خلال الأحداث التي تشهدها غزة منذ السابع من اكتوبر من عدوان ومجازر يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي الذي تسبب في استشهاد أكثر من 30 الف شخص بقطاع غزة حتى كتابة هذا المقال، نشاهد العديد من التظاهرات التي تندد بوقف هذا العدوان على القطاع في الكثير من دول العالم.
خلال هذه المظاهرات ظهرت جماعة تسمى “ناطوري كارتا”، وهي حركة يهودية حريدية تأسست سنة 1935 تعارض الصهيونية وتنادي بخلع أو إنهاء سلمي للاحتلال الإسرائيلي، وإعادة الأرض إلى الفلسطينيين، يصل عددهم لما يقارب 5 آلاف شخص ويتواجدون في كل من القدس ولندن ونيويورك.
ليبدأ السؤال عما هو الفرق بين كلمة يهودي وإسرائيلي وصهيوني؟
ما هي حركة “ناطوري كارتا”؟
ناطوري كارتا “Neturei Karta” والتي تعني باللغة الآرامية “حارس المدينة”، وهي تعد حركة دينية يهودية مناهضة للصهيونية، ولا تعترف بدولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتعتبر أن قيام دولة لليهود لا يكون بسلب شعب آخر أرضه، ولا يكون إلا بإذن من الرب، وذلك بعد أن يرجع اليهود إلى تطبيق شريعتهم التي عاقبهم الرب لمخالفتها، وشتتهم في الأمصار وبين شعوب الأرض بسبب تضييعها.
كانت جماعة ناطوري كارتا جزءاً من حزب “أغودات يسرائيل”، الذي أُنشئ في بداية القرن العشرين لمواجهة الصهيونية، ولكن بعد عام 1917، الذي أصدرت فيه الحكومة البريطانية وعد بلفور، وأعلنت إقامة حكم الانتداب البريطاني في فلسطين، دعم الحزب في البداية هجرة اليهود من أوروبا إلى فلسطين، ولكنه مع ذلك رفض إقامة دولة يهودية.
سنة 1935 انشق جزء من حزب “أغودات يسرائيل” نتيجة تقاربه مع الحركة الصهيونية، لينشئوا فيما بعد حركة “ناطوري كارتا”، فيما استخدم هذا الاسم لأول مرة سنة 1938 وقد سعى أعضاء الجماعة لانشقاقهم عن “أغودات يسرائيل” إلى الحفاظ على النهج المعادي للصهيونية، ورفض كل أشكال الانحلال والذوبان في الفكر الصهيوني؛ لما في ذلك من مخالفة لما يؤمنون به من معتقدات وأحكام الدين اليهودي.
تأسست الجماعة في القدس على يد الحاخام “أمرام بلاو”، بعد حصولهم على قرار الفصل عن الأحياء الصهيونية في القدس من قبل حكومة الانتداب البريطاني.
وتولى بلاو قيادة الجماعة منذ إنشائها حتى وفاته 1974، وسعى مع جماعته إلى تأكيد إنكار صلاحية إسرائيل دولة قومية يهودية، كما رفضت الجماعة اعتبار الصهيونية الوكيل المزعوم لمصالح اليهود حول العالم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
اليهود بين دين ونظام الاحتلال
اليهود يعرّفون انفسهم بأنهم مجموعة من الناس يتبعون الدين اليهودي، فاليهودية هي أقدم الأديان الثلاثة الكبرى، وبحسبهم هي الرسالة التي جاء بها نبي الله موسى عليه السلام، وهي طريقة حياة الشعب اليهودي، وتستمد اليهودية شرائعها وعقائدها الأساسية من التوراة.
حسب “jewish agency” الإسرائيلي، بلغت نسبة اليهود في الأراضي المحتلة حوالي 46 في المئة من إجمالي عددهم في العالم، بزيادة قدرها نصف بالمئة مقارنة بالأرقام المعدلة سنة 2022.
وحسب نفس المصدر بلغ عدد اليهود في العالم حوالي 15.7 مليون فيما بلغ عدد اليهود في إسرائيل نحو 7.2 مليون، بينما يعيش نحو 8.5 مليون يهودي خارج الأراضي الفلسطينية منهم نحو 6.3 مليون في الولايات المتحدة، ونحو 2.2 مليون في بقية الدول.
الإسرائيليون من الماضي إلى الحاضر
عبر التاريخ كانت كلمة إسرائيليين مستخدمة على مجموعة من البشر، إلا أن المعنى اختلف مع مرور الوقت، فالإسرائيليون في الماضي كان يقصد بها مجموعة عرقية من سلالة النبي يعقوب، وكانوا يسمون بالإسرائيليين، لكن في يومنا الحالي فالإسرائيليون هم المواطنون الذين يعيشون داخل منطقة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
منذ سنة 1948 قدم العديد من اليهود الإسرائيليين إلى الأراضي الفلسطينية ليصبح عددهم خلال إحصائيات نظام الاحتلال الإسرائيلي سنة 2019 أزيد من 9 ملايين نسمة، من بين هذه النسبة قرابة 74% من اليهود و21% من الفلسطينيين الأصليين و 5% المتبقية بين المسيحيين والديانات الأخرى.
يشكل اليهود القادمون من أوروبا والاتحاد السوفييتي السابق وذريتهم المولودون في إسرائيل، بمن فيهم اليهود الأشكناز، حوالي 50% من مجمل اليهود الإسرائيليين. في حين يشكل اليهود الذين جاؤوا من الدول العربية والإسلامية وذريتهم، بما في ذلك كل من اليهود المزراحيين واليهود السفارديين، معظم بقية سكان الأراضي المحتلة من قبل النظام الإسرائيلي.
معظم عرب 48 من المسلمين، يليهم المسيحيون من طوائف متنوعة إلى جانب أقلية من الموحدين الدروز.
الصهيونية وإنشاء دولة لليهود
الصهيونية هي فكر أيديولوجي وطني سياسي يدعو إلى إنشاء وطن قومي لمجموعة دينية اجتماعية. يعتبر اليهودي النمساوي ثيودور هرتزل مؤسس أو “أبا” الصهيونية السياسية، تأسست هذه الحركة في أواخر القرن التاسع عشر وسط تزايد العداء للسامية في أوروبا.
واستطاعت الحركة تأمين الدعم لها من قبل الحكومات الأوروبية الغربية، وخاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض عربية هي أرض فلسطين التاريخية، فيما شجعت الحركة الصهيونية بشكل كبير هجرة يهود أوروبا الجماعية إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين.
بالرغم من جهودهم الحثيثة والعداء المتزايد للسامية في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أن أعداد العرب أواخر الأربعينيات فاقت أعداد اليهود في فلسطين. وفي عام 1948، أعلن ديفيد بن غوريون، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية آنذاك، تأسيس دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية.
أكد الصهاينة أن إسرائيل ستمثل وطناً قوميّاً آمناً لليهود، وشجعوا كل يهود العالم على الهجرة إلى هناك والحصول على الجنسية الإسرائيلية، بما يسمونه بحق العودة والذي يسمح لكل يهودي بالحصول على الجنسية الإسرائيلية فور العودة إلى الأراضي المحتلة.