اضطر الاحتلال الإسرائيلي في الثالث عشر من مايو/أيار 2024 للاستعانة مجدداً بالفرقة 98 من الجيش الإسرائيلي التي تعرف بـ”تشكيل النار”، لمواجهة المقاومة الفلسطينية في مخيم جباليا، رغم إعلانه يوم 7 أبريل/نيسان 2024 عن سحب نفس القوات من مخيم خان يونس، و”إنهاء مهمتها”، وهو ما اعتبرته بعض وسائل الإعلام العبرية نهاية العمليات البرية بشكلها الحالي في قطاع غزة.
لكن خبراء عسكريين تحدث إليهم “عربي بوست” أوضحوا أن عودة الفرقة 98 للعمل الميداني مجدداً يكشف حجم “الأزمة العسكرية” التي تواجهها إسرائيل في مخيم جباليا، كون هذه الفرقة تمثل رأس حربة قوات المشاة الإسرائيلية، والاستعانة بها يعني وجود مقاومة كبيرة وحاجة للتعامل مع طبيعة جغرافية معينة.
في هذا التقرير نحاول تسليط الضوء على الفرقة 98 العسكرية، ودورها منذ بدء الحرب البرية الإسرائيلية على قطاع غزة، ودلالات وجودها في أي منطقة، وكذلك الخلافات التي دبت بين قائد الفرقة العميد دان غولدفوس والقادة الإسرائيليين بسبب الحرب على غزة، فضلاً عن مستقبل الفرقة في ضوء المقاومة المستمرة في مخيم جباليا ضد قوات الجيش الإسرائيلي.
ما هي الفرقة 98؟
تُعرف الفرقة 98 باسم “تشكيل النار”، وتضمّ ألوية المظليين والكوماندوز وغيرها من الوحدات الخاصة، وتُوكل إليها المهمات الصعبة والمُعقّدة. وهي تتبع للقيادة المركزية، ويقود الفرقة حالياً المقدم دان غولدفوس.
تأسّست الوحدة عام 1974 في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 باسم الفرقة 96 أول الأمر، وكان قائدها الأول العميد دان شمرون الذي أصبح لاحقاً رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، وشاركت في اجتياح لبنان عام 1982، كما شاركت الفرقة في حرب يوليو/تموز 2006 على لبنان، ونفّذت عمليات إنزال لقوات المظليين في عمق لبنان وعلى طول نهر الليطاني في حين كانت هذه الفرقة في الأصل لواءً مدرعاً جرى حله في 2013، إلا أنه تقرر إعادة تشكيله في 2016، باعتباره لواء مشاة احتياطياً.
تتبع الفرقة 98 لقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، ويتخصص مقاتلوها في تنفيذ التطويق العمودي بواسطة المظلات والإنزال الهجومي باستخدام المروحيات الهجومية وطائرات النقل والقتال في عمق العدو باستخدام المدرعات والمدفعية.
وقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي مسؤولة عن جميع الوحدات والفرق التي تقع في الضفة الغربية والقدس وتل أبيب الكبرى والسهل الساحلي. ويقع المقر الرئيسي للقيادة الوسطى في مستوطنة نيفي يعكوب في شمال القدس المحتلة، وحتى هذه اللحظة فإن قائد القيادة الوسطى الحالي هو اللواء آفي مزرحي.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
القوة العسكرية للفرقة 98 الإسرائيلية
تضم الفرقة 98 عادة ما بين 13 إلى 20 ألف جندي، وتتكون من وحدات هجومية، ووحدات دعم قتالية ودعم جوي، ووحدات استطلاع، ووحدات هندسة قتالية، واستخبارات عسكرية، وخدمات لوجستية. وكل لواء في الفرقة 98 يتراوح عدد جنوده ما بين 3-7 آلاف جندي.
بعد عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تم تكليف الفرقة 98 بمهمة احتلال القطاع القتالي في خان يونس جنوب قطاع غزة، حتى انسحابها يوم 7 أبريل/نيسان 2024.
مكونات الفرقة 98 الإسرائيلية:
1. لواء المظليين، وهو لواء مظلي نظامي وجزء من المشاة والمظليين. يرأس اللواء ضابط برتبة عميد، وقائده الحالي هو العميد عامي بيطون.
2. لواء مقلاع داود، وهو لواء نظامي في سلاح المدفعية يعتمد على الذخائر الموجهة بدقة.
3. لواء السهام النارية، وهو لواء كوماندوز احتياطي.
4. اللواء 55 احتياط، ويعرف هذا اللواء أيضاً باسم “تشكيل رأس الحربة”، وهو لواء مظلي احتياطي، تم إنشاؤه رسمياً عام 1966.
5. لواء عوز، المعروف باسم لواء الكوماندوز، وهو تشكيل مشاة للعمليات الخاصة لسلاح اليابسة. ويضم لواء عوز تحته عدة وحدات كوماندوز:
– وحدة “إيجوز”، تم إنشاؤها عام 1995، لمحاربة حزب الله بعد تصعيد هجماته في جنوب لبنان، وتم إلحاقها -باعتبارها وحدة كوماندوز- بسلاح البر.
– وحدة ماجلان، وهي وحدة استطلاع خاصة، متخصصة في العمل خلف خطوط “العدو” وفي عمق أراضي “العدو” باستخدام التقنيات والأسلحة المتقدمة.
– وحدة “دوفدوفان”، وتعرف أيضاً باسم “المستعربين”، وهذه الوحدة تم تشكيلها عام 1986 بمبادرة من إيهود باراك.
مناورات في قبرص اليونانية
كان آخر ظهور علني للفرقة قبل طوفان الأقصى، هو مشاركتها مع بعض الفرق الاخرى داخل جيش الاحتلال في مناورات عسكرية في قبرص الرومية، وذلك في عام 2022، وكان موضوع التدريب في هذه الفترة هو “بناء خيار للعمل في عمق لبنان”، إذ قام الجيش الإسرائيلي بعملية إنزال ضخمة لآلاف الجنود من الجو والبحر والبر في قبرص، وذلك للتدريب على “العمل في عمق لبنان في حال وقوع حرب”.
شملت هذه المناورات التدريب على تنفيذ غارات ليلية على مجمعات حزب الله العسكرية والسيطرة على خط الساحل وتدمير مراكز ثقل جيش حزب الله، وقد شكلت هذه المناورات غير المسبوقة تحديات كبيرة للجيش الإسرائيلي، حيث كانت من أولى المناورات التي تضمنت العمل في منطقة غير مألوفة، بعيدة عن حدود البلاد وفي عمق أراضي لبنان.
في هذه المناورات قال ساعتها العميد عوفر وينتر، قائد الفرقة 98 التي كانت من القوات التي تم تدريبها على “العمل داخل عمق لبنان” إن “ما يدخل في حقيبة ظهر المحارب هو ما سيحصل عليه في القتال. وهذا يعني أن الإمدادات المتاحة للمقاتلين محدودة، وعليهم الاكتفاء بما لديهم من طعام أو ماء أو ذخيرة وأن التحدي الآخر هو الحاجة إلى التواصل بين القوات في الميدان والمقر الرئيسي في إسرائيل. إن القدرة على مواصلة الاشتباك بشكل مستمر تزيد من بقاء وفاعلية المجهود الحربي الشامل”. وقد بدا من المناورات أن قوات الفرقة 98 جنباً إلى جنب مع بعض فرق جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت تتدرب بشكل مبكر على الاشتباك المسلح مع حزب الله وفي داخل لبنان.
نشاط الفرقة 98 منذ طوفان الأقصى
تتضمن هذه الفرقة عدداً من الألوية التي كانت داخل غزة حتى وقت قريب، منها اللواء 55 المظلي. تركزت العمليات في منطقة خان يونس جنوب القطاع قبل سحبه واستبداله بكتيبة أخرى في الأول من فبراير/شباط بعد أن أمضى 55 يوماً داخل غزة. وبعد انسحابه أعلن عن ضم عدد جديد من الجنود ويقوم بالتركيز على استخدام الطائرات المسيرة.
من ضمن هذه الفرقة أيضاً لواء المظليين رقم 551 ويطلق عليه “سهام النار”. تم تسريحه تماماً في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 بعد مشاركته في الحرب داخل غزة.
كان من المهم كذلك أثناء البحث عن نشاط الفرقة 98 الإسرائيلية داخل الجيش الإسرائيلي، أن نرصد دورها في يوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد وثق الإعلام الإسرائيلي وجوداً للفرقة 98 الإسرائيلية واشتراكاً منذ الساعات الأولى لطوفان الأقصى حتى إن العميد دان غولدفوس، قائد الفرقة 98 الإسرائيلية قال ساعتها إن ما حدث “لم نشهده من قبل، لم يكن هناك أحد للتحدث معه، لقد طار المقاتلون من مستوطنة إلى أخرى، ونحن نبذل جهداً هائلاً لتنقية كل سنتيمتر في الفضاء، فيما لم نعثر على أي أنفاق هجومية حتى الآن، واستبعدنا أي مخاوف من وجود أنفاق في المستوطنات. تلقينا لكمة في المعدة لكننا سيطرنا على خط التماس، ونحن الآن في هجوم كبير”.
لم يخفِ قائد الفرقة 98 حقيقة موقفه تجاه الهجوم غير المسبوق للمقاومة على إسرائيل، بل كان صريحاً إلى أبعد حد، خاصة أنه كان من أوائل الذين وصلوا إلى المستوطنات التي شهدت هجوماً من المقاومة، حيث كان في الساعات الأولى من صباح السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في مجمع “حزب الطبيعة” بالقرب من كيبوتس “ريم” الذي شهد الهجوم الكبير من المقاومة الفلسطينية، ثم انتقل بعد ذلك إلى باقي المستوطنات التي شهدت الهجوم، وبعدها دخل بقواته في اشتباكات مع المتبقين من أفراد المقاومة الفلسطينية الذين كانوا لا يزالون داخل الأراضي المحتلة.
كان له حضور إعلامي كبير في ذلك الوقت، فخرج على الصحفيين للحديث عن آثار طوفان الأقصى، وقال: “نسبياً استقر الوضع وعاد إلى طبيعته. ولا تزال هناك اتصالات مع العدو هنا وهناك في الميدان، أو في عمليات تسلل مختلفة لكننا نستثمر في استقرار الوضع، فهذا حدث على نطاق لم نشهده من قبل، بمشاهد صعبة للغاية، قتل جماعي للمدنيين والمنازل والشاحنات التي أحرقت ومن بداخلها من المدنيين والجنود. هذا حدث صعب للغاية، إنها حفلة مذبحة”.
انتقد قائد الفرقة 98، تأخر الجيش الإسرائيلي في التفاعل مع هجوم المقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وقال: “لم يكن هناك من أتحدث إليه. فقط الخاطبة (ضابط التنسيق بين الفرقة والقيادة) (المقر رقم 17) في القيادة الجنوبية، ولم يكن لدى أحد صورة للوضع داخل مقر فرقة غزة.
معركة خان يونس ودخول قوات الفرقة 98 الإسرائيلية
مع استمرار القتال في قطاع غزة، لجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى شن عملية عسكرية في خان يونس من أجل حصارها والتضييق على المواطنين، وكذلك استهداف المقاومة الفلسطينية، وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول 2023، شن الجيش الإسرائيلي عملية غارة جوية واسعة النطاق على مدينة خان يونس، وأعلنت توسيع اجتياحها البري إلى جنوب قطاع غزة باستخدام القوات البرية والمدرعات.
لجأ الاحتلال إلى استدعاء الفرقة 98 التي تضم وحدة الكوماندوز وغيرها من الوحدات الخاصة، وذلك لإطلاق هجوم مشترك على محيط مدينة خان يونس ضد المقاومة الفلسطينية، وقامت الفرقة 98 بفرض طوق على المدينة، وقد وصلت مجموعة القتال التابعة للواء الكوماندوز ولواء غفعاتي إلى وسط خان يونس.
لكن فخاً نصبته المقاومة للفرقة 98 في خان يونس، فنتيجة للاشتباك الكبير بين الفرقة 98 والمقاومة الفلسطينية، فقد نجحت كتائب القسام في تدمير 24 مركبة عسكرية في خان يونس وقالت إنهم قتلوا 8 جنود إسرائيليين بهجمات القناصة، وإنهم نجحوا في تفجير مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون بالبراميل المتفجرة ومتفجرات TBG، ما أدى إلى انهيار المبنى بالكامل ليعلن جيش الاحتلال بالفعل عن مقتل 6 جنود أثناء القتال في خان يونس.
اللجوء إلى وحدة دوفدفان
نتيجة للمقاومة الشديدة في خان يونس لجأ الاحتلال إلى الاستعانة بوحدة دوفدفان ووحدة عوكيتس وهما تابعتان للفرقة 98 الإسرائيلية، وذلك من أجل مواجهة المقاومة في خان يونس لتستمر الاشتباكات حتى حدوث مجزرة خان يونس في الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 2023، حيث اضطر سلاح الجو الإسرائيلي للتدخل لدعم قوات الفرقة 98 الإسرائيلية على الأرض، وقام بقصف الشوارع وكافة المنازل الموجودة في وسط خان يونس والمكتظة بالنازحين الذين نزحوا من شمال القطاع وقتل الاحتلال ساعتها 31 فلسطينياً.
حتى إن تقارير الإعلام الإسرائيلي قالت ساعتها إن 7 فرق قتالية من الألوية العسكرية تدير معركة معركة خان يونس، وذلك تحت قيادة الفرقة 98، بقيادة العميد دان غولدفوس وإن الفرقة 98 الإسرائيلية شنت عشرات الهجمات على المقاومة من أجل وقف تقدم القسام في العمليات العسكرية.
هذه لقطات لقوات الفرقة 98 في خان يونس:
خلاف علني بين الفرقة 98 وقيادة جيش الاحتلال
مع اشتداد المقاومة ضد قوات جيش الاحتلال في خان يونس، لجأت قوات الفرقة 98 الإسرائيلية وفق ما أعلن الاحتلال في الرابع من مارس/آذار 2024 إلى عملية عسكرية جديدة تهدف من ورائها لتقسيم مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وزعم بيان جيش الاحتلال، أن قوات الفرقة 98 استطاعت الوصول بشكل سري إلى مدينة خان يونس، وفرض طوق على حي حمد غرب المدينة، بحجة وجود عدد كبير من البنى التحتية لفصائل المقاومة الفلسطينية في الحي.
وفي ظل الخلاف الإسرائيلي الداخلي، وعدم قدرة جيش الاحتلال على حسم المعركة في خان يونس، خرج قائد الفرقة 98 بجيش الاحتلال الإسرائيلي، بانتقادات شديدة وجهها إلى الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش، وقال إن ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 هزيمة كبيرة وإنه “يجب على السياسيين التوحد وأن يكونوا على قدر ما نستحق ويستحقه الجنود الذين قتلوا”. وأضاف قائد الفرقة: “نطأطئ رؤوسنا بسبب الفشل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفي الوقت نفسه نمضي لتحقيق الإنجازات”
هذه التصريحات أثارت غضب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عرف بتصريحات قائد الفرقة 98، وقالت القناة 12 العبرية نقلاً عن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن تصريحات قائد الفرقة 98 مرفوضة من جانب قادة الجيش ونقلت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية عن ضابط في كتيبة كوماندوز التابعة للفرقة 98، قوله إن ساحة القتال في مدينة حمد بخان يونس هي الأصعب حتى الآن.
في المقابل وبّخ رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي بشدة قائد الفرقة 98، العميد دان غولدفوس، “لتصرفه على عكس ما كان متوقعاً من قائد كبير في الجيش الإسرائيلي”، وفقاً لمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وحسب الإعلام الإسرائيلي فإن هاليفي أبلغ غولدفوس أنه “استخدم الثقة الممنوحة له بطريقة تضر بالدولة في الجيش الإسرائيلي، والحدود بين الرتب السياسية والعسكرية”.
كمين الأبرار.. الاشتباك الأخير في خان يونس
ورغم اعتماد الجيش الإسرائيلي على الفرقة 98 في مواجهة المقاومة الفلسطينية في خان يونس، إلا أنه وفي نهار يوم السابع والعشرين من رمضان، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس تنفيذ ما أطلقت عليه ” كمين الأبرار”، ضد قوات الفرقة 98 الإسرائيلية، وهو ما وصف باليوم الأشد قسوة على جنود الاحتلال في القطاع، وهي كانت نقطة الشرارة لانسحاب الفرقة 98 من خان يونس بعد كل هذه الهزائم وعدم قدرتها على حسم المعركة العسكرية في المدينة لصالح جيش الاحتلال، بل إنها تكبدت الكثير من الخسائر بين صفوفها على يد المقاومة الفلسطينية.
تفاصيل عملية كمين الأبرار ضد القوة 98 الإسرائيلية
- تمكّن المقاتلون من استهداف فصيل مشاة من لواء كوماندوز وبعد وصول المدرعات، تم استهدافهم بقذائف الياسين والعبوات المضادة للمدرعات.
- جرت بعد الكمين الثاني عملية مطاردة للقوات الإسرائيلية، حيث عاود مقاتلو القسام استهداف قوات النجدة والجنود الذين فرّوا من المكان وتحصنوا في أحد المنازل المحيطة بمنطقة الحادث بعبوة مضادة للأفراد وأكدوا مقتل 3 جنود، وتحولهم لأشلاء وإصابة عدد آخر بجراح.
- في الكمين الأوّل (ضد الأفراد)، تمّ فتح النار على فصيل المشاة من لواء الكوماندوز بالعبوات المضادة للأفراد، ومن ثم إمطارهم بوابل من الرّشاشات وبنادق القنص، ما أدّى إلى إيقاع إصابات دقيقة فيهم قتلت بعضهم وأصابت آخرين.
- في الكمين الثاني (ضد المدرعات)، تمّ رصد قوات النجدة من مربضها (مكان تجمعها)، وتم انتظار قدومها بعد نداء الإغاثة الذي أرسله لهم الفصيل الذي وقع في الكمين، وعند وصولهم إلى نقطة القتل المنتخبة، تمّ تحييدهم فوراً، ومن الملاحظ عدم تحرّك الدبابات من مكانها أبداً بعد استهدافها، في إشارة إلى دقّة الإصابة وأثرها.
- ثم كانت المرحلة الأخيرة، مرحلة تطهير مسرح العمليات من أي جنود أحياء، عبر مطاردة القوات الناجية وتصفيتها، بنسف المباني التي تحصنوا بها، والقضاء على الآخرين بالرصاص.
انسحاب الفرقة 98 من خان يونس
عملية “كمين الأبرار”، تسببت في رد فعل كبير داخل إسرائيل وداخل جيش الاحتلال، حتى جاء يوم السابع من أبريل/نيسان 2024 بإعلان الجيش الإسرائيلي انسحابه من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، بعد نصف سنة على بدء الحرب، وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن “الفرقة 98 بألويتها الثلاثة، انسحبت من خان يونس بعد انتهاء العملية هناك، بعد قتال دام أربعة أشهر”.
في حين قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلى سحب قواته من خان يونس جنوب قطاع غزة ليلة السبت، دون تحقيق أهدافه الأساسية، وأكدت أن النصر الذى يسعى إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس قريباً كما يصفه. وأضافت الصحيفة أن الجنود الإسرائيليين يغادرون الجزء الجنوبى من غزة، وإسرائيل ليست أقرب بكثير من تحقيق أهداف الحرب، ويجب عليها الآن مواجهة المزيد من الاعتراضات من الغرب.
الاستعانة مرة أخرى بالفرقة 98
لكن ومع ضراوة المقاومة في مخيم جباليا وفشل الاحتلال في حسم المعركة، اضطر مجدداً للاستعانة بالفرقة 98 الإسرائيلية لدخول المخيم والاشتباك مع المقاومة الفلسطينية، حتى إن الإعلام الإسرائيلي قال قبيل أيام من دخول الفرقة 98 لجباليا، إن الفرقة 98 والفرقة 162 تنفذان الإجراءات القتالية النهائية كجزء من الاستعدادات للمناورة البرية هناك، في إشارة إلى دخول مخيم جباليا.
ليعلن بعدها المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح يوم السبت 11 مايو/أيار 2024 بدء جيش الاحتلال عملية جديدة في شمال غزة، بعد أن طلب من سكان عدد من الأحياء إخلاء منازلهم. العملية التي بدأت بقصف جوي مكثف طال منازل وممتلكات المواطنين، تحولت لاحقاً إلى توغل بري بعد أن تقدمت قوات من الفرقة 98 الإسرائيلية إلى المناطق الشرقية من مخيم جباليا في اتجاه مركزه، وبالتزامن معها واصلت الفرقة 98 الإسرائيلية عملياتها في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، فيما تعمل الفرقة 162 في مدينة رفح.
ويظهر من معاودة الفرقة 98 دخول مخيم جباليا مرة أخرى، إن المخيم يمثل أهمية كبيرة للمقاومة وكذلك لشراسة المقاومة هناك، إذ تقسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس قطاع غزة إلى خمسة ألوية، يغطي كل لواء إحدى المحافظات، بدءاً من لواء الشمال، ولواء غزة، ولواء الوسطى، ولواء خان يونس، ولواء رفح، وينقسم لواء الشمال إلى 6 كتائب: كتيبة بيت لاهيا، وكتيبة بيت حانون، وكتيبة جباليا، والكتيبة الغربية “عماد عقل”، والكتيبة الشرقية “سهيل زيادة”، وكتيبة الخلفاء، وتحت كل كتيبة مجموعة من السرايا، وكل سرية تحتها عدد من الفصائل. ويلاحظ أن مخيم جباليا وحده يحتوي على 3 كتائب من أصل 6 تنشط في لواء الشمال الذي يغطي أراضي محافظة شمال غزة.
للمقاومة رأي آخر
ورغم دخول الفرقة 98 لجباليا، فلم يكن دخولها نزهة، إذ استعدت المقاومة الفلسطينية بشكل كبير للفرقة 98 الإسرائيلية واستطاعت في أيام قليلة تكبيدها خسائر كبيرة بعد أن أفادت مصادر إسرائيلية بمقتل وجرح 20 جندياً يوم الأربعاء 15 مايو/أيار 2024 في تفجير مبنى مفخخ في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، في حين ارتكب الاحتلال المزيد من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين.
ويأتي هذا التطور بعد أن تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن حدث أمني صعب تعرضت له الفرقة 98 (التي تنشط في مخيم جباليا حالياً)، مشيرة إلى أنباء عن قتلى، كما يأتي بعد أن هبطت مروحيات إسرائيلية شرق مخيم جباليا لنقل مصابين وقتلى محتملين من الجنود الإسرائيليين، وكانت فصائل المقاومة أعلنت عن سلسلة عمليات تم تنفيذ بعضها بشكل مشترك، وشملت كمائن وقنص جنود واستهداف آليات متوغلة في مخيم جباليا شمالاً وشرق رفح جنوباً، ما أسفر عن قتلى وجرحى من الجنود الإسرائيليين.
خسائر الفرقة 98 في غزة
رغم عدم وجود أي بيانات إسرائيلية رسمية حول خسائر الفرقة 98 في قطاع غزة سواء في خان يونس أو حتى في جباليا، إلا أن المحلل العسكري والاستراتيجي، نضال أبو زيد، زعم أن انسحاب قوات الفرقة 98 من جنوب غزة جاء بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها مؤخراً.
وأضاف أبو زيد إن إعلان الانسحاب جاء في وقت تجاوزت فيه خسائر الفرقة النقطة الحرجة (35%) من نسبة الخسائر التي لا يسمح بعدها لأي قوة بالاستمرار في القتال تحسّباً لانهيار القوة بالكامل، لافتاً في السياق ذاته لاستعصاء العملية العسكرية في خان يونس وفشل الفرقة في تحقيق أي إنجاز ميداني يذكر.
من جانبه قال العميد سمير راغب، الضابط المصري السابق، في تصريحات لـ” عربي بوست” إن استدعاء الفرقة 98 مرة أخرى إلى جباليا بسبب رغبة الاحتلال في توسيع العمليات العسكرية البرية مرة أخرى في جباليا، خاصة بعدما قام بسحب الفرقة 98 من خان يونس في أبريل/نيسان 2024، وقام بالإعلان عن أنه سيقوم بتنفيذ ما يُطلق عليه العمليات منخفضة الحدة.
قال كذلك إن الاحتلال بعد إعلانه تنفيذ عمليات منخفضة الحدة في غزة، أبقى على لواءين من الفرقة 162 موجودة في نتساريم، لكنه تراجع بعد ذلك واضطر إلى الإعلان عن عمليات برية موسعة مرة أخرى في جباليا، وقام بسحب الفرقة 162 وإرسالها إلى رفح، وقام باستدعاء الفرقة 98 في جباليا لمواجهة قوة المقاومة.
أضاف أن الاحتلال “تورط في جباليا، ولم يعد يستطيع أن يخرج الآن”، مشيراً إلى أن الاحتلال ليس أمامه إلا سحب الفرقة 98 من جباليا حتى يقلل الخسائر التي يواجهها على يد المقاومة داخل المخيم الفلسطيني، مشيراً إلى أن الاحتلال سيبقى داخل جباليا لحين الانتهاء من كافة عمليات رفح، على حد قوله.
جدير بالذكر إن مخيم جباليا يقع في الشمال الشرقي لقطاع غزة بمحاذاة مدينة تحمل الاسم ذاته، وعلى مسافة كيلومتر واحد عن الطريق الرئيسية غزة-يافا، وتحده من الشمال قرية بيت لاهيا، ومن الجنوب والغرب مدينة جباليا وقرية النزلة، ومن الشرق بساتين الحمضيات، ويرتفع المخيم على سطح البحر حوالي 30 قدماً، ويبعد عن مدينة جباليا مسافة كيلومتر تقريباً، وهو من أقرب المخيمات إلى معبر إيريز المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى إسرائيل.