روى الطبراني في معجمه الكبير قال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن النَّضْرِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بن أَعْيَنَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ فِطْرِ بن خَلِيفَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَّلُ هَذَا الأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ يَكُونُ خِلافَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكًا وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ إِمَارَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلانُ
وغزة تابعة لعسقلان، وعرفت بغزة عسقلان في التاريخ الإسلامي (ينظر احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ج١ ص ٧٤ لشمس الدين المقدسي والحياة العلمية في غزة وعسقلان منذ بداية العصر العباسي حتى الغزو الصليبي (ص ٢ الى ٥) د زهير أبو رحمة)
فبشارة النبي صلى الله عليه وسلم للمرابطين في غزة وتخومها وهي عسقلان اليوم فهي تقع شمال غزة وفق التقسيم المعاصر. والمرابط هو المدافع عن دينه وارضه وعرضه ومقدساته سواء كان المرابط في وطنه او على اطرافه رفضا لأي محتل غاصب متغطرس.
إنها بشائر المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الثبيت لمن حملوا راية الحبيب الاعظم صلى الله عليه وسلم وبايعوه عبر الزمان والمكان
بعد هذه المقدمة نأتي إلى المدينة التي أفضل الرباط فيها ألا وهي عسقلان :بلدة قديمة بناها الكنعانيون ونزلها الفلسطينيون فتحها العرب سنة 23 هجرية على يد الصحابي معاوية رضي الله عنه تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط على بعد 21 كم شمال مدينة غزة عند التقاء دائرة 31 و 40 شمالا وخط طول 34و35 شرقاً، وقد كانت على مدى تاريخها الطويل ذات شأن اقتصادي بسبب مينائها البحري وموقعها الاستراتيجي القريب من الحدود المصرية ومواجهتها للقادمين من البحر تجاراً وغزاة، وقد كانت منذ القدم محطة هامة من سلسلة المحطات الممتدة على طول السهل الساحلي الفلسطيني، حيث اعتادت القوافل التجارية والحملات العسكرية المرور بها للراحة والتزود بالمؤن . وفي العصر الحديث أصبحت محطة هامة لخط سكة حديد القنطرة حيفا، كما يمر بها الطريق المعبد الرئيسي الذي يخترق فلسطين من الجنوب إلى الشمال على طول الساحل.
أما لفظ عسقلان فطبقا لما ورد في لسان العرب يعني أعلى الرأس كما جاء فيه إنها بمعنى الأرض الصلبة المائلة إلى البياض . وقد أورد الأستاذ مصطفى الدباغ أن اسم عسقلان هو عربي كنعاني الأصل بمعنى المهاجرة . ومنذ العام 1124م بعد سقوط صور بيد الصليبيين بقيت عسقلان معقلاً وحيداً على الساحل وتصدت لهجماتهم المتكررة إلى أن سقطت بيدهم سنة 1153م.
حررها صلاح الدين الأيوبي عام 1187م من الصليبيين، ولكنهم عادوا واحتلوها مرة ثانية على يد ” ريتشارد قلب الأسد ” عام 1192م بعد سقوط عكا بأيديهم . إلا أن صلاح الدين قبل انسحابه من المدينة أمر واليها بهدم المدينة وسورها حتى لا تكون حصناً للفرنجة يقطع الطريق بين مصر والشام.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وبعد هذا بدأ نجم عسقلان في الأفول إلى أن دمرت نهائياً سنة 1270 م على يد السلطان الظاهر بيبرس ، لتسلم الدور التاريخي إلى المجدل التي تقع على بعد 6 كم إلى الشمال الشرقي منها.
ونختم بتلخيص ما سبق من كتاب إتحاف الأنام بفضائل المسجد الأقصى الشام:
قوله (صلى الله عليه وسلم ) ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر هو من أعلام ودلائل نبوته، وقوله : عليكم بالجهاد ، دل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المخرج من أزمة الفتن التي يعيشها المسلمون حين تتوج بفتن الخروج على ولاة الأمر، وفيها إشارة إلى ضعف دين المسلمين، وأنهم يتنازعون السلطة، بسبب التفرق والاختلاف، وانتشار الحزبية بينهم، مما يعني ضرورة العودة إلى الدين ولا يتأتى ذلك إلا ببناء العقيدة السلفية الصحيحة أولاً، والرباط على ذلك، وبذل الجهد في نشر دعوة الحق.
ومن ثم كان قوله: “وإن أفضل رباطكم عسقلان” إشارة إلى أفضل الرباط على اعتبار أن هذا الرباط في بلاد الشام، وبلاد الشام مطمع الكفار وهو أيضاً من دلائل نبوته، ومن تتبع تاريخ المدينة منذ القدم يرى أهمية موقعها الاستراتيجي الذي كان هدف الغزاة الأول للنفاذ إلى فلسطين، فالسيطرة عليها كان يعني التحكم في الطرق المؤدية إلى معظم أنحاء فلسطين شمالاً وجنوباً وشرقاً، يضاف إلى ذلك التحكم منها في حركة المواصلات البحرية.
وإن مما يؤسف له، أن هذه المدينة عرفت في تاريخها ما كان سبباً في تسلط الكفار عليها وتحويل ماضيها الناصع إلى خراب قد عاد رسوماً طامسة وأطلالاً دارسة، والسبب هو ابتداع ما يسمى بالمزارات، والاحتفال بما يسمى بموسم الحسين، أو ما يسمى في المدينة بوادي النمل وهو على مقربة بما يسمى مشهد الحسين، إذ بنى الفاطميون له في ذلك الوقت مقاماً، وبقي الاهتمام به وبالمشاهد والمقامات والمزارات قائماً؛ علامة واضحة على ضعف الدين، واقتراف أكبر الذنوب وهو الشرك بالله ـ تعالى ـ داعياً وجالباً غضب الله تعالى ونقمته.
إن سقوط ثغور المسلمين بيد الكفار أعداء الله دليل واضح على فساد اعتقاد المسلمين وبعدهم عن دين ربهم، ولن يعود المجد والعزة إلا إذا رجع المسلمون لدينهم واتقوا ربهم عز وجل