عن عائشة رضي الله عنها أنّ قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزوميّة الّتي سرقت فقالوا: ومن يكلّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلّا أسامة بن زيد حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّمه أسامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟» ، ثمّ قام فاختطب ثمّ قال: «إنّما أهلك الّذين قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها» «1» . [متفق عليه]
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
1- شدته صلى الله عليه وسلم في الحق يتبين من رده صلى الله عليه وسلم شفاعة أسامة بن زيد رضي الله عنه حبّه وابن حبّه، وقال صلى الله عليه وسلم مقولته المشهورة: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟» ، وقد ورد عند مسلم: (فكلمه فيها أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، فمع أن الشافع هو رجل من أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم اختاره الصحابة بعناية لهذه المهمة، ولكن الأمر لم يختلف عنده صلى الله عليه وسلم كما ظن الصحابة فلم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى من هو الشافع، ولكن نظر إلى المشفوع فيه، وهو حد من حدود الله. وفي هذا دليل على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لحدود الله، وهكذا يجب أن يكون جميع الناس حكاما ومحكومين
2- مساواته صلى الله عليه وسلم في إقامة الحدود بين الناس، شريفهم ووضيعهم حيث رد صلى الله عليه وسلم شفاعة أسامة بن زيد في امرأة شريفة (قرشية مخزومية) وزاد على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: «وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها»
3- حرصه صلى الله عليه وسلم على تعليم الأمة حيث قام صلى الله عليه وسلم خطيبا في الناس، عشية يوم أن كلمه أسامة بن زيد، وقال: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» ، فحول صلى الله عليه وسلم المسألة من مسألة خاصة إلى مسألة عامة، وعلّم الصحابة الحكمة في رده لشفاعة أسامة بن زيد، وبيّن بذلك مغبة التفرقة في إقامة الحدود على أساس الشرف والنسب
[الفائدة الثانية:]
يتفاوت حب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وقد علم الصحابة ذلك، لذا اختاروا أسامة بن زيد رضي الله عنه ليشفع في المرأة المخزومية وقالوا: (ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وهي منقبة عظيمة لأسامة رضي الله عنه
الفائدة الثّالثة
حرص الصحابة على الخير والاستغفار على الفور مما قد يقعون فيه من زلات، وعلمهم أن استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ليس كاستغفارهم لأنفسهم، لما ورد أن أسامة قال: (استغفر لي يا رسول الله) ، وكان هذا منهم امتثالا لقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء: 64]
الفائدة الرّابعة
علم الصحابة رضي الله عنهم بشدة النبي صلى الله عليه وسلم في الحق يتبين ذلك من أمرين:
[الأمر الأول:]
قول عائشة رضي الله عنها: (إن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية) ، أي: أقلقهم ولولا علمهم بشدته صلى الله عليه وسلم ما أقلقهم أمر المرأة
[الأمر الثاني:]
بحثهم عن أحد يستطيع أن يفاتح النبي صلى الله عليه وسلم يكون مقربا منه جدّا، قالت عائشة: (فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website