لا شك أن من يطعن في السنة المطهرة وحجيتها إنما يطعن في دين الله، ويطعن في أمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمناء من بعده من أصحابه رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان، وأتباعهم من السلف الكرام، ومن تبعهم من الأئمة الأعلام، ومن طعن في السنة طعن في القرآن، لأن حملة القرآن وحفظته هم حملة السنة وحفظتها.
ومن طعن في السنة طعن في أركان الدين وأحكامه وشرائعه. فالطاعن في السنة وحجيتها ضال تائه، متبع هواه بغير علم
ومن قال عن روايات الحديث الصحيحة أنها أساطير الأولين: فإن كان جاهلا مغفلا لا يدري ما يقول، أو كان حديث عهد بإسلام، أو كان في بيئة بعيدة عن أهل العلم: فإنه يعلّم، وتقام عليه الحجة، وينكر عليه أشد النكير، فإن أقيمت عليه الحجة فأصر على رأيه الخبيث، أو كان يعلم إلا أنه يكابر ويتبع هواه: فهذا ضال خارج عن الملة.
الرد على هذه الفرقة من آيات القرآن فقط: سهل ميسور؛ لأن القرآن أوجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يقرب من مائة آية، واعتبر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله عز وجل، وتوعد مخالف الرسول ومشاقته بالعذاب الشديد، فقال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً) سورة النساء/80، وقال عز وجل: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) سورة النساء /65، وقال عز وجل: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) النساء/115 ، وغير ذلك من الآيات
كلام أهل العلم، قديما وحديثا، في الرد على منكري السنة وأعدائها: كثير متظاهر. فمن ذلك:
قال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله: اعلموا رحمكم الله أَن من أنكر كَون حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قولا كَانَ أَو فعلا، بِشَرْطِهِ الْمَعْرُوف فِي الْأُصُول حجَّة: كفر وَخرج عَن دَائِرَة الْإِسْلَام وَحشر مَعَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى، أَو مَعَ من شَاءَ الله من فرق الْكَفَرَة
روى الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يَوْمًا حَدِيثا وَقَالَ إِنَّه صَحِيح. فَقَالَ لَهُ قَائِل: أَتَقول بِهِ يَا أَبَا عبد الله؟ فاضطرب وَقَالَ: ” يَا هَذَا أرأيتني نَصْرَانِيّا؟ أرأيتني خَارِجا من كَنِيسَة؟ أَرَأَيْت فِي وسطي زناراً؟ أروي حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَقُول بِهِ؟! “
وأصل هَذَا الرَّأْي الْفَاسِد: أَن الزَّنَادِقَة وَطَائِفَة من غلاة الرافضة ذَهَبُوا إِلَى إِنْكَار الِاحْتِجَاج بِالسنةِ، والاقتصار على الْقُرْآن.
وهم فِي ذَلِك مختلفو الْمَقَاصِد، فَمنهمْ من كَانَ يعْتَقد أَن النُّبُوَّة لعَلي وَأَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَخطَأ فِي نُزُوله إِلَى سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا، وَمِنْهُم من أقرّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنُّبُوَّةِ وَلَكِن قَالَ: إِن الْخلَافَة كَانَت حَقًا لعَلي، فَلَمَّا عدل بهَا الصَّحَابَة عَنهُ إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ قَالَ هَؤُلَاءِ المخذولون – لعنهم الله -: كفرُوا حَيْثُ جاروا وَعدلُوا بِالْحَقِّ عَن مُسْتَحقّه، وكفَّروا – لعنهم الله – عليا رَضِي الله عَنهُ أَيْضا، لعدم طلبه حَقه فبنوا على ذَلِك رد الْأَحَادِيث كلهَا، لِأَنَّهَا عِنْدهم بزعمهم من رِوَايَة قوم كفار، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون
وَهَذِه آراء مَا كنت أستحل حكايتها ، لَوْلَا مَا دعت إِلَيْهِ الضَّرُورَة من بَيَان أصل هَذَا الْمَذْهَب الْفَاسِد الَّذِي كَانَ النَّاس فِي رَاحَة مِنْهُ من أعصار.
وَقد كَانَ أهل هَذَا الرَّأْي موجودين بِكَثْرَة فِي زمن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة فَمن بعدهمْ، وتصدى الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وأصحابهم فِي دروسهم ومناظراتهم وتصانيفهم للرَّدّ عَلَيْهِم، وسأسوق إِن شَاءَ الله تَعَالَى جملَة من ذَلِك وَالله الْمُوفق:
قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الرسَالَة وَنَقله عَنهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل: “قد وضع الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دينه وفرضه وَكتابه الْموضع الَّذِي أبان جلّ ثَنَاؤُهُ أَنه جعله علما لدينِهِ، بِمَا افْترض من طَاعَته، وَحرم من مَعْصِيَته وَأَبَان من فضيلته، بِمَا قرن بَين الْإِيمَان بِرَسُولِهِ الْإِيمَان بِهِ… فَفرض الله على النَّاس اتِّباع وحيه وَسنَن رَسُوله، فَقَالَ فِي كِتَابه: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، مَعَ آي سواهَا ذكر فِيهِنَّ الْكتاب وَالْحكمَة.
قَالَ الشَّافِعِي: فَذكر الله الْكتاب، وَهُوَ الْقُرْآن، وَذكر الْحِكْمَة، فَسمِعت من أرضاه من أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ يَقُول: الْحِكْمَة سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website