تُعتبر طائفة الدروز واحدة من الطوائف العربية المتواجدة في منطقة بلاد الشام، والتي نشأت قبل نحو 1000 عام، يشيرون إلى أنفسهم باسم “الموحدين الدروز”، أي المؤمنين بتوحيد الله كما يدّعون، كما يُطلق عليهم أيضاً اسم آخر وهو “بنو معروف”، وهو اسم لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها، لديهم عَلم ذو ألوان مميزة، ويتسمون بأنهم متماسكون داخلياً.
فمن هم الدروز، ومن الذي أسس طائفتهم، وما الذي تعنيه ألوان علمهم، وهل لمظاهراتهم في سوريا أهمية؟
من هم الدروز؟
الموحدون الدروز هم جماعة دينية تعتنق الإسلام صورةً وتعتمد على تصورات دينية خاصة تتعارض مع اغلب اصول الدين الإسلامي، ويشتهرون بأنهم يعتنقون فقهاً وتصوفاً مختلفاً عن الفقه والتصوف السائد لدى العديد من المسلمين.
تأسست هذه الجماعة في القرون الوسطى في منطقة جبل الشيخ (الجولان) بين سوريا ولبنان وفلسطين.
ووفقاً لما ذكره موقع “الجزيرة نت”، فإنّ بعض الأبحاث تذكر أنّ الطائفة الدرزية تأسست في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، على يد “أنوشتكين” محمد بن إسماعيل الدرزي (أي صانع الثياب).
ولكن بعض الأبحاث ذكرت أيضاً أن المؤسس الفعلي للطائفة الدرزية هو حمزة بن علي بن محمد الزوزني، وأن الرجلين اختلفا، فهاجر الأول (إسماعيل الدرزي) إلى الشام، واشتهرت الطائفة باسمه، لكن الدروز لا يفضلون هذه النسبة، ويقولون إنها لا توجد في تاريخهم أو كتبهم المقدسة.
يؤمن الموحدون الدروز بوحدة الله ووحدانيته ويرفضون تصويره على هيئة بشرية، كما يعتقدون بوجود مرشدين روحيين (إمام أو داعية روحي) يمكنهم توجيه المؤمنين نحو الحقيقة الروحية والقيم الإنسانية.
ما العقيدة التي يؤمن بها الموحدون الدروز؟
في الوقت الذي يعتبر به البعض أنّ طائفة الموحدين الدروز قد انشقت عن الطائفة الإسماعيلية خلال المرحلة الفاطمية في القرن العاشر، فإنّ البعض يعتبرونها عقيدة مستقلة بحد ذاتها.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
أما فيما يتعلق بعقيدة الطائفة ومذهبها، فإن الكثير من الغموض لا يزال يكتنفها، لا سيما أنّ مؤسسي الطائفة اختاروا عدم البوح بها، وحصر معرفتها فيما بينهم، وتحديداً لأعضاء الطائفة الذين أتموا سنّ الأربعين.
ويؤمن الدروز بميثاق أو عهد ولي الزمان، كقَسم يصبح به الدرزي درزياً، ويعده ميثاقاً أزلياً، والذي يقول في مطلعه:
“توكلت على مولانا الحاكم الأحد، الفرد الصمد، المنزه عن الأزواج والعدد، أقر أن فلان بن فلان، إقراراً أوجبه على نفسه، وأشهد به على روحه، في صحة من عقله وبدنه، وجواز أمره، طائعاً غير مكره ولا مجبر، أنه قد تبرأ من جميع المذاهب والمقالات والأديان والاعتقادات، كلها على أصناف اختلافاتها، وأنه لا يعرف شيئاً غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره”.
ويعتبر الدروز أنّ أفراد طائفتهم ينتمون إلى نوع من هذين النوعين هما:
- الشخص الروحاني
- الشخص الجثماني
الأول تكون بيده أسرار الطائفة وينقسمون إلى 3 أقسام هي:
- رؤساء
- عقلاء
- أجاويد
والثاني يكون الشخص منغمساً في الحياة الدنيوية ولا يبحث عن الروحية.
أما زعيم الطائفة الدرزية فيعرف باسم “شيخ عقل الطائفة الدرزية”.
وتعرف أماكن العبادة لدى الدروز بالخلوات يسمعون فيها ما يتلى عليهم، ولا يسمح للشخص الجثماني بحضورها أو سماع الكتب المقدسة لديهم إلا في عيدهم الوحيد وهو “عيد الأضحى”، والذي تختلف شعائره عن تلك السائدة لدى المسلمين.
يؤمن الموحدون الدروز بأن الله واحد أحد وهو المتحكم الأزلي في الكون، وأنه المنزه وفوق وصف العباد له، لأن العقل البشري قاصر عن إدراك أمر عظيم كصفات الله.
رسائل الحكمة هي النص الأساسي لإيمان ومعتقدات الموحدين الدروز، وهي عبارة عن 111 رسالة موزعة على 6 كتب، ألفت خلال الفترة الممتدة بين عامي 408 و434 للهجري، وجمعها الأمير جمال الدين عبد الله التنوخي وهو عالم ومفسر درزي، وُصِف بأنه “الشخص الأكثر احتراماً في التاريخ الدرزي”.
وبحسب التراث الشفوي فإنّ عدد الكتب هو 24 ضاع 18 منهم أو أخفيوا، وبقي 6 فقط.
كما تحتوي رسائل الحكمة الأصول التي تقوم عليها طائفة الموحدين الدروز، وأسرار المذهب الممنوعة على عوام الناس، كما قلنا فقط للدرزي الذي بلغ 40 عاماً.
ويُعتقد أنّ هذه الرسائل قائمة على تعاليم حمزة بن علي بن أحمد، والخليفة الفاطمي السادس الحاكم بأمر الله، والفلاسفة اليونانيين القدماء مثل: أفلاطون وأرسطو وفيثاغورس وزينون الرواقي.
أهم من كتب في الرسائل هم ثلاثة:
- حمزة بن علي من خراسان الملقب بـ”العقل، وقائم الزمان، وهادي المستجيبين”.
- إسماعيل بن محمد التميمي الملقب بـ”النفس، وصفوة المستجيبين”، وهو صهر حمزة ووكيله في الدين.
- بهاء الدين أبو الحسن السموقي الملقب بـ”التالي، والمقتني”.
كما تقدم رسائل الحكمة تَبصّراً قيماً عما كان يحدث في مصر في القرن الحادي عشر الميلادي من دمج للعقل والروح نتج عن تجلى الإله للإنسان من خلال 10 صور بشرية، آخرها كان عبر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله.
إحدى الصفحات الدرزية على موقع فيسبوك نشرت أجزاء من تلك الرسائل، التي تدعي تجلي الله في هيئة بشر، والتي جاء فيها: “وتظاهر مولانا سبحانه قبل غيبته بلباس السواد سبع سنين، وتربيته الشعر سبع سنين، وسجن النسا سبع سنين، وركوب الأتان سبع سنين، وكل ذلك إشارة إلى ما نحن فيه، لم يغير لنا سبحانه ما ألفناه لعلمه بقلة إدراكنا لما لم تجرِ به العادة رحمة منه علينا وإحساناً إلينا”.
في حين يتبع الدروز سبعة مبادئ أو واجبات أخلاقية تعتبر جوهر الإيمان، وهذه المبادئ هي:
- صدق اللسان.
- حفظ الإخوان.
- ترك عبادة العدَم والبهتان.
- البراءة من الأبالسة والطغيان.
- التوحيد لمولانا في كل عصر وزمان.
- الرضى بفعل مولانا كيف ما كان.
- التسليم لأمر مولانا في السر والحدثان.
تناسخ الأرواح ومنع الزواج من خارج الطائفة
من المعتقدات التي تميز هذه الطائفة إيمان أبنائها بتناسخ الأرواح، أي بمعنى آخر، بمجرد وفاة الإنسان وخروج الروح من جسده، تدخل في جسد مولود آخر.
من ناحية ثانية، يمنع رجال الدين أو “العقّال” أبناء الطائفة من الزواج من طوائف أخرى، ولا يجوز عندهم تعدد الزوجات.
أما الطلاق فهو ليس حكراً على الرجال ويحق للمرأة المطالبة به إذا قررت ذلك، وذلك بالرجوع إلى المرجعيات الدينية التي تمتلك محاكم شرعية خاصة بشؤونها، والمتخصصة بشؤون الزواج والطلاق والميراث الشرعي.
علم الدروز ومعانيه
وفقاً لما ذكرته وكالة “وفا” الفلسطينية للأنباء، فإنّه خلال عهد أسطورة المقاومة السورية ضد الفرنسيين “سلطان باشا الأطرش” والذي كان أحد مشايخ الطائفة الدرزية، تمّ تصميم علم الدروز المكون من 5 ألوان، وهي حسب الترتيب:
الأخضر: يرمز إلى الطبيعة والأرض.
الأحمر: يرمز إلى الشجاعة والبطولة.
الأصفر: رمز إلى النور والثقافة.
الأزرق: يرمز إلى الطهارة والحشمة.
الأبيض: يرمز إلى الأخوة والسلام.
في حين تعتبر النجمة الخماسية الملونة بذات ألوان العلم، رمزاً للدروز، والتي ترمز ألوانها إلى المبادئ الكونية الخمسة بالنسبة للطائفة الدرزية، ويطلق عليها اسم “الحدود الخمسة” وهي:
الأخضر: العقل
الأحمر: النفس
الأصفر: الكلمة
الأزرق: السابق (التعلم من الماضي)
الأبيض: اللاحق (الحكمة لمواجهة المستقبل)
في حين يُعتقد أنّ لألوان النجمة معانٍ أخرى أيضاً هي:
الأخضر: رمز لحمزة بن علي بن أحمد الزوزني.
الأحمر: رمز لأبي إبراهيم بن محمد بن حامد التميمي.
الأصفر: رمز لأبي عبد الله محمد بن وهب القرشي.
الأزرق: رمز لأبي خير سلامة بن عبد الوهاب السامري.
الأبيض: رمز لبهاء الدين أبي الحسن علي بن أحمد السموقي.
في حين أنّ العلَم بالنسبة للطائفة الدرزية هو مجرد رمز ديني تاريخي وليس قومياً أو سياسياً، لأنّ الإطار الدرزي هو إطار ديني وليس سياسياً، كما أنهم لا يطمحون بأي شكل من الأشكال إلى إقامة دولة أو كيان خاص بهم.