قالت الحكومة الإسرائيلية إنها “ستؤخر الحرب البرية” في قطاع غزة، بانتظار وصول قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة، خوفاً مما وصفته بـ”الهجمات الإيرانية ضد قواتها في المنطقة”، بحسب ما قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، صباح الإثنين 23 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يأتي ذلك بعد أن قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد 22 أكتوبر/تشرين الأول، في تصريح صحفي، إن بلاده “تتوقع تصاعد الحرب بين إسرائيل وحماس من خلال تورط وكلاء إيران”، بحسب ما نشرته وكالة “أسوشيتد برس”.
وبحسب إذاعة جيش الاحتلال “أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل أنها تعتزم إرسال قوات أمريكية إضافية إلى الشرق الأوسط، استعداداً للمناورة البرية؛ بسبب الخوف من تزايد الهجمات الإيرانية ضد قواتها في المنطقة”. كما قالت: “بحسب التقديرات، فقد اتفقوا في إسرائيل على الانتظار وتأخير الدخول البري حتى يتم إرسال القوات الأمريكية الإضافية”.
ماذا يعني إعلان “إسرائيل” تأجيل العملية البرية في غزة حتى وصول الدعم العسكري الأمريكي؟
يرى الكاتب والباحث الفلسطيني ساري عرابي أن ربط تأجيل العملية البرية بالدعم العسكري الأمريكي، قد لا يكون السبب الحقيقي وراء التردد الإسرائيلي في المضي قدماً بالاجتياح البري، لأن هناك مجموعة من العوامل والأخبار التي ظهرت في الإعلام الإسرائيلي أو الغربي، مثل اتهام وزير إسرائيل نتنياهو بالجبن وقمع أي فكرة عسكرية يتم طرحه عليها، ولذلك هو يؤخر العملية، حيث لم يربط هذا الوزير الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لموقع “واللا” العبري تأخر الاجتياح البري بالدعم الأمريكي.
ويقول عرابي لـ”عربي بوست” إن هناك تقارير تتحدث عن نصيحة الأمريكيين لنتنياهو بتأجيل العملية البرية حتى الانتهاء من قضية المحتجزين لدى حركة حماس، وهناك من قال إن نتنياهو نفسه لا يفضل الدخول في عملية برية نتيجة نصائح من بعض المستشارين العسكريين؛ لأن فاتورتها ستكون كبيرة وستؤدي لتفاقم الأزمة الداخلية.
لذلك يفضل نتنياهو حتى الآن النموذج الذي يقوم على القصف والتدمير المستمر من أجل فرض الاستسلام على المقاومة والمجتمع الحاضن للمقاومة في قطاع غزة، أو ربما البحث عن ظروف عسكرية أفضل لتنفيذ العملية البرية، وبالتالي المصادر التي تتحدث عن تأجيل العملية البرية تذكر أسباباً مختلفة ومتنوعة.
“نتنياهو غير متحمس للدخول في عملية برية الآن”
ويعتقد عرابي أن نتنياهو غير متحمس للدخول في عملية برية الآن، ليس لأن الجيش غير مستعد للقتال، حيث يقال في الإعلام العبري إن الجيش مستعد للمعركة بمعن الاستعدادات الإدارية والنارية للدخول في مناورة برية. لكن نتنياهو يخشى من نتائج قد تقضي عليه سياسياً نهائياً لاسيما إذا كانت هناك مفاجآت غير متوقعة بالنسبة للجيش أو للاستخبارات الإسرائيلية داخل غزة.
لذلك كما يقول المثل، أصبح الوضع بالنسبة لنتنياهو: “عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة”، بمعنى أن تبقى تقصف وتقتل وتدمر أفضل من الدخول بفخ مجهول. وربما تحقق إنجازات عسكرية بالقصف مثل تدمير الأنفاق أو أي من القدرات العسكرية للمقاومة، أو اغتيال قيادات عسكرية، بالإضافة إلى إنهاك الحاضنة الاجتماعية ودفعها للثورة على “حماس” أو إنهاك المقاومة نفسها في القصف المستمر لدفعها الى الاستسلام، كما قد يعتقد نتنياهو.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
يقول عرابي إن المعركة الآن أشبه بـ”عضّ الأصابع”، فقد لا يكون تأجيل العملية البرية متعلقاً فقط بعدم جهوزية الجيش وخبراته القتالية وضعف المعنويات، ولا بد أن هناك مشاكل تعبوية ومعنوية لدى الجيش الإسرائيلي، وهذا كله صحيح قد يؤثر على اتخاذ القرار الصحيح في المعركة الآن، لكن قيادة الجيش يبدو أنها تريد الذهاب في عملية الاجتياح، رغم أن خوض مغامرة من هذا النوع أمر غير مضمون العواقب.
“قد تكون حرباً دعائية نفسية”
وربما كل هذه الأخبار في النهاية تأتي في سياق الدعاية النفسية أو الحربية المضادة، لا أحد يعلم، كما يقول عرابي، الذي يضيف: “أنا أعتقد أن نتنياهو يميل إلى خيار مضمون من وجهة نظره، وإن كان غير معروف النتيجة، وهو القصف المستمر، لفرض الاستسلام على المجتمع في غزة”.
لكن في المقابل أيضاً نحن نتحدث عن المجتمع الإسرائيلي المرهق من طول أمد الحرب، حيث هناك نزوح داخلي بمئات الآلاف من غلاف غزة وعسقلان والمستوطنات الحدودية الشمالية مع فلسطين المحتلة، وكذلك تجنيد 360 ألف جندي احتياطي، هو أمر بالغ التكلفة على إسرائيل، ويشكل ضغطاً اقتصادياً على الدولة التي سحبت هؤلاء من وظائفهم التي كانوا فيها وتعطلت الآن.
ولا شك أن المجتمع الإسرائيلي يعاني اقتصادياً ونفسياً، بالإضافة إلى قضية الأسرى، وكل هذه الأمور بطبيعة الحال ستضغط المجتمع الإسرائيلي وتدفعه لإيجاد حلول سريعة، كما يقول الباحث الفلسطيني.
ولا تزال إسرائيل تلوّح بدخول بري في غزة للقضاء على حماس بشكل نهائي، لكن وفقاً لشهادات المسؤولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل، تستعر أزمة ثقة كبيرة بين رئيس الوزراء نتنياهو وقادة الجيش حيال إدارة الحرب. وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت إن حكومة نتنياهو تواجه اليوم صعوبة في التوصل إلى قرارات متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية مثل قضية الدخول البري وقضية الأسرى، وإن هناك خلافات بين نتنياهو وكبار المسؤولين في الجيش حول التقييمات والخطط والقرارات.
تقول صحيفة يديعوت أحرونوت إنه مع عدم وضوح موعد للاجتياح البري لغزة، وفي مواجهة معضلة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة وعددهم يتجاوز 200 أسير، تواجه الحكومة اليوم صعوبة في التوصل إلى قرارات واضحة أو متفق عليها بشأن القضايا الرئيسية، وفق شهادات مسؤولين سياسيين وعسكريين.
مصادر “يديعوت أحرونوت” قالت إن نتنياهو غاضب من كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي، الذين يتحملون المسؤولية عن تصوره لكل ما حدث، ويتفاعل بفارغ الصبر مع الآراء والتقديرات التي يعبر عنها الجنرالات، وليس في عجلة من أمره لتبني خططهم، وأنه هو وغالانت “يجعلان من الصعب العمل معاً”.
كما قالت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد 22 أكتوبر/تشرين الأول، إن نتنياهو هو من يؤجّل الهجوم البري على قطاع غزة. وبحسب موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، فقد قال وزير طلب عدم الكشف عن هويته إن “نتنياهو يقمع أي فكرة، إنه ببساطة جبان”.
فيما رد مكتب نتنياهو قائلاً: “هذا الادعاء كاذب، رئيس الوزراء يقود الحكومة إلى النصر، لن نتطرق إلى تفاصيل إضافية لا تؤدي إلا إلى الإضرار بأمن جنودنا”. من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جيش الاحتلال أكد استعداداته، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤخر الاجتياح البري لقطاع غزة، حسب تعبيرها.