حدد باحث فرنسي ثلاثة عوامل رئيسية في استراتيجية الإمارات في الشرق الأوسط تقوم على التحالف مع إسرائيل ونشر التطبيع معها، ودعم الاستبداد عبر الأنظمة الديكتاتورية، إلى جانب دفع تقسيم اليمن.
وقال الباحث ستيفان لاكروا في مقابلة مع مجلة (أوريان 21) إن السياسة التي تتبعها الإمارات لا تساهم في استقرار المنطقة بل عامل زعزعة وبث للفوضى والتخريب.
وأكد لاكروا أنه في نظر الإماراتيين ما من استقرار إن لم يكن سلطويا فالنموذج الذي يؤمنون به هو مضاد للربيع العربي، يحكمه قادة ديكتاتوريون، رجال أقوياء أمثال عبد الفتاح السيسي، الذي يساندوه بالجهد الجهيد.
وأضاف أن هذا النموذج المدعوم إماراتيا ينطوي على الليبرالية الاقتصادية وحرية السوق لتسهيل التجارة كما يشمل الانفتاح على اسرائيل. فما من مشكلة برأيهم في إدخال تل أبيب في هذه الديناميكية بما أن التطبيع مع إسرائيل سوف يُتَرجَم الى فوائد اقتصادية يأملون بتحقيقها.
وأبرز لاكروا أن الملحوظ أن بلوغ مثل هذه النتيجة المرجوة ينطوي على خوض الحروب بوتيرة مكثفة. فالإماراتيون يشاركون في الحرب في ليبيا وفي اليمن وفي السودان وغيرها.
ونبه لاكروا إلى أن حكام الإمارات يساهمون في مساندة أنظمة سياسية ترتكب انتهاكات حقوقية فادحة كما هو حاصل في مصر حيث تمت في نهار واحد فقط في آب 2013 بعد انقلاب السيسي تصفية ألف شخص من أنصار الإخوان المسلمين على أيدي الشرطة المصرية.
وعلاوة على ذلك فإن هذا النموذج الإماراتي يفترض سلفاً أن إحلال وضع من الاستبدادية المصحوبة بالليبرالية الاقتصادية أمر قابل للاستمرارية.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقال لاكروا “لا أتصور أن هذا الوضع يمكن أن ينسحب على المنطقة بأسرها، سيما أنها معقدة ومتشرذمة، وإن كان هناك عبرة واحدة لا بد من استنتاجها من الربيع العربي فهي أن فرض مثل هذا النموذج قد يؤدي على المدى البعيد الى مزيد من زعزعة الاستقرار بدلاً من الاستقرار”.
ولفت الباحث الفرنسي إلى أن الإمارات منذ 2011، شرعت في نوع من الحملة الإقليمية بمطاردة حركات الإسلام السياسي في الخارج، وقد بدأ التدخل في مصر حيث لعبت أبو ظبي دوراً مهماً في إطاحة الجيش المصري بالرئيس المنتخب في حينه محمد مرسي بداية تموز 2013.
واستمر التدخل في ليبيا حيث انحازت الإمارات الى جانب الجنرال خليفة حفتر وساندته في حربه على الإخوان المسلمين، ذاهبة الى حد القصف الجوي.
وفِي تونس عملت الإمارات على مناهضة الحزب الإخواني، النهضة، التابع لراشد الغنوشي الذي وصل الى الحكم عام 2011، وساندت حزب نداء تونس التابع للباجي قائد السبسي، وذلك قبل أن توجه له اللوم عام 2017 لأنه لم يتخذ موقفاً موالياً للإمارات.
كما أن الإمارات دخلت طرفاً في اليمن، هذه القضية التي أصبحت رهاناً غاية في الأهمية، حتى لو لم تكن الدوافع هي نفسها التي تحركها وتحرك السعودية. فكل من النظامين الملكيين يتابع هدفاً مختلفاً الى حد ما. على الصعيد الرسمي، يحاربان جنباً الى جنب الحوثيين ويسعيان لفرض هيبة الحكومة الشرعية.
أما في حقيقة الأمر فهدف الإمارات الأساسي هو جعل اليمن منطقة خالية من الإسلام السياسي، وبالتالي فهي تساند بشكل عازم أي قوى مناهضة للإخوان حتى لو اضطرها الأمر أحياناً الى مساندة ميليشيات ذات انتماءات سلفية تكن لها الكراهية الشديدة، بحسب لاكروا.
وأكد أن استراتيجية الإمارات تختلف بالتالي عن حليفتها السعودية، بحيث تدفع أبوظبي إلى تقسيم اليمن عبر إعلان دولة في الجنوب لأنه يسمح لها بوضع هذه المنطقة الجنوبية الخاضعة لحركة انفصالية تمدها بالدعم، يسمح بوضعها كلها تحت السيطرة الإماراتية.
وختم أن الفكرة التي تستحوذ على كل تفكير أبو ظبي هي أن الانفصاليين هم أعداء حركات الإسلام السياسي وبالتالي فهم يلعبون لمصلحة الإمارات، وأن انفصال جنوب اليمن سيسمح لها بتكوين محمية إماراتية خاصة بها.