بعد مرور 5 أشهر على القمة العربية السابعة والأربعين بين العاديّة والطارئة، تستعد الرياض الأحد المقبل لاستضافة القمة الإسلامية العادية الرابعة عشرة منذ قمتها الأولى في الرباط في أيلول/سبتمبر 1969، وبعد فترة قصيرة من محاولة إحراق المسجد الأقصى. وقد تشكّلت من أجله منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة؛ الخندق الأول للدفاع عن الغرب الإمبريالي وضد الشيوعية السوفياتية وحلفائها في المنطقة.
ويفسر ذلك فشل جميع القمم الإسلامية منذ ذلك التاريخ في تحقيق أي من أهداف المنظمة وقممها، ما دام معظم الذين شاركوا فيها كانوا متواطئين مع الكيان الصهيوني بعلم أو من دونه، وبشكل مباشر أو غير مباشر.
ويفسّر ذلك فشل القمتين الاستثنائيتين اللتين دعا إليهما الرئيس إردوغان في كانون الأول/ديسمبر 2017 ونيسان/أبريل 2018 رداً على إعلان الرئيس ترامب القدس عاصمة “إسرائيل” التاريخية والدينية؛ فقد قاطع معظم زعماء الدول العربية والإسلامية هاتين القمتين اللتين اكتفتا بإصدار بيانات الرفض والاستنكار لأميركا والكيان الصهيوني من دون اتخاذ أي موقف عملي قد يساهم في إجبار الطرفين على التراجع عن قرارهما الخاص بالقدس. وشجع ذلك لاحقاً حكام الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، والسعودية في السر والعلن، على التوقيع على اتفاقيات “السلام”، أي الاستسلام للكيان الصهيوني.
وسبق أن نجح في ذلك مع حكام مصر في كامب ديفيد، والأردن في وادي عربة، ومع عرفات في أوسلو وكامب ديفيد، التي التزم محمود عباس بكل بنودها، وما زال، بما فيها التآمر على الشعب الفلسطيني.
ولهذا فشلت كل القمم العربية منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1946 بعد فشل الزعماء العرب في الاتفاق على صيغة عربية مشتركة تجاه القضية الفلسطينية والقضايا القومية المشتركة، ومنها على سبيل المثال الوضع في سوريا بعد ما يسمى بـ”الربيع العربي”، إذ علقت الجامعة العربية عضوية سوريا في المنظمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، ثم أعادتها قبل القمة العربية الأخيرة في الرياض (أيار/مايو الماضي) التي دُعي إليها الرئيس الأسد، من دون أن تتخذ الأنظمة المعروفة أي موقف عربي عملي مشترك يساهم في إنهاء الأزمة السورية.
ويبدو أن هذا الفشل سيكون مصير قمة الرياض يوم السبت ما دام حكام الخليج، ومن معهم في النهج، يتحركون وفق تعليمات واشنطن التي كان همها الوحيد في الماضي هو التصدي للمد القومي العربي ذي النكهة اليسارية في سنوات الاتحاد السوفياتي وصعود التيارات اليسارية في العالم العربي الذي كان آنذاك بين فكي أنقرة التركية حليفة “تل أبيب” وطهران الشاه؛ صنيعة واشنطن ولندن و”تل أبيب”.
وقد أثبت التاريخ، القديم منه والحديث، أن كل ما أصاب القضية الفلسطينية من المصائب والنكسات والانتكاسات سببه التواطو والتآمر العربي الذي يحمل في طياته كل عناصر العمالة والخيانة الطوعية، وإلا كيف لنا أن نفسر سكوت هذه الأنظمة على كل ما يقوم به الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني من مجازر وحشية لا يتحملها أي ضمير إنساني، حتى إن لم يكن عربياً ومسلماً، فالوجدان والضمير لم يعد يعني أي شيء بالنسبة إلى معظم الحكام العرب والمسلمين!
ويبدو أن همهم الوحيد الآن، وبغياب الديمقراطية، هو أن يجعلوا من شعوبهم قطيع غنم يسير خلف راعيه الذي يركب حماراً، من دون أن يكون واضحاً خلف من يسير قطيع الغنم؛ خلف الحمار أم الراعي الجاهل؟ أم صوت الناي الذي يتغنى به الراعي أم الكلب الذي يعوي بين الحين والحين ليمنع كل من يفكر من الانفصال عن القطيع.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
قد يكون هذا هو حال الدول العربية والإسلامية التي يحكمها أتباع واشنطن، وهم الذين أفشلوا كل القمم العربية والإسلامية، والسبب الرئيسي في عقدها دائماً هو القضية الفلسطينية التي لولاها لوجد هؤلاء الحكام أنفسهم في فراغ نفسي يفقدهم قيمتهم لدى واشنطن، وبالتالي لدى “تل أبيب” التي نجحت دائماً في الاستفادة من هؤلاء الحكام ضد كل من ترى فيه خطراً على مشاريعها ومخططاتها الدينية، أي إقامة “دولة إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات.
وقد أزعج ذلك بعض الحكام العرب والمسلمين الذين خاب ظنهم بالكيان الذي كانوا يعتقدون أنه أقوى من الجميع، فتبين لهم أنه لولا تواطؤهم معه لما كان بهذه القوة التي أهانتهم جميعاً، ولكن لا خجل فيهم ولا هم يحزنون، وإلا لما منعوا إعلامهم الرخيص ومشايخهم من أي فتوى للجهاد من أجل فلسطين، كما فرضوا على جماعاتهم الإرهابية الجهاد ضد كل من هو مع فلسطين قلباً وقالباً وإيماناً بالنصر الأكيد، ومهما طال الزمن، فالكيان الصهيوني بكل مضامينه السياسية والدينية والتاريخية إلى زوال، وسيلقى ومن معه بئس المصير. وخير دليل على ذلك ملحمة غزة والصمود الأسطوري لقوى المقاومة والممانعة وللشعب الفلسطيني برمته في الداخل والشتات!
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
المصدر: الميادين – حسن محلي