على مدار عقدي الثمانينيات والتسعينيات، شهدت صناعة أغاني البوب تطوراً كبيراً في العالم الغربي. على رأس هذا التطور كانت مجموعة من المغنين، الذين غيّروا شكل هذه الصناعة وجعلوها أكثر انتشاراً حول العالم.
ومن أبرز هؤلاء الذين كانوا على قمة هرم صناعة البوب، شينيد أوكونور، بطلة قصتنا المثيرة بكل تفاصيلها؛ تلك النجمة التي عاشت تحولات جذرية مختلفة على مدار حياتها، من كاهنة إلى مسلمة ثم محجبة.
شينيد أوكونور.. من التشرّد إلى الشهرة العالمية
في دبلن عاصمة أيرلندا، وُلدت شينيد أوكونور يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 1966، ضمن أسرةٍ كاثوليكية مفكَّكة. انفصل والداها وهي في الثامنة من العمر، فبقيت مع والدتها التي كانت تعاملها بشكلٍ بالغ السوء، ما أثر على شخصيتها وجعلها تعاني من اضطراباتٍ نفسية.
في سن الخامسة عشرة، اعتادت شينيد السرقة وكانت تشارك في عملياتٍ مختلفة وتتغيّب كثيراً عن المدرسة. ووفقاً لصحيفة The Sun البريطانية، أُدخلت بسبب ذلك إلى مصحة نفسية لمدة 18 شهراً، لتكتشف في فترة مكوثها مدى حبّها للغناء، وهو الأمر الذي رسم ملامحها الأولى في عالم الغناء.
في العام 1984 اكتشف المنتج والملحن الموسيقي كولم فاريلي موهبة شينيد، وتبناها. لكن وفاة والدتها في العام التالي بحادث سير أجبرتها على ترك دبلن والانتقال إلى لندن، لتعمل مع فاكتنا أوكالا -مدير فرقة U2 الموسيقية- الذي أنتج أول ألبومٍ غنائي لها.
من ثوب الكهنوت إلى حجاب الرأس
ارتدت شينيد أوكونور ثوب الكهنوت مع الصليب في حفلاتها على المسرح، وتضمنت أغنياتها معاني مقتبسة من الإنجيل المحرف. تجلّى ذلك في ألبوم “الإيمان والشجاعة” الذي صدر في العام 2000، وفي “الألبوم اللاهوتي” عام 2007، بعدما استوحت أغنياته من مزامير العهد القديم.
وفي مقابلة مع موقع Cross Rhythms، قالت شينيد: “أياً كان ما يمكنني قوله عن الدين، فأنا في الواقع أحب الدين، لذا إذا قمت بنقده، فهذا ليس معناه من وجهة نظري عدم الإعجاب به”.
في تحوّلٍ مذهل، أثارت شينيد جدلاً واسعاً في العام 1992، عندما مزقت صورة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني وقالت له: “حارب العدو الحقيقي”. حدث ذلك خلال عرضٍ لها في برنامج Saturday Night Live الشهير، تعبيراً عن احتجاجها على تعرّض الأطفال لاعتداءاتٍ جنسية من قِبل كهنة الكنيسة الكاثوليكية.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وهكذا أصبحت شينيد منذ ذلك الوقت “المغنية الاحتجاجية” التي ساندت العديد من القضايا الاجتماعية، أبرزها انتهاكات الشرطة. حينها، رفعت صورةً لطفلٍ برازيلي قتلته الشرطة، في أثناء تصوير فيلم “الحرب” لبوب مارلي التي شاركت فيه.
بالوصول إلى هذه المرحلة من حياتها، كانت شينيد تعاني من اضطرابات كبرى في حياتها، فلجأت إلى دراسة ما سمّوه باللاهوت بحثاً عن السلام الداخلي. وحين قرأت القرآن، تغيّر كل شيء.
تقول شينيد أوكونور معبرةً عن تلك الرحلة، التي أمضتها في قراءة كتب الأديان المختلفة ودراستها: “كل دراسة للكتب تؤدي إلى الإسلام، مما يجعل جميع الكتب المقدسة الأخرى زائدة على الحاجة”.
دراسة القرآن و”الرجوع” إلى الإسلام
عن عمر يناهز الـ51 عاماً، أعلنت شينيد أوكونور أنها اعتنقت الإسلام في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وغيّرت اسمها إلى شهداء.
وبعد بضع سنوات من الابتعاد عن الأضواء، عادت “شهداء” لتعلن عبر تويتر أنها قد أسلمت مرتديةً الحجاب، لتظهر فيما بعد في البرنامج الأيرلندي “The Late Late Show” معلنةً “رجوعها” إلى الإسلام.
ورداً على سؤال محاور البرنامج عن مقصدها بعبارة “رجوعها إلى الإسلام”، قالت إن كلمة “رجوع” تشير إلى فكرة أنه إذا قمت بدراسة القرآن، فستدرك “أنك كنتَ مسلماً طوال حياتك، إلا أنك لم تدرك ذلك. وهذا ما حدث لي”.
وعن الحجاب الذي قررت أن ترتديه، قالت شينيد: “بالنسبة لي، الحجاب هو تعريف عن انتماء, عندما كنت أرتدي الصليب كان تعريفًا، والحجاب هو تعريف عن النفس على أني مسلمة، وجزء من عائلة كبيرة”. وقالت إن قرارها كان “النتيجة الطبيعية لرحلة أي رجل دين ذكي”، كما رفعت شينيد مقطع فيديو لنفسها وهي تؤدي الأذان.