هذه الشخصية الأسطورية الشهيرة، تناولتها أعمال سينمائية كثيرة
ظهرت للمرّة الأولى في رواية “الذي لا يموت”، للكاتب الإيرلندي برام ستوكر (1847-1912) وارتبطت بها عدّة أسرار وحكايات غريبة، فمن هو دراكولا؟ وما قصّته الحقيقية؟
قصص مصاص الدماء رائجة في الخرافات الشعبية ومنها قصّة دراكولا، لكنّ البحوث في تاريخ الرعب أثبتت أنّ وراء بطل ستوكر شخصيّة تاريخية حقيقيّة
إنّه الأمير فلاد الثالث حاكم رومانيا، أما لقبه دراكولا فمشتقّ من اسم العائلة فهو ابن فلاد الثاني دراكول، وأمّا معناه الحرفيّ فهو باللاتينية: ابن التنين وفي الرومانية الحديثة: ابن الشيطان، هذا جانب من الرعب المتعلّق بسيرة الرجل، فيما يتعلّق الجانب الدّمويّ بكنية أخرى أُطلقت عليه وهي: فلاد تيبيس؛ أي فلاد المُخَوزِق، في اشارة إلى اعتماده الخازوق لإعدام خصومه وأعدائه ببشاعة
دراكولا.. أصل الحكاية
يعني لقب دراكولا حرفيا “ابن التنين”، وتحول معناه فيما بعد إلى “ابن الشيطان”، وقد ورثه الأمير فلاد تيبيس عن أبيه فلاد الثاني، والذي انتمى سنة 1431 ميلادية إلى تنظيم فرسان يدعى “تنظيم التنين”، وهو تنظيم أسسه الإمبراطور الروماني في بداية القرن الـ 15 ميلادي.
ولد فلاد الثالث -أو فلاد دراكولا- سنة 1431 في مقاطعة سيغيشوارا التابعة لإقليم ترنسلفانيا في رومانيا، والتي أصبحت قبلة سياح الغرب الباحثين عن المغامرة والرعب والمقتفين لأثر دراكولا.
اكتسب فلاد دراكولا كُنية أخرى بعد وفاته وهي فلاد تيبيس أي فلاد المُخوزِق أو الأمير المُخوزِق التي ألصقها به العثمانيون لسببين، الأول نسبة إلى طريقة الخَازوق التي اعتمدها في إعدام خصومه والمخالفين للقانون، وهي إدخال وتد في مؤخرة الضحية ليخرج من فمه، والثاني أنه بعد حملة عَدوّه السلطان العثماني محمد الثاني على مقاطعة والاكيا، حيث أَعدم فلاد الثالث ضحايا من الجنود العثمانيين والمؤيدين لهم بتعليقهم على الخوازيق.
اتسمت حياة فلاد الثالث بتناقضات جمة، كان سببها بالأساس وفاة أبيه وأخيه المُكنى فلاد الراهب، وكانت هذه التناقضات هي المحرك الخفي لصناعة ذلك الأمير القاسي إلى حد المرض، وقد ساهمت الإمبراطورية العثمانية إلى حد كبير في صناعة هذا الشيطان المُكنى دراكولا، فقد قضى فيها جزءا من طفولته.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
في سنة 1443 بعد أن اعتلى والد فلاد الثاني عرش والاكيا بمساعدة السلطان العثماني مراد الثاني، أرسله والده صحبة أخيه المُكنى “رادو الوسيم” إلى مدينة أدرنة شمال غرب تركيا، ولم يكن قد تجاوز فلاد الثالث حينها سن الثانية عشرة، وكان ذهاب الأميرين للعيش في أدرنة بمثابة الضمان الذي طلبه السلطان مراد الثاني لولاء حاكم والاكيا.
وفي كتاب “دراكولا الأمير ذو الأوجه الكثيرة.. حياته وتاريخه” للمؤرخَين الروماني رادو فلوريسكو والأمريكي ريموند ماك نلّي عن حياة فلاد الثالث في أدرنة العثمانية، ذكر الكاتبان أنه تلقى تدريبا على في فنون القتال والحرب، كما درس الأدب والقرآن والفلسفة طيلة بقائه في البلاط الملكي، وترعرع مع السلطان محمد الثاني الذي أصبح فيما بعد عدوّه اللدود، وانقلبت حياة فلاد الثالث رأسا على عقب بعد مقتل أبيه وأخيه “ميرتشيا” اللذين قُتلا بالتآمر بين نبلاء بلاده وولي عهد المجر.
وربما ما حدث لأخيه بدأ يُكوِّن ذلك الجزء الأسود والشيطاني في لاوعي فلاد الثالث، حيث تم التنكيل بجثة أخيه البكر وريث عرش ترنسلفانيا، بعد أن فقئت عيناه ودفن حيا، حينها قرر فلاد الذي لم يتجاوز السادسة عشرة آنذاك العودة لخلافة والده، في حين بقي شقيقه رادو الوسيم في البلاط العثماني، وأصبح رادو بدوره عدوّه حين حاول الإطاحة به بالتحالف مع العثمانيين.
وبعودة فلاد الثالث إلى وطنه استعان بالإمبراطورية العثمانية لاعتلاء العرش في المرة الأولى، لكن حكمه لم يدم طويلا بعد أن تآمر عليه الحاكم المجري يوحنا هونياد الذي كان يُضمر للعثمانيين عداء مقدسا إلى درجة أنه حاز على لقب “بطل المسيح” الذي أطلقه عليه البابا بيوس الثاني.
تمكن فلاد دراكولا من استرداد عرشه في العام 1456، ووضع خلال رجوعه الثاني إلى والاكيا تَحدّيين، الأول إصلاح حال البلاد بعد أن عانت من ويلات الحرب والاغتيالات، والثاني الانتقام من النبلاء الذين لم يغفر لهم خيانتهم لأبيه والتنكيل بأخيه.
وقد رسم هذان التحديان صورة فلاد دراكولا القريبة من مصاص الدماء، فقد فرض النظام عن طريق الإعدام، ووُصف بالعدل والقسوة معا، فقد أطلق سراح كل المساجين المحكومين قبل استلامه العرش في المرة الثانية، حتى يضمن التساوي بين الجميع وخضوعهم للقانون ذاته الذي يعاقب الذين يخالفونه بالموت معلَّقين على الخوازيق، كما انتقم من نبلاء والاكيا شر انتقام إما بالإعدام أو بعزلهم عن مناصبهم التي وهبها لأشخاص من عامة الشعب الذين لا تجري في عروقهم دماء النبلاء.
وقد وثقت مخطوطات ألمانية واقعة إعدام نحو 30 ألفا في مدينة براشوف في عام 1459 بالخوازيق، ويُقال إنه تناول غداءه وسط الجثث المتعفنة وغمس خبزه في دمائهم.
كيف حدث ذلك؟
كانت منطقة والاشيا التي تحكمها عائلة دراكول محلّ تنافس بين العثمانيين والمجريّين قضى فلاد الثالث سنوات في مدينة أدرنة التركية مع شقيقه، درسا الأدب والقرءان والفلسفة، ورافقا الأمير محمد الفاتح وكان هذا ضمن اتفاق لضمان ولاء والدهما للدولة العثمانية
لكنّ حياته انقلبت بمقتل أبيه وأخيه الأكبر على يد نبلاء بلاده ووليّ عهد المجر خاصّة وقد نكّلوا بجثة شقيقه. استعان الأمير فلاد بالعثمانيين لاستعادة عرشه وخَسِرَه، ثم انقلب عليهم وبات عدوّا لهم
ضمن مساعيه لحكم والاشيا خلال سنوات حكمه المتقطعة بين العامين 1455 و1478 م مارس الفظائع، لم يكن الخازوق فقط هوايته، بل كان يتفنّن في التعذيب بوحشية ويقال إنّ عنفه بلغ حدّ إنشاء غابة مخوزقين، قوامها آلاف الجنود العثمانيين ودق عمائم رسل السلطان إلى رؤوسهم تنكيلا بهم، وقد بلغ مجموع ضحاياه قرابة المئة ألف
يراه البعض بطلا قوميا لإصراره على حكم بلاده، لكنّ سيرته ارتبطت أكثر بالدموية، وقد بلغ عداؤه للعثمانيين حدّ اعتناقه الكاثوليكية بدل الأرثوذوكسية ليتّحد مع ملك المجر ضدّهم. ولم تنقطع مواجهاته معهم حتّى مقتله عام 1477، عُلّق رأسه على خازوق في أدرنة، أما مكان دفنه فظلّ مجهولا..