وافق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في النهاية، على صفقة للإفراج عن بعض الأسرى الإسرائيليين وعقد هدنة إنسانية مع المقاومة الفلسطينية، بعدما ظل يرفض ذلك لأسابيع، زاعماً أن “هناك طريقة واحدة لإعادة الإسرائيليين في غزة إلى الوطن، وهي العملية العسكرية على غزة”.
وأعلنت قطر، الأربعاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نجاح جهود الوساطة المشتركة مع مصر والولايات المتحدة بين دولة الاحتلال وحركة حماس، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق، سيتم الإعلان عن توقيت بدئه خلال 24 ساعة.
وبحسب وزارة الخارجية القطرية، شمل الاتفاق تبادل 50 من الأسرى الإسرائيليين من النساء المدنيات والأطفال في قطاع غزة في المرحلة الأولى، مقابل إطلاق سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، على أن تزيد أعداد المفرَج عنهم في مراحل لاحقة من تطبيق الاتفاق، كما ستسمح الهدنة بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية.
كيف علّق الإعلام العبري على صفقة الأسرى واتفاق الهدنة مع “حماس”؟
علّقت صحيفة “يديعوت أحرنوت” على أنباء الصفقة وما رشح عن شروطها وبنودها بالقول إنها “قرار صعب ولم يكن سهلاً على الحكومة، وأنه أحد أكثر القرارات الملزمة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية على الإطلاق”.
وتضيف الصحيفة العبرية أن زعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار، نجح في تسيير خطته كما هو مخطط لها حتى اللحظة، في حين يصرّ المستوى السياسي والأركان العامة في إسرائيل على “تغييب الواقع مرة أخرى”. وأن الحكومة الفاشلة المسؤولة عن الإخفاق الفادح الأكبر في تاريخ البلاد يوم السابع من أكتوبر، تدفع الأن نحو التوصل إلى صفقة تسميها “صفقة بلا خيار”.
مشيرة إلى أن حركة حماس “ستظل تحصل على الشرعية بفضل هذه الصفقة التي ستفرج فيها عن إسرائيلي واحد، مقابل إفراجنا عن 3 أسرى فلسطينيين، مما سيساعد الحركة في الحصول بالنهاية على وقف كامل لإطلاق النار، بالتوازي مع الضغوط الأمريكية لإنهاء الحرب”.
“السنوار يُملي شروطه علينا”
من جهتها، نقلت القناة الإسرائيلية 12 عن الجنرال احتياط مهران بروزنفير، الذي كان مستشاراً اقتصادياً لرئيس هيئة الأركان سابقاً، قوله إنه “ليس متأكداً من أن رئيس حماس في غزة يحيى السنوار واقع تحت ضغط، كما يحاول البعض تصوير ذلك، مضيفاً أنه بعد قراءة تفاصيل الصفقة التي تم التوصل إليها “فإنني أخشى أن يكون (السنوار) هو من يُملي شروطه علينا”.
وقال بروزنفير إنه يتعين على الجيش من مضاعفة الضغط على حماس وبدء هجوم تجاه الجنوب، لأن حماس لم تنكسر، مضيفاً “إذا أعطينا السنوار فرصة لأن يُملي شروطه في الصفقة الأولى هذه، فسيكون أمامنا الكثير، نحن نواجه خيارات صعبة وليست سهلة بتاتاً، خاصة أننا نتعامل مع منظمة لن تتردد في قتل مخطوفينا”، حسب تعبيره.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
أما القناة 14 العبرية فقد قالت إن هناك فجوة معلوماتية كبيرة جداً بشأن “المخطوفين ومن يعتقلهم”، وإن حماس وهي تعقد الصفقة الأولى بشأن عدد من المحتجزين، فإنها لا تفكر فيها فحسب، بل تفكر في الصفقة التالية أيضاً، وهذا يعني إتاحة الفرصة لها لاستعادة قوتها.
وفي السياق ذاته، قال موظف كبير سابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) للقناة: مخطئ من يظن أن حماس ستلين مواقفها، أو ستتجه نحو حل سياسي لو لم نبدأ المعركة، مشيراً إلى أن المفاوضات مع حماس لإتمام صفقة جلعاد شاليط استغرقت 5 سنوات من “التلاعب والحيل النفسية”، على حد تعبيره.
من جهته، وجّه المحلل السياسي يوتام زمري، انتقادات شديدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وقال في حديث للقناة 14، إن الأمر لم يتوقف عند الفشل الاستخباراتي الكبير الذي يتعلق بتقييم قدرات العدو، وإنما اكتُشف تدريجياً أن هناك فشلاً كبيراً في ما يتعلق بقدرات الجيش ومؤهلاته.
فيما يرى رئيس قسم العمليات سابقاً جنرال الاحتياط غيورا آيلاند، أن الجيش لم ينجح حتى الآن في تحييد الأنفاق في غزة، مضيفاً “ما دام يمكن أن يوجد فيها مخربون بالمئات وربما أكثر، وما دامت هناك معدات قتالية تحت الأرض، فإن هذا يعد تحدياً يجب إيجاد الطريق للتغلب عليه”.
ورأى متحدث آخر أن هدف القضاء على قوة حماس العسكرية لن يتحقق من دون تفكيك “غزة السفلى”، في إشارة للأنفاق، وأضاف “بالتأكيد، نحن لا نريد أن نصل إلى مواجهة مباشرة بين محارب من جيش الدفاع ومخرب من النخبة وجهاً لوجه داخل النفق”، حسب تعبيره. في حين يرى المراسل العسكري ألون بن ديفيد، أن بلاده ستكون دولة تخوض حرباً لمدة أشهر، وربما سنوات قادمة.
“نتنياهو استسلم للضغوط”
الكاتب في صحيفة هآرتس العبرية، يوسي فيرتر، قال إن “نتنياهو استسلم للضغوط لقبول الصفقة نفسها التي رفضها سابقاً”، مضيفاً أن “خطوات رئيس الوزراء مضطربة، وأن ما غير رأيه هذه المرة ربما هو الضغط الشعبي واجتماعه مع عائلات الرهائن ومواقف الجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد”.
وأضاف الكاتب أنه “لا توجد لدى أي قائد أي صلاحية أخلاقية لاتخاذ قرار يبقي المخطوفين في غزّة من أجل التقدّم (في الحرب) بضعة كيلومترات أخرى”. مشيراً إلى أن “الصفقة التي صدّقت عليها الحكومة كانت مطروحة على الطاولة قبل نحو أسبوع مع فروقات بسيطة، وإن نتنياهو احتار بشأنها وقام بتأجيلها”.
ويقول فيرتر إن “وقف إطلاق النار لمدة 4 أيام، بما في ذلك تعليق مراقبة ما يحدث في غزة بطائرات بدون طيار، لن يساعد المجهود الحربي الإسرائيلي. وهناك خوف إسرائيلي حقيقي من أن تخرج حماس من هذه الهدنة أقوى وأكثر جرأة وأعيد تنظيمها، الأمر الذي سيأتي على حساب أرواح الجنود المعرضين الآن لمخاطر أعظم في غزة”.
بن غفير: “الصفقة ستجلب لنا كارثة”
ورفض حزب “القوة اليهودية” المتطرف الصفقة ووجه لنتنياهو انتقادات حادة بسبب موافقته عليها، حيث قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، إن هذه الصفقة “ستجلب لنا كارثة”.
وفي حديثه للقناة “14” الإسرائيلية قال بن غفير: “أنا منزعج جداً لأنهم يتحدثون عن صفقة قد تجلب لنا كارثة.. أنا منزعج لأننا انقسمنا مرة أخرى، ولم يتم إخبارنا بالحقيقة مرة أخرى. ومرة أخرى، يتم دفعنا إلى الجانب (بعيداً) في المشاورات”.
وتابع بن غفير: “يبدو أن دولة إسرائيل سترتكب مرة أخرى خطأ كبيراً جداً في أسلوب صفقة شاليط”، في إشارة إلى صفقة التبادل مع “حماس”، التي تمت عام 2011، وشملت أكثر من 1200 أسير فلسطيني مقابل الجندي جلعاد شاليط.
وأردف الوزير المتطرف: “تتذكرون أننا أطلقنا سراح جلعاد شاليط، وأطلقنا سراح (زعيم حركة “حماس” في غزة يحيى) السنوار وأصدقائه، وجلبنا هذه المشكلة على أنفسنا”.
وفي إشارة إلى تغيّر موقف الحكومة الإسرائيلية، وإذعانها لشروط حماس، قال بن غفير: “تحدثوا عن صفقة تشمل 80، (ثم) انخفضت إلى 70، وانخفضت إلى 50 الآن. قالوا إنهم لن يدخلوا الطعام، وبعد ذلك قالوا إنهم لا يدخلون الوقود، والآن يفعلون ذلك”. وختم حديثه بالقول: “إنه غباء! إنه هلوسة! لسوء الحظ، (الوزير في مجلس الحرب بيني) غانتس و(الوزير بلا حقيبة غادي) أيزنكوت يجران الحكومة إلى منطقة سيئة!”.