قديما وحديثا وطوال التاريخ والشيعة يشوهون في سيرة الصحابة عمومًا ويتّخذون سيدنا معاوية -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مدخلًا للإساءة لصحابة رسول الله وقد استطاعوا جذب الليبراليين والعلمانيين وكل ناعق. هذا الملك الذي قاد الأمة الإسلامية عشرين عاما، وحكم ثلث الأرض ودانت له القلوب المؤمنة، بخلاف النفوس الحاقدة.
الصحابي الجليل الذي شملته بركة قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ) وبركة حديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما رواه البخاري عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «(لا تَسُبُّوا أَصحَابِي؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ)» [البخاري]
كاتب الوحي -رضي الله عنه-، ومؤسس دولة بني أميه، ودوما مؤسس أي دولة يكون شخصية متميزة حادة الذكاء، فلقد حكم معاوية -رضي الله عنه- الشام ٤٠ سنة، وكان محبوبًا ورجل داهية سياسية. وهو من مشاهير الصحابة وفضلائهم (رضي الله عنهم جميعاً) دعا له الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما روى الترمذي حيث قال النبي عنه: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَاهْدِ بِهِ». وفي حديث آخر, أخرج البخاري في التاريخ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لمعاوية -رضي الله عنه-: «اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب»
معاوية خال المؤمنين أخو أمِّ المؤمنين أمِّ حَبيبة رَمْلة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، ولذلك قال الإمام أحمد: أقول: معاوية خال المؤمنين، وابن عمر خال المؤمنين
ماذا يقول الرافضة في سيدنا معاوية؟
قلّ أن يخلو كتاب من كتب الشيعة ذُكر فيه معاوية من لعنه رضي الله عنه، أو التبرؤ منه. وكتب الأدعية عندهم من الشواهد على ذلك، وخاصة ما يقرأ من الأدعية عند زيارة أئمتهم؛ فعلى سبيل المثال: ذكر الكفعمي دعاء يقرؤه الشيعة عند زيارتهم للحسين في يوم مقتله -يوم عاشوراء- هو: اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية، وابن آكلة الأكباد، اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك، اللهم العن أبا سفيان، ومعاوية
يدعي الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن معاوية وذمه ودعا عليه، وكذلك علي بن أبي طالب، ويرون أن هذا من مسوغات اللعن. ويزعم الشيعة أن علياً لعن معاوية أيضاً، وأنه كان يقنت في صلاة الصبح بلعنه ولعن بعض الصحابة معه؛ فقد روى الطوسي بسنده أن علياً قنت في الصبح، فلعن معاوية، وعمرو بن العاص، وأبا موسى الأشعري، وأبا الأعور السلمي، وأصحابهم
مناقشة مزاعم الشيعة
قد تقدم أنه صح في فضل معاوية احاديث كثيرة؛ أحدها قوله عليه الصلاة والسلام: «اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به» والآخر: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب» وأما الأحاديث التي في ذمه، فلم يثبت منها شيء، وكلها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسؤال ها هنا, كيف يتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم معاوية كاتباً للوحي، وحاله عنده كما زعم الشيعة
أما عن زعم الشيعة أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قنت بلعن معاوية، وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، وأبي الأعور السلمي فباطل، ولم يرد هذا الزعم في أي كتاب من كتب أهل السنة، باستثناء تاريخ ابن جرير الطبري؛ حيث روي فيه، إلا أن في إسناده أبو مخنف لوط بن يحيى -وقد تقدم أنه شيعي محترف وإخباري تالف باتفاق علماء الجرح والتعديل عند أهل السنة -، وفيه أيضاً أبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، وقد أجمع علماء الجرح والتعديل على ضعفه، ووصفوه بالتدليس
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ثم إننا ننبه على أمر مهم، وهو أن خلاف معاوية لعلي ـ رضي الله عنهما ـ لم يكن منازعة له في الخلافة، ولا إنكارًا لفضله ومكانته، واستحقاقه إياها! وإنما حصل الخلاف في تقديم الاقتصاص من قتلة عثمان، أو تأخيره.
قال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة: من اعتقاد أهل السنة والجماعة أن ما جرى بين معاوية، وعلي -رضي الله عنهما- من الحروب لم يكن لمنازعة معاوية لعلي في الخلافة؛ للإجماع على أحقيتها لعلي كما مر، فلم تهج الفتنة بسببها، وإنما هاجت بسبب أن معاوية ومن معه طلبوا من علي تسليم قتلة عثمان إليهم؛ لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي ظنًّا منه أن تسليمهم إليهم على الفور مع كثرة عشائرهم، واختلاطهم بعسكر علي يؤدي إلى اضطراب، وتزلزل في أمر الخلافة التي بها انتظام كلمة أهل الإسلام، سيما وهي في ابتدائها لم يستحكم الأمر فيها. اهـ.
وقال ابن حجر العسقلاني: ذكر يحيى بن سليمان الجعفي -أحد شيوخ البخاري- في كتاب (صفين) في تأليفه بسند جيد عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية: «أنت تنازع عليًّا في الخلافة، أو أنت مثله؟» قال: «لا، وإني لأعلم أنه أفضل مني، وأحق بالأمر، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلومًا، وأنا ابن عمه ووليه أطلب بدمه؟ فأتوا عليًّا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان» فأتوه فكلموه فقال: «يدخل في البيعة، ويحاكمهم إليّ»، فامتنع معاوية، فسار علي في الجيوش من العراق حتى نزل بصفين، وسار معاوية حتى نزل هناك. اهـ.