًا على لسان شيخ الجامع الازهر العلامة محمد الخضر حسين يجيب عن سؤال السائل عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ودعوى الطائفة الوهابية بتكفير فاعله بما يلي:
“إن المولد إذا خلا من المنكرات كان بدعة حسنة بل مطلوبًا بإظهار السرور بمولد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أما إذا اشتمل على شيء من المنكرات فإن منع المنكرات واجب.. أما أن ذلك إشراك، فإن هذا القول من تغالي هذه الطائفة التي تعودت أن تبالغ في كلامها وإرشادها وينبغي نبذهم واتباع العلماء العاملين” انتهى”
ولزيادة الشعر بيتًا, نورد مقالة رئيس هيئة المدرسين بالمسجد الحرام في مدرسة دار العلوم الدينية في مكة المكرمة الشيخ محمد علي بن حسين المالكي المكي ( المتوفى سنة 1367 ھ) حيث وافق ونقل كلام الإمام أبي شامة -شيخ النووي- مُقرًا له في قوله: “ومن أحسن البدع ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مع ما فيه من الاحسان إلى الفقراء مُشعر بمحبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
هذا ولم نورد اقوال بل اسماء كتب بحالها لأئمة أهل السنة والجماعة المعتبرين الذين استحسنوا وشجعوا هذا العمل كالإمام السيوطي والقاضي عياض وابن حجر العسقلاني في هذا الأمر لضيق المقام.
وفي نهاية المقال تحضرنا مقولة أحدهم “من فرح بالنبي, فرح النبي به”