جهد كبير بذلَته دول العالم الغربي، وتحديداً شماله، فنلندا والنرويج وأيسلندا والسويد والدنمارك في تسويق ذاتها كدول تتميز بمستوى معيشي عالٍ لمواطنيها، وما يتضمنه من رفاهية وحقوق للإنسان الى ان وصلوا الى اختراع منظمات ترعى ما اسموه حقوق الحيوان، وغيرها من المفاهيم التي ثبت أنها مجرد أسطوانات فارغة تُخفي خلفها حكوماتٍ عنصريةً وشعوباً قد يكون كثيرٌ منها لا يحترم حقوق الآخرين الدينية والإنسانية، وتتعامل مع الآخرين وفق معايير العرق والدين ولون البشرة.
إن حرق القرآن الكريم في السويد من قِبل عنصري دنماركي، بحماية رسمية من الأمن السويدي لا يندرج تحت بند الحريات، بل هو تصرف أخرق، يدل على مدى تغلغل الحقد والكراهية في نفوس البعض تجاه أكثر من ربع سكان العالم من المسلمين، بالإضافة لشدة عدائيته للذات الإلهية التي أنزلت القرآن الكريم خاتمة الكتب السماوية.
تتشدق هذه الدول بمفاهيم هي في الحقيقة لا تطبقها إلا بشكل عنصري، تميز فيه البشر وفق أصولهم وألوان بشرتهم ودياناتهم، فقد كشفت الحرب الروسية-الأوكرانية عن مدى عنصرية العالم الغربي عموماً تجاه شعوب شرق وجنوب العالم، وخصوصاً المسلمين منهم، وقد كشفت نواياهم وما يكتمون من خلال كلماتهم وخطاباتهم الموجهة لشعوبهم من أعلى الشخصيات الحاكمة في أكثر من بلد، منها فرنسا وبولندا وبريطانيا.
إن الشعوب الإسلامية في غالبيتها، ورغم ظروفها القاهرة، خصوصاً الاقتصادية منها، التي تُلقي بظلالها على باقي تفاصيل الحياة لَهِي شعوب متجذرة في الحضارة، وتعرف جيداً معنى التعايش مع الآخر، وبالإضافة إلى أنها مكونة من مسلمين ومسيحيين فإنها تحتضن بكل ود وترحاب الكثير من الجاليات الغربية، الذين جاءوا بحثاً عن الرزق، وخصوصاً في دول المشرق العربي، ويعيشون فيها بسلام واطمئنان، ولا نجد تجاههم أي خطاب كراهية كما تفعل قياداتهم وشعوبهم في بلادهم.
القرآن الكريم الذي أحرقه ذلك الأخرق هو كتاب أنزله الله تعالى رحمة للعالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] أنزل للناس جميعاً وليس فقط للعرب أو لفئة من البشر {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة سبأ: 28].
لا تعمل دول العالم الغربي على محاربة دين الإسلام والمسلمين بشكل خفي، بل إنها اتخذت حالة عداء دائمة لدين الإسلام علانية، وقد صرح بذلك أكثر من رئيس أمريكي، نتذكر منهم جورج بوش الابن، وابن دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي ماكرون، تحت مسمى الحروب الصليبية، وتلك المواقف من أعلى مستويات الحكم يجب أن تواجهها حكومات المسلمين بمواقف مناسبة لها، قبل أن تصل الشعوب لنقطة اللاعودة، وأخطر ما قد ينشر العنف هو أن يكون خطاب الكراهية بلسان الحكام والقيادات وليس الأفراد.
وكانت قارة أوروبا قد شهدت منذ بداية القرن الماضي تطورات كبيرة في القطاعات الإدارية والقانونية والعلمية، وهو ما انعكس على اقتصاداتها، وبسبب ذلك أصبحت تقود زمام الأمور في العالم ككل، ومن المستغرب أن مظاهر التطور تلك لم تنعكس على التطور الفكري من ناحية احترام الآخرين ودياناتهم وثقافاتهم، فهل يعقل أن يلهث “المتعلم والمتحضر الأوروبي” خلف مشاعر المثليين، بينما يُسخّر أجهزته الإعلامية لمحاربة دين الإسلام، رغم ما يحمله من خير للبشرية جمعاء؟!
الحقيقة التي لا نستطيع تجاهلها رغم ظروفنا الصعبة، ولكننا لا نسعى لها في أغلب دول العالم الإسلامي، أن الأمور تسير نحو زيادة العنف نتيجة ازدراء العالم الغربي للقرآن الكريم ونصوصه التي لا تعجبهم، ويريدون علانية إسلاماً على طريقتهم الغربية ممسوخاً تماماً من جوهره العقائدي الإيماني، وهذا ما لا يمكن أن يحدث، حتى لو وجدوا بيننا من انسلخ عن دينه ويدعي التحضر والتطور.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
إن الاستمرار في الإساءة للرموز الدينية، وخصوصاً ما يحدث تجاه القرآن الكريم في دول شمال العالم، والتي تتباهى باستقرارها وأمنها، يُنذر بعواقب وخيمة على الجميع، ويولّد ردود فعل قد تنفجر في أي وقت وأي مكان، ومثل تلك الحروب لا تستطيع الحكومات التحكم في تفاصيلها.
بقلم الزميل علي ابو صعيليك