تشير أحدث التقديرات الإسرائيلية والأمريكية إلى أن “حزب الله” اللبناني لديه عشرات الآلاف من الصواريخ البعيدة المدى التي يمكنها أن تصل إلى عمق الأراضي المحتلة وما بعدها؛ وطائفة واسعة من الطائرات المسيَّرة الهجومية؛ والصواريخ المتقدمة المضادة للطائرات والسفن؛ وقوة كوماندوز مدربة على “غزو منطقة الجليل” في الشمال المتاخم للحدود اللبنانية.
“ترسانة حزب الله أكبر من ترسانة الصواريخ لدى معظم حكومات العالم”
قبل 13 عاماً، قال روبرت غيتس، وزير الدفاع الأمريكي السابق، في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك عام 2010، إن “ترسانة حزب الله من الصواريخ أكبر من ترسانة الصواريخ لدى معظم حكومات العالم، ونحن نراقب ذلك بانتباه”. وقد استمر التنظيم في تنمية قدراته، وتوسيع مخزونه من الصواريخ والمعدات، فضلاً عن إجراء تحديثات كبرى على أسلحته، بمساعدة إيران، وبفضل الخبرات التي اكتسبها خلال مشاركته في إنقاذ نظام بشار الأسد في الحرب السورية.
تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إن أحدث التقديرات المنشورة تذهب إلى أن حزب الله يمتلك نحو 150 ألفاً من الصواريخ غير الموجهة والموجهة، التي يصل مدى معظمها إلى عدة عشرات من الكيلومترات، وترجَّح بعض التقارير أن نسبة كبيرة من هذه الصواريخ يصل مداها إلى مئات الكيلومترات.
وخلص باحثون في تقرير أعدَّه “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” (CSIS) الأمريكي في عام 2018، إلى أن حزب الله هو أكثر التنظيمات غير الحكومية تسليحاً في العالم، إذ يمتلك مخزوناً كبيراً ومتنوعاً من المدفعية الصاروخية “غير الموجهة”، والصواريخ الباليستية، والصواريخ المضادة للطائرات، والصواريخ المضادة للدبابات، والصواريخ المضادة للسفن.
“صواريخ عالية القدرات في الدقة والتدمير”
في حوار أجراه الباحث شاعان شايخ مع صحيفة Haaretz الإسرائيلية هذا الأسبوع، شدد الباحث في تحذيراته على أن مشاركة حزب الله في الحرب “تزيد من المخاوف من أن التنظيم قد تزوَّد بصواريخ جوَّالة Standoff missiles (بعيدة المدى، وقادرة على التحليق في مسارات منخفضة تتجنب الرد الناري الإسرائيلي)، وهي صواريخ موجهة أكثر تقدماً ودقة، حصل الحزب عليها من سوريا أو إيران أو روسيا”.
وذهب تقرير حديث لـ”معهد دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي، إلى أن حزب الله لديه نحو 40 ألف صاروخ غراد قصير المدى؛ ونحو 80 ألف صاروخ “فجر 3” و”فجر 5″، وصواريخ “رعد” الباليستية متوسطة المدى؛ وقرابة ثلاثين ألف من صواريخ “زلزال” وصواريخ “فاتح 110” طويلة المدى.
وزعم التقرير أن حزب الله تلقى عدداً قليلاً من صواريخ “سكود سي” (550 كيلومتراً) و”سكود دي” (700 كيلومتر) من سوريا. ويمتلك الحزب كذلك “عدة مئات من صواريخ (فاتح 110) التي تحمل نحو 500 كيلوغرام من المتفجرات، وهي مجهزة بآليات ملاحية دقيقة تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، وتتسم بكونها عالية القدرات في الدقة والتدمير.
وقال الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع إنه إذا اشتعلت الحرب بين حزب الله وإسرائيل، فإن الحزب ربما يطلق عدة آلاف من الصواريخ في الأيام القليلة الأولى، ثم يُطلق نحو 1500 صاروخ يومياً على إسرائيل طوال أيام القتال. وكان الحزب يطلق نحو 200 صاروخ يومياً على إسرائيل في حرب عام 2006.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
جديرٌ بالذكر أن حزب الله استثمر جلَّ طاقته خلال السنوات الماضية فيما أطلق عليه “مشروع تحسين الدقة”، الذي يقوم على إضافة أنظمة توجيه للصواريخ “غير الموجهة”، وتحويلها من صواريخ قليلة الفاعلية إلى وسيلة ترهيب فعالة وأداة لتهديد الأهداف الاستراتيجية وضربها بدقة، وتشمل هذه الأهداف المقرات والقواعد العسكرية، ومحطات الطاقة، وتمركزات الحشد العسكري.
صواريخ فعالة في ضرب الطائرات والدبابات
ويمتلك الحزب كذلك ترسانة هائلة من القذائف المدفعية، ومخزوناً كبيراً من الصواريخ المضادة للطائرات، منها صواريخ الكتف الموجهة بالحرارة، والتي تعد سلاحاً فعالاً في ضرب المروحيات والطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض. وتتميز صواريخ الكتف بأنها سهلة الإخفاء وتسمح لحاملها بالتستر بسرعة بعد الإطلاق. والحزب لديه أيضاً أنظمة ثقيلة مضادة للطائرات -تشمل رادارات ومنصات إطلاق- قادرة على ضرب أهداف جوية على مسافة 50 كيلومتراً، وعلى ارتفاع 24 كيلومتراً.
ومن أبرز الأسلحة التي اعتمد عليها حزب الله في قتال جيش الاحتلال في حرب عام 2006، الصواريخ المضادة للدبابات، لا سيما صواريخ “الكورنيت”، وهي صواريخ متقدمة طورتها روسيا، وتشبه صواريخ “غافلن” الأمريكية المضادة للدروع، ويمكن استخدامها لضرب الجزء العلوي الذي تكون الدرع فيه أقل سمكاً من بقية أجزاء المدرعة.
وقد عملت إسرائيل منذ عام 2011 على تجهيز دباباتها بمنظومة “سترة الرياح” التي تزعم أنها تكتشف الأسلحة المضادة فور إطلاقها، وتصيبها قبل وصولها إلى الدبابة. ومع ذلك، فإن هذه المنظومة لا تجعل الدبابة محصنة من الاستهداف، غير أنها تحسن بقدرٍ كبير من فرص بقاء طاقمها على قيد الحياة.
الطائرات المسيرة المتقدمة
علاوة على ذلك، يجتهد الحزب منذ عشرين عاماً في تطوير ترسانة جوية من الطائرات المسيَّرة، التي يأتي بعضها من إيران وبعضها محلي الصنع، وهذه الطائرات قادرة على حمل الأسلحة، ويمكن استخدامها لتكون طائرات انتحارية بعد تزويدها برؤوس حربية ثقيلة. ويذهب “معهد ألما الإسرائيلي” للأبحاث إلى أن التنظيم لديه نحو ألفي طائرة مسيَّرة من مختلف الأنواع، منها طائرات مدنية مسيَّرة خضعت لتعديلات تتيح لها حمل الأسلحة.
وفي الوقت نفسه، فإن حزب الله لديه وحدة قوات خاصة، هي “قوة الرضوان”، ويفترض أنها ستكون رأس الحربة في القتال إذا اندلعت حرباً بين الحزب وإسرائيل، وقد تحاول هذه القوة “غزو الجليل”، على نحو مشابه لما فعلته حركة “حماس” في حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وتضم الوحدة نحو 2500 فرد تدربوا في لبنان وإيران، وشملت تدريباتهم التمرن على القفز بالمظلات، والتسلل بالقوارب. وقد زادت خبرات هؤلاء المقاتلين في الحرب السورية.
اكتشف جيش الاحتلال في عام 2018 أنفاقاً تخترق السياج الفاصل بين الحدود اللبنانية والإسرائيلية، وتُتيح لمن يعبرها أن يهاجم قواعد الجيش والمستوطنات في عمق الجليل. غير أن معركة السابع من أكتوبر/تشرين الأول برهنت على أن الأنفاق ليست إلا إحدى الوسائل التي يمكن بها اختراق الموانع، وأن هناك طرقاً عديدة للتوغل في أراضي العدو.