ما أن مات عبد المطلب جد النبي ﷺ حتى سارع ابنه أبو طالب إلى تنفيذ وصية والده بكفالة النبي ﷺ وكان عمره حينها ٨ سنوات، رغم أن أبو طالب لم يكن بالغنيّ، إلا أنه كان يحب النبي ﷺ حبًّا جمًّا، وكان لا ينام إلا بجانبه، ولا يخرج إلى مكان إلا معه، وإن عاد من سفر، كان يسأل عن النبي أوّلًا لتعلقه الشديد به.
وفي منزل أبو طالب عاش النبي ﷺ فترة من حياته مع عمه أبو طالب كما تربى فيه كذلك الإمام علي بن أبي طالب.
ويقع هذا المنزل في شعب بني هاشم والذي يبعد مسافة كيلو متر ونصف من شرق الحرم المكي الشريف، ويقع بجوار منزل النبي ﷺ الذي ورثه من أبيه عبد الله رحمه الله والذي منحه إياه أبوه عبد المطلب.
ففي السيرة، أتى أشراف مكة لأبي طالب: إما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه. فإنك على مثل ما نحن عليه أو أجمع لحربنا. فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك على هذا، حتى نهلكه أو يكف عنا، فقد طلبنا التخلص من حربك بكل ما نظن أنه يخلص. فبعث أبو طالب إلى رسول الله فقال له: يا ابن أخي، إن قومك جاءوني، وقالوا كذا وكذا، فأبق على وعلى نفسك، ولا تحملني ما لا أطيق أنا ولا أنت. فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك. فأجابه رسول الله: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه. فقال أبو طالب:
وَاللَّهِ لَن يَصِلوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم
حَتّى أُوَسَّدَ في التُّرابِ دَفينا
فَاصْدَع بِأَمرِكَ ما عَلَيكَ غَضاضَةٌ
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وَابشِر بِذاكَ وَقَرَّ مِنهُ عُيونا
وَدَعَوتَني وَزَعَمتَ أَنَّكَ ناصِحٌ
وَلَقَد صَدَقتَ وَكُنتَ ثَمَّ أَمينا
وَعَرَضتَ دينًا قَد عَلِمتُ بِأَنَّهُ
مِن خَيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دينا
لَولا المَلامَةُ أَو حِذاري سُبَّةً
لَوَجَدتَني سَمحًا بِذاكَ مُبينا
وبهذا كان واضحًا أن عبد المطلب كان يخاف ملامة قومه فأبى أن يدخل في الإسلام.
وفي عهد الملك عبد العزيز آل سعود تم تحويل بيت أبو طالب إلى مدرسة سميت بمدرسة “النجاج”، حتى تم هدمها عام ١٩٨٢ على يد المدرسة الوهابية هناك.
وفي هذا الصدد، يهمّنا أن نبيّن مسألة يتداولها بعض العامّة في زماننا هذا، وهي: إن أبا طالب لا يخفّفُ عنه العذاب في النار، فهو مات مشركًا بالله، أما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح عن أبي طالب: (هو في ضحضاح من نار) فقد جاء كلام علماء أهل السنة والجماعة فيه ليس بالمعنى الذي يذهب إليه بعضُ مَن جهِلَ العلمَ، فقالوا إن الكافر يخفف عنه العذاب في النار وإن الرسول يشفع لبعض الكفار والعياذ بالله، لا، حاشى أن يكذّب رسول الله القرءان، بل معناه أن قدرَ العذاب الذي يدخل فيه أبو طالب أقلُّ من قدر غيره من الكفّار.