تعرض حزب الله مؤخرا لضربات قاسية خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي الواسع على لبنان، وبلغت أشد هذه الضربات باغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله وعدد من قادة الحزب السياسيين والعسكريين، لكن لم توقف هذه الضربات هجماته الصاروخية صوب مستوطنات الشمال والمدن المحتلة.
وأطل نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في خطاب جديد الثلاثاء، وهو الثالث منذ اغتيال نصر الله، وقال فيه إن الحزب انتقل منذ أيام إلى معادلة “إيلام العدو”، قائلا: “بما أن العدو استهدف كل لبنان، فإنه يحق للبنان استهداف كل منطقة للعدو”.
ووجه حزب الله قبل أيام الضربة الأشد للاحتلال، حيث قُتل وأصيب العشرات من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ جراء هجوم بسرب من الطائرات المسيرة نفذه حزب الله في معسكر بمنطقة بنيامينا جنوبي حيفا شمال فلسطين المحتلة.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال؛ إن الهجوم وهو الأعنف الذي ينفذه حزب الله منذ بدء الحرب، أدى إلى مقتل 3، بينما أصيب نحو 67 بعضهم إصابتهم خطرة.
سيناريوهات مفترضة
ويؤكد مراقبون أن حزب الله استطاع ترميم بنيته العسكرية، بعد الضربات القوية التي تعرض لها، واغتيال عددا من قياداته البارزة، مشيرين إلى أن الحزب وضع مثل هذه السيناريوهات قبل الحرب.
ويوضح الباحث السياسي محمد شمص أنه “على مدى سنوات ناقشت القيادة العسكرية في حزب الله كيفية مقاربة الساعات الأولى للحرب، وسبل استيعاب الضرب الأولى وآثارها، ووضعت السيناريوهات المفترضة جميعها على الطاولة بما فيها قيادات عسكرية كبيرة في الحزب”.
ويشير شمص في تحليل نشره موقع “الخنادق” إلى أن الاحتلال اعتمد منذ بداية عمليات الدعم والإسناد لغزة من الجبهة اللبنانية، سياسة الاغتيالات للقادة العسكريين والميدانيين للمقاومة، بدءا بالشهداء القادة وسام الطويل، وطالب عبد الله، ومحمد نعمة، وصولا إلى القادة الشهداء فؤاد شكر وإبراهيم عقيل وعلي كركي.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ويؤكد أن قيادة حزب الله سارعت إلى تطبيق الخطة الموضوعة مسبقا بتأمين حماية القيادات العسكرية، من خلال إجراءات صارمة تشمل حركتهم واتصالاتهم، والأهم تحديد البدائل للشهداء القادة من معاونيهم ومساعديهم بشكل تلقائي وفوري، لمنع حدود أي خلل أو ثغرة في الميدان.
ويفيد بأن “الأمور جرت كما كان مخططا لها، واستطاع الحزب ملأ جميع المواقع العسكرية الشاغرة بوقت قياسي، لاسيما أن هؤلاء المعاونين والمساعدين لمسؤولي الوحدات يمسكون بالملفات العسكرية بالتفصيل، ولديهم الخبرة الميدانية والعسكرية الكافية التي تؤهلهم إدارة الوحدة في حالات الحرب”.
تعيين بدلاء
ونقل شمص عن ضابط ميداني في حزب الله، أنه “تم تعيين بدلاء لكل من مسؤول وحدة نصر الشهيد القائد الحاج طالب عبد الله وحل مكانه الحاج (ع. ش)، ومسؤول وحدة عزيز الشهيد القائد الحاج محمد نعمة ناصر وحل مكانه الحاج (د. ع)، والشهيد القائد فؤاد شكر وحل مكانه الحاج (أ. ط)”.
ويشير إلى أن كل محاولات الاحتلال لفك الارتباط مع إيران، ومنع تدفق الأسلحة والصواريخ باءت بالفشل، مشددا على أن “الإمدادات العسكرية الإيرانية لم تتوقف لحظة واحدة منذ بداية الحرب حتى الساعة”.
تأثير الاغتيالات
من جانبه، قلل خبير عسكري إسرائيلي من تأثير الاغتيالات الأخيرة على قدرات حزب الله، وعملياته المتواصلة ضد مستوطنات الشمال والقواعد العسكرية، داعيا في الوقت ذاته إلى ضرورة إبرام تسوية سياسية مع لبنان.
وقال الخبير الإسرائيلي يوسي ميلمان في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، إن “عمليات الاغتيال لإبراهيم عقيل رئيس العمليات في حزب الله و15 من القادة في قوة النخبة (الرضوان)، هي عملية مثيرة وتدل على عمق اختراق الاستخبارات الإسرائيلية”.
واستدرك ميلمان بقوله: “في منظمات مثل حماس وحزب الله تم تغيير تشكيلات البنى العسكرية واستبدال أصحاب المناصب الرفيعة عقب عمليات الاغتيال”، مضيفا أنه “في إسرائيل يجدون صعوبة في الفهم أن التصفيات عمليا تجدد شباب صفوف القيادة العليا في المنظمة”.
وذكر أنه “في حزب الله تم القيام بعمل جماعي منظم، إجراءات عمل ووضع خطط وتسلسل قيادي واضح. في الواقع عمليات التصفية تنزل بالحزب ضربة معنوية، أحيانا صعبة. ولكن نجاعة هذه العمليات وتأثيرها محدود زمنيا. والدليل على ذلك هو أنه رغم تصفية الشخصيات الكبيرة إلا أن حزب الله يستمر في الأداء، وزاد مدى إطلاقه”.
وأشار إلى أن حزب الله يحاول الحفاظ على مبدأ معادلة اللكمات، فالحزب امتنع عن إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، مضيفا أنه إذا استمر منطق التصعيد فإنه في القريب سيحدث ذلك، وفي أعقابه سيتم رفع كل القيود والمعيقات من قبل الطرفين.
وينوه إلى أن “مسؤول وحدة الرضوان الشهيد القائد الحاج إبراهيم عقيل حل مكانه الحاج (ح. ي)، والشهيد القائد الحاج علي كركي حل مكانه الحاج (ع. ح)”، مبينا أن “هيكلية حزب الله التنظيمية والعسكرية مبنية على ما يُعرف بالبقع (الدوائر)، التي تعتمد بشكل كبير على قدراتها وعديدها الخاص، دون الحاجة لمراجعة القيادة العسكرية العليا إلا في القرارات الاستراتيجية”.
وتطرق شمص إلى مصير الصواريخ البالستية والدقيقة لدى حزب الله، قائلا: “الحزب يعتمد على تضليل الاحتلال عبر نقل وتمويه المنصات الصاروخية، وينفذ مناورات لتضليل العدو وإيهامه بأماكن وجود منصات وهمية أو تمرير معلومات عن إحداثيات قديمة”.
وبحسب الضابط الميداني في حزب الله، فإنه “رغم كل الجهد الاستخباراتي الإسرائيلي بالتعاون مع أجهزة مخابرات غربية، وقصف سلاح الجو لمئات المواقع والنقاط في الجبال والوديان في الجنوب والبقاع، إلا أنه لم يستطع الاحتلال تدمير سوى 20 بالمئة فقط من القدرات”.
ويتابع قائلا: “الحزب يحافظ على نحو 80 بالمئة من مخزون الصواريخ البالستية والدقيقة والطائرات المسيرة، والميدان أحد المؤشرات التي تؤكد ذلك، حيث تقصف المقاومة بمعدل وسطي يومي وفق الاعلام الإسرائيلي نحو 250 صاروخا من أنواع مختلفة على القواعد والمراكز العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وكان آخرها وأهمها يوم الأحد 13 /10/2024 باستهداف معسكر “بنيامينا” لتدريب قوات النخبة غولاني في حيفا، وقتل وجرح أكثر من 110 جندي وضابط لجيش الاحتلال فيه”.