Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:
فإننا نعيش في زمانٍ كثرت فيه الفتن، ومن أخطر هذه الفتن: ظهور طائفة من الناس في الدول الإسلامية ينكرون وجود الله تعالى، ويسندون ما يحدث في هذا الكون إلى الطبيعة، أو إلى الصدفة، ويجهرون بذكر أدلتهم الواهية الباطلة على إنكار وجود الخالق العظيم في وسائل الإعلام، مستغلِّين ضعفَ عقيدة توحيد الله تعالى عند بعض المسلمين.
لقد رأى الملحدون الكثيرَ من آيات الله تعالى في الكون، وفي أنفسهم؛ من إحكامٍ ودقة في الخَلق؛ ما يشهد بوجوده، وأنه هو الخالق الحكيم؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53]، ولكنهم آثروا الإنكار والجحود، مع يقينهم بوجود هذا الخالق العظيم؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [النمل: 14]، فكان ذلك الجحود والإنكار نتيجة كِبرهم واستعلائهم، وسيطرة أهوائهم وشهواتهم على عقولهم وأفعالهم.
إننا لنعجَب ممن تجرأ على الله تعالى، وأنكر وجوده، بل وصار مبارزًا ومحاربًا له سبحانه بدعوته إلى مثل ذلك الاعتقاد الفاسد، ولو نظر ذلك الجاحد لوجود الله تعالى في نفسه، لعلم ضعف قوته، وحاجته إلى خالقه سبحانه، وخاصة وقت مرضه؛ من أجل ذلك أصبح من الواجب على أهل العلم التصدي، بكل قوة وحزم، لهذه الفرقة الضالة من الملحدين، الذين يريدون أن يشككوا المسلمين في عقيدتهم، وقد قمت في هذه الرسالة بالرد على الملحدين، الذين ينكرون وجود الله تعالى، بطريقة وأدلة عقلية علمية، أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
تعريف الإلحاد:
الإلحاد: يعني إنكار وجود الله تعالى، والقول بأن هذا الكون وُجِد صدفة، وبلا خالق، وأن المادة أزلية أبدية، وتغيرات الكون قد تمت بالمصادفة، أو بمقتضى طبيعة المادة وقوانينها، وسينتهي الكون كما بدأ، ولا توجد حياة بعد الموت؛ (الموسوعة الميسرة في الأديان جـ2 صـ803).
ويطلِق القرآن الكريم على المنكرين لوجود الله تعالى اسم (الدَّهْريَّة)، وفيهم قال الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24].
قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يخبر تعالى عن قول الدَّهريَّة من الكفار ومَن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا ﴾ [الجاثية: 24]؛ أي: ما ثَم إلا هذه الدار، يموت قومٌ ويعيش آخرون، وما ثَم معادٌ ولا قيامةٌ، وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون للمعاد، ويقوله الفلاسفة الإلهيون منهم، وهم ينكرون البداءة والرجعة، ويقوله الفلاسفة الدَّهريَّة الدورية المنكرون للصانع، المعتقدون أن في كل ستةٍ وثلاثين ألف سنةٍ يعود كل شيءٍ إلى ما كان عليه، وزعموا أن هذا قد تكرر مراتٍ لا تتناهى، فكابَروا المعقول، وكذبوا المنقول؛ ولهذا قالوا: ﴿ وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ﴾ [الجاثية: 24]، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24]؛ أي: يتوهَّمون ويتخيَّلون؛ (تفسير ابن كثير جـ 12 صـ 363).
الرد على الملحدين:
سوف نذكر بعض الحقائق العلمية الموجودة في هذا الكون لنرد بها على الذين ينكرون وجود الله تعالى، فنقول وبالله تعالى التوفيق:
(1) الماء واحد والأرض واحدة والنبات مختلف:
نقول للذين ينكرون وجود الله تعالى: انظروا أيها العقلاء: ينزل المطر من السماء على الأرض، فيخرج منها أقوات وثمرات، مختلفة الألوان والطعوم والروائح، يعيش الإنسان عليها، وتخرج من الأرض أيضًا أعشابٌ وحشائش متنوعة تعيش عليها سائر الحيوانات.
(تفسير الرازي جـ3 صـ476).
نسألكم أيها العقلاء: هل الطبيعة هي التي جعلت الماء واحدًا والأرض واحدة والنباتات مختلفة الألوان والطعوم والروائح، أم أن هذه الأشياء أوجدت نفسها بنفسها؟!
نريد منكم جوابًا وكلمة حقٍّ، إن كنتم منصفين.
إن اختلاف النباتات في اللون والطعم والرائحة دليلٌ واضحٌ على وجود إله عظيمٍ، خالقٍ لهذا الكون، مستحقٍّ للعبادة وحده.
وصدق الخالقُ العظيم حيث يقول في كتابه العزيز: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 10، 11].
وقال سبحانه: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الرعد: 4].
(2) مراحل نمو الجنين في بطن أمه:
أثبَت علماء الطب الحديث أن تكوين الجنين في بطن أمه يمر بعدة مراحل متتابعة، بانتظام دقيق: فيكون أولًا نطفة، ثم تتحول إلى علقة، ثم تتحول إلى مضغة، تامة الخلقة أو غير تامة الخلقة، ثم تتكون بعد ذلك العظام، ثم تغطى باللحم حتى بدايات الحركة والحياة قبل الخروج إلى العالم؛ (كشاف الإعجاز العلمي للدكتور/ نبيل هارون صـ19: صـ20).
نقول للمنكرين لوجود الله تعالى:
هل الطبيعة أو الصدفة هي التي جعلت الجنين في بطن أمه يمر بهذه المراحل المختلفة قبل خروجه إلى الدنيا؟!
إن ثبوت هذه الحقيقة العلمية الباهرة دليلٌ واضحٌ لعقلاء العلماء الذين يعترفون بوجود خالق عظيم لهذا الكون.
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ﴾ [الحج: 5].
(3) أغشية الجنين:
نقول للمنكرين لوجود الله تعالى:
أثبت علماء الطب الحديث أن الجنين في بطن أمة محاطٌ بثلاثة أغشية، وهذه الأغشية تظهر بالعين المجرد كأنها غشاء واحد، وهذه الأغشية هي التي تسمى: (1) المنباري، (2) الخوربون (3) الفائضي؛ (التبيان ـ للصابوني صـ 132: 131).
وبعد ثبوت هذه الحقيقة العلمية، نسأل الملحدين: هل الطبيعة أو الصدفة هي التي أحاطت الجنين بهذه الأغشية الثلاث؟!
إن العقلاء من العلماء يقولون: لا، إن وجود هذه الأغشية الثلاث حول الجنين دليلٌ واضحٌ على وجود الخالق العظيم، الذي خلَق كل شيء بحكمة بالغة.
قال سبحانه: ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ﴾ [الزمر: 6].
(4) رؤية الله تعالى:
يقول المنكر لوجود الله تعالى: إذا كان الله موجودًا، فلماذا لا نراه كما نرى الشمسَ والقمر والجبال والبحار وغيرها؟!
ونحن نسأل هذا الملحد: هل لك رُوحٌ في جسدك، وعقل في رأسك؟! فلا بد للملحد أن يقول: نعم، إن لي رُوحًا في بدني، وعقلًا في رأسي، فإن كان هكذا، فهل رأيتَ رُوحك وعقلك؟ فسوف يقول: لا.
فهذا الملحد قد أقرَّ بوجود ما لم يرَه، واعترف بثبوت ما لم يشاهِدْه، وإنما أقر واعترف بوجود الروح والعقل؛ لظهور أثرهما، فإن كان الأمر هكذا، فلا بد له أن يعترف بوجود الله؛ لأن كل المخلوقات الموجودة في هذا الكون مِن آثار قدرته سبحانه، ودلائل عِلمه وحكمته.
إذا لم يستطِعْ هذا الإنسان الجاحد لوجود الله تعالى رؤيةَ رُوحه التي في جسده، فكيف يستطيع أن يرى الله تعالى الذي خلق هذه الرُّوح.
(5) لكل إنسان رائحة خاصة به:
أثبت الطب الحديث أن لكل إنسان رائحة خاصة به تميزه عن غيره من سائر البشر، من أجل ذلك تستخدم الشرطة الكلاب البوليسية في تعقُّب المجرمين.
نسألكم أيها الملحدون:
هل الطبيعة أو الصدفة هي التي جعلت لكل إنسان، من مليارات البشر، رائحةً خاصة به، بحيث لا تشبه رائحة إنسانٍ آخر؟!
ننتظر منكم جوابًا، فإن قلتم: نعم، الطبيعة هي التي جعلت لكل إنسان رائحة خاصة به.
قلنا لكم: لماذا لا تتكلم الطبيعة وتعلن أنها هي التي فعلت ذلك؟!
لقد أثبت القرآن الكريم هذه الحقيقة العلمية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، وقد جعل سبحانه معرفة هذه الحقيقة كرامةً اختَصَّ بها نبيَّه يعقوب صلى الله عليه وسلم؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾ [يوسف: 94].
(كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ 31).
(6) لكل إنسان بصمات أصابع خاصة به:
يا من تنكرون وجود الله تعالى وتصدِّقون الاكتشافات العلمية، نقول لكم:
أثبت العلم الحديث عدم تشابُهِ بصمات إنسان مع بصمات إنسان آخر؛ ولذا فقد استخدمت الشرطة هذه البصمات في الكشف عن المجرمين؛ (التبيان للصابوني صـ 133: 132).
نسألكم يا من تنكرون وجود الله تعالى: هل الطبيعة أو الصدفة هي التي جعلت لكل إنسان، من مليارات البشر، بصمات لأصابعه خاصة به، بحيث لا تشبه بصمات إنسانٍ آخر؟! لماذا لا تتكلم الطبيعة وتعلن أنها هي التي فعلت ذلك؟!
إن عدم تشابه بصمات إنسان مع بصمات إنسان آخر دليلٌ واضح لكلِّ إنسانٍ عاقل على وجود خالقٍ عظيمٍ لهذا الإنسان.
وصدق الله تعالى حيث يقول في كتابه العزيز: ﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ [القيامة: 4].
(7) الحيوان المنوي الذي يتكون منه الإنسان:
نقول للذين ينكرون وجود الله تعالى: إنكم تصدِّقون الاكتشافات العلمية، ولا شك في ذلك.
فنقول – وبالله تعالى التوفيق -: اكتشَف الطب الحديث أن هذا السائل من منيِّ الإنسان يحوي حيوانات صغيرة تسمى (الحيوانات المنوية)، وهي لا ترى بالعين المجردة، إنما ترى بالمجهر، وكل حيوان منها له رأس ورقبة وذيل، يشبه دودة العلق في شكلها ورسمها، وأن هذا الحيوان يختلط بالبويضة الأنثوية فيلقحها، فإذا ما تم اللقاح انطبق عنق الرحم فلم يدخل شيء بعده إلى الرحم، وأما بقية الحيوانات فتموت.
(التبيان في علوم القرآن للصابوني صـ132).
نسأل الذين ينكرون وجود الله تعالى: هل الطبيعة هي التي جعلت الحيوان المنوي يشبه العلق في الشكل والرسم؟!
لماذا لم تتكلم الطبيعة وتقُلْ: أنا التي فعلت ذلك؟!
إن وجود الحيوان المنوي، على هذه الصورة، لا يمكن أن يوجد صدفة، وإنما هو دليلٌ على وجود خالقٍ عظيمٍ قادرٍ على صُنع ذلك.
قال جل شأنه: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ [العلق: 1، 2].
وقال سبحانه: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الواقعة: 58، 59].
قال الإمام القرطبي (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ﴾ [الواقعة: 58]؛ أي: ما تصبُّونه من المنيِّ في أرحام النساء، ﴿ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ ﴾ [الواقعة: 59]؛ أي: تصوِّرون منه الإنسان، ﴿ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الواقعة: 59] المقدِّرون المصوِّرون؛ (تفسير القرطبي جـ17 صـ216).
(8) البعوضة:
نقول للذين ينكرون وجود الله تعالى:
اكتشف العلماء أن البعوضة لها مائة عین في رأسها، ولها في فمها ثمانية وأربعون سنَّة، ولها ثلاثة قلوب في جوفها بكل أقسامها، ولها ستة سكاكین في خرطومها، ولكل واحدة وظیفتها، ولها ثلاثة أجنحة في كل طرف، ومزودة بجهاز حراري يعمل مثل نظام الأشعة تحت الحمراء، وظیفته أن یعكس للبعوضة لون الجلد البشري في الظلمة إلى لون بنفسجي حتى تراه، والبعوضة مزودة أيضًا بجهاز تخدیر موضعي یساعدها على غرز إبرتها دون أن یحس الإنسان، وما یحس به الإنسان كالقَرْصة هو نتیجة مص الدم منه، والبعوضة مزودة أيضًا بجهاز تحلیل دم؛ فهي لا تستسیغ كل الدماء، ومزودة بجهاز لتمییع الدم حتى یسري في خرطومها الدقیق جدًّا، ومزودة بجهاز للشم تستطیع البعوضة من خلاله شم رائحة عرق الإنسان من مسافة تصل إلى كیلومتر؛ (موسوعة الرد على الملحدين ـ الدكتور هيثم طلعت ـ جـ1 سرور صـ60).
وهنا سؤال للملحدين الذين ينكرون وجود الله تعالى:
هل الطبيعة هي التي وضعت هذه الأجهزة داخل البعوضة؟!
فإذا أجبتم بـ: نعم، قلنا لكم: لماذا لم تخبرنا الطبيعة بذلك؟!
إن عقلاء العلماء يقولون: إن وجود هذه الأجهزة بهذه الطريقة الدقيقة، داخل هذه الحشرة الصغيرة، دليلٌ واضحٌ على وجود خالقٍ، حكيمٍ عظيمٍ، لهذا الكون الكبير.
وصدق الله تعالى حيث يقول في كتابه الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 73، 74].
(9) الماء المالح لا يختلط بالماء العَذْب:
قال الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴾ [الفرقان: 53].
نقول للذين ينكرون وجود الله تعالى: أنتم تصدقون الاكتشافات العلمية؟ سيقولون: نعم.
فنقول لهم: أثبت العلم الحديث استحالة اختلاط ماء البحر بماء النهر، وإلا كان مِلحًا أُجاجًا؛ وذلك بفضل خاصية الانتشار الغشائي (الأسموزي)، التي تدفع جزيئات الماء العذب إلى الانتشار داخل الماء المالح، وليس العكس، عبر السطح الفاصل بينهما (الحاجز أو البرزخ)، وفي هذا الصدد أيضًا تجدر الإشارة إلى معجزة بقاء ماء البحار والمحيطات دون تجمُّد؛ إذ يطفو الثلج المتجمد فوقها ليحفظ بقية الماء من التجمد، ويحفظ حياة الأسماك والأحياء البحرية، ولتستمر الملاحة فيه، ويرجع ذلك لخاصيةٍ وهَبها الله الماء دون سائر المواد الأخرى، إن كثافته تقل (لا تزيد كغيره) بالتجمُّد؛ (كثافة الثلج أقل من كثافة الماء السائل).
(كشاف الإعجاز العلمي للدكتور/ نبيل هارون صـ63، صـ64).
نقول للذين ينكرون وجود الله تعالى: هل الطبيعة هي التي فعلت ذلك؟!
لماذا لم تتكلم الطبيعة وتقُلْ: أنا التي منعت اختلاط ماء البحر المالح بماء النهر العَذْب؟!
سبحان الله! هذا الاكتشاف العلمي دليلٌ على وجود إلهٍ عظيمٍ قديرٍ خلَق ذلك الكون بحكمة بالغة.
(10) عسل النحل:
قال الله تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 68، 69].
النحل تتغذَّى على الأزهار، ويخرج من بطونها العسل، وهذا العسل الذي يخرج من بطون النحل يعتبر طعامًا ودواءً شافيًا، وهو مختلف الألوان، منه الأبيض والأصفر، والأحمر والأسود، وغير ذلك، بإثباتات علمية باتفاق العلماء جميعهم.
نسأل الذين ينكرون وجود الله تعالى سؤالًا: هل الطبيعة هي التي فعلت ذلك؟ وإذا كانت الإجابة بـ: نعم، نقول: هل يمكن أن يشارك الإنسان النحل فيأكل نفس الأزهار لينتج العسل؟ هل الصدفة هي التي فعلت ذلك؟
العقل السليم لا بد أن يعترف بوجود إله عظيم خلق المصانع والمصافي في بطون النحل؛ ليخرج من بطونها العسل الشافي الصافي.
(11) لبن الحيوانات:
قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66].
قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يقول تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ ﴾ أيها الناس ﴿ فِي الْأَنْعَامِ ﴾ وهي: الإبل والبقر والغنم، ﴿ لَعِبْرَةً ﴾؛ أي: لآيةً ودلالةً على قدرة خالقها وحكمته ولُطفِه ورحمته، ﴿ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ ﴾ وأفرد ها هنا الضمير عَوْدًا على معنى النَّعَم، أو الضمير عائدٌ على الحيوان؛ فإن الأنعام حيواناتٌ؛ أي: نسقيكم مما في بطن هذا الحيوان، وفي الآية الأخرى: ﴿ مِمَّا فِي بُطُونِهَا ﴾ [المؤمنون: 21]، ويجوز هذا وهذا.
وقوله: ﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا ﴾؛ أي: يتخلَّص الدمُ بياضه وطعمه وحلاوته من بين فرثٍ ودمٍ في باطن الحيوان، فيسري كلٌّ إلى موطنه، إذا نضج الغذاء في معدته، تصرف منه دمٌ إلى العروق، ولبنٌ إلى الضرع، وبولٌ إلى المثانة، ورَوثٌ إلى المخرج، وكل منها لا يشوب الآخر ولا يمازِجُه بعد انفصاله عنه، ولا يتغير به، وقوله: ﴿ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾؛ أي: لا يغَصُّ به أحدٌ؛ (تفسير ابن كثير جـ4 صـ580).
نسأل الذين ينكرون وجود الله تعالى:
مَن الذي خلق هذه المصفاة في بطون الإبل والأبقار والأغنام والماعز؟! هل هي الطبيعة أم الصدفة؟! ونحن نعلم أن الطبيعة لا ترى ولا تسمع ولا تنطق، وأنها ميتة، وإذا كانت غير ذلك لماذا لم تتكلم وتقُلْ: أنا خلقتُكم؟!
(12) سقف المنزل والأعمدة:
نقول للملحدين الذين ينكرون وجود الله تعالى:
أليس سقفُ المنزل يدل على وجود أعمدة أو قواعد في علم الهندسة المعمارية؟ سيقولون: نعم، فنسألهم السؤال التالي:
من الذي رفع السماء بدون أعمدة؟ هل الطبيعة أو الصدفة؟ ولماذا يُبنَى سقف المنزل بالأعمدة؟ أليس كما تقولون بالطبيعة أو الصدفة؟! إذا كان كذلك، يجب أن يكون السقف بلا أعمدة مثل السماء، أو تكون السماء بأعمدة مثل السقف، ولكن السماء بدون أعمدة.
فنقول للملحدين: الله تعالى هو الذي رفع السماء بقدرته من غير أعمدة، كما ترونها.
قال سبحانه: ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد: 2].
(13) الكهرباء:
الكهرباء غير ملموسة ولا محسوسة، ولا يمكن رؤيتها، وضوء المصابيح يدل على وجود الكهرباء، وكل الأشياء التي تعمل بالكهرباء تدل عليها، وإذا لمسها الإنسان تعرَّض لصدمة كهربائية.
نسأل الذين ينكرون وجود الله تعالى: أتؤمنون بوجود الكهرباء، سيقولون: نعم، مع أنهم لم يروا الكهرباء، ولكنهم شاهدوا آثارها أمام أعينهم، فنقول لهم: اتفقنا نحن وأنتم على أن الأثَرَ يدل على المسير.
نقول لهم: أيها العقلاء، ألا يدل وجودُ السموات والأرض، وتتابُعُ الليل والنهار، ونزول المطر، والطيور التي تحلق بأجنحتها، والحيوانات التي تسير على الأرض، وهذه الجبال الرواسي، وغير ذلك من عجائب الكائنات – على وجود إلهٍ عظيمٍ قديرٍ قد خلق هذه الأشياء؟!
قال الله تعالى:﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191].
(14) الطبيعة خالقة أم مخلوقة؟
نقول للملاحدة الذين يسندون وجود الأشياء إلى الطبيعة: هل هذه الطبيعة خالقة أم مخلوقه؟!
فإن قالوا: الطبيعة خالقةٌ للأشياء، نقول لهم:
لماذا لا تخلق هذه الطبيعة الآن جبالًا وأنهارًا وحدائق وكواكب جديدة؟!
ولماذا لا تخلق هذه الطبيعة الآن للناس زرعًا عند حاجتهم إليه؟!
وصدق الله تعالى حيث يقول في كتابه العزيز: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الطور: 35].
• قال عبدالله بن عباسٍ رضي الله عنهما: مِن غير ربٍّ؛ (تفسير البغوي جـ7 صـ392).
• قال أبو سليمان الخطابي (رحمه الله): معناه: أخُلِقوا من غير شيءٍ خلَقهم، فوُجدوا بلا خالقٍ؟ وذلك مما لا يجوز أن يكون؛ لأن تعلُّق الخَلق بالخالق من ضرورة الاسم، فإن أنكروا الخالق لم يجُزْ أن يوجدوا بلا خالقٍ، {أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} لأنفسهم، وذلك في البطلان أشد؛ لأن ما لا وجود له كيف يخلق؟ فإذا بطَل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقًا، فليؤمنوا به؛ (تفسير البغوي جـ7 صـ392).
(15) هل الكائنات هي التي أوجدت نفسها؟
سؤال هام للذين ينكرون وجود الله تعالى: هل الكائنات هي التي أوجدت نفسها؟
فإن قال أحد الملحدين: نعم، الكائنات هي التي أوجدت نفسها.
قلنا: هذا مستحيلٌ عقلًا؛ لأن هذه الكائنات في أصلها كانت عدَمًا ثم أنشئت، فكيف تكون موجودة وهي معدومة؟ والمعدوم ليس بشيء، فهي لا يمكن أن توجِد نفسها؛ لأنها في الأصل معدومة، والمعدوم لا يوجد نفسه، فكيف يوجد غيره؟
فإن قال أحد الملحدين: هذه الكائنات وجدت هكذا صدفة.
قلنا: هذا يستحيل عقلًا أيضًا، فهل ما أنتج من الطائرات والسفن العملاقة والصواريخ والسيارات والآلات بأنواعها وُجد صدفة؟ فلا بد أن يقول الملحد: لا يمكن أن يكون ذلك، قلنا: وكذلك هذه الجبال والشمس والقمر والنجوم والشجر والرمال والبحار وغير ذلك لا يمكن أن توجد صدفة كذلك، ولا يتصور أن هذا التقدم الحضاري الذي يمر به العالم الآن وُجد هكذا صدفة.