قبل عدة سنوات اطلقت دار الافتاء المصرية منتدى الكتروني بعنوان “الإرهاب تحت المجهر” والذي يهدف في المقام الأول للتحذير من خطر الإرهاب المذموم وتسليط الضوء على منهجيته وكيفية استدراج الشباب اليه. والدار تعرّف هذه المبادرة كالتالي: كيف نواجه التنظيمات الإرهابية ونقضي عليها وكيف نحصن أبنائنا من الوقوع في براثن التطرف. واضافت: “لمواجهة شيء ما لابد من معرفة ماهيته وتاريخه لكي يتم التصدي له بشكل صحيح ومن خلال هذه الصفحة سيتم نشر معلومات عن التنظيمات الإرهابية”
انطلقت هذه المبادرة من مبدأ ان التحذير من الشيء يجب ان يكون بمواجهته وتتبع اصوله ومنشأه. اللافت في الموضوع انه بالرغم من انطلاق هذه المبادرة منذ زمن طويل, لم يتم التطرق إلى موضوع الحركة الوهابية التي ينتمي اليها كل التنظيمات الارهابية التي عاثت في البلاد تفجيرًا وتكفيرًا, فكانت المفاجأة قبل ايام بإصدارها تعريفًا عن الحركة الوهابية حيث قالت ما نصه:
من هم الوهابية؟ وهل هم خوارج؟
الوهابية فرقة إسلامية ظهرت في منطقة نَجْد بشبه الجزيرة العربية على يد مؤسسها محمد بن عبد الوهاب (1703م – 1792م) وإليه نسبتها. ودعت الوهابية إلى أمور خالفت فيها علماء وأئمة أهل السنَّة والجماعة، ومن أشهر تلك الأمور: اعتقادهم ان الله يسكن السماء وانه جسم كالبشر, وعدم جواز بناء المساجد وفي جانبها قبور الصالحين، وعدم جواز الصلاة في تلك المساجد، وحرمة بناء القباب على القبور، وحرمة الاستغاثة بالأنبياء والصالحين المنتقلين، وحرمة التبرك بهم، وعدم جواز التوسُّل بهم لله عزَّ وجلَّ، وأن فاعل ذلك واقع في الشرك الأكبر، وهذه الأخيرة هي من أشذ ما قالوه، حيث حكموا بسبب تلك المقولة على خلق كثير من المسلمين بالكفر، بل حكموا على جمهور العلماء والصالحين كذلك؛ لأنهم أجازوا كل ما سبق، ولعل هذا من أسباب تشبيههم بالخوارج، الذين كانوا يكفِّرون عموم الأمة بأمور ليست
مكفرة، فيقولون: مرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار
كيف تعامل علماء المسلمين مع الوهابية؟
فنَّد علماء أهل السنَّة شُبَه الوهابية منذ عهد نشأتها إلى يومنا الحاضر، تلك الشُّبَه التي انفرد الوهابية بالعديد منها عن سائر أهل السنَّة والجماعة، مثل: تحريم التوسل والاستغاثة وإبطال الصلاة في مساجد الأضرحة والتوسع في مفهوم البدعة والتساهل في قضايا التكفير واتهام الناس بالشرك، وتنزيل الفروع الفقهية منزلة الأصول الاعتقادية. وكانت ردود العلماء عليهم وَفق أصول أهل السنَّة عبر كل الوسائل المتاحة: من درس وخطبة، أو مقال في صحيفة أو مجلة، أو فصل في طيَّات كتاب، بل حتى مؤلفات ورسائل مستقلة ألِّفِت رأسًا في الرد عليهم، ثم في العصر الحديث عبر المنشورات والحلقات السمعية والمرئية عبر موجات الأثير والتلفاز وعلى مختلف المواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي، بل عبر التطبيقات على الهواتف الذكية، بحيث يسهل الوصول لأكبر عدد من عموم الناس بكافة الطرق الممكنة. وكان العمل من خلال هذه الوسائل عملًا متوازيًا، فلم يعطِّلِ العملُ عبر وسيلة منها العملَ عبر وسيلة أخرى. كما اجتهد العلماء في نشر العلم بمنهجه الصحيح المتوارث من لَدُن القرون الخيرية الأولى وحتى العصر الحالي، وكلُّ ذلك كان مع العمل على جمع الكلمة وعدم تفريق كلمة المسلمين؛ رجاءَ أن ينجي الله الأمَّة من الفتن ومن كلِّ شرٍّ وسوء.
هل داعش كيان إرهابي (مُرجف)؟
الكيان المعروف باسم (داعش) ليس من الإرهابيين (المرجفين) وحسب، بل هو رمز صريح، ومثال صارخ لمن تحقق فيه هذا الوصف غاية التحقق، فمن يكون إرهابيًّا إن لم تكن «داعش» جماعة إرهابية؟! وقد تواترت الأخبار، وتكاثرت الحوادث، وتوافرت الكتابات التي هي من تأليفهم، وكتبوها بأنفسهم ولم تكتب عليهم، التي تقطع ولا تدع أيَّ مجال للشكِّ بأن هؤلاء أحق من يوصف بالإرهاب والإرجاف في هذا الزمان. فقد كفَّروا المسلمين، واستحلوا دماءهم وسفكوها، وهتكوا أعراضهم، وسلبوا أموالهم، ولأن الديار التي لم تخضع لهم هي ديار كفر -على حدِّ زعمهم- أوجبوا على من اعتقد بمعتقدهم الهجرة إلى الأرض التي يسيطرون عليها!
وكأن رسول الله ﷺ يصفهم إذ قال: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ» [متفق عليه]