لم تقتصر صور الانحياز الغربي إلى الاحتلال الإسرائيلي بعد أحداث أمستردام على تصريحات السياسيين الغربيين، حيث أظهرت تغطيات العديد من وسائل الإعلام الكبرى في الغرب للأحداث التي اندلعت عقب استفزازات مشجعي فريق كرة قدم إسرائيلي انحيازا واضحا إلى الرواية الإسرائيلية في ظل غياب شبه تام لرواية الجانب الآخر.
ففي حين صدرت العديد من الصحف الغربية في عناوين أخبارها تصريحات مسؤولين غربيين منحازة للمشجعين الإسرائيليين، قامت أخرى بإفراد مساحات واسعة للمتحدثين الإسرائيليين للإدلاء بـ”شهاداتهم” إزاء ما حصل في العاصمة الهولندية.
ورصدت “عربي21” في مراجعتها للتغطية الغربية للأحداث في أمستردام تقديم العديد من الصحف عبارات ذات دلالات قاسية خلال وصفها ما تعرض له مشجعي فريق “مكابي تل أبيب” الإسرائيلي، بينما تم اختيار عبارات عامة ومقتضبة خلال الحديث عن الاستفزازات الإسرائيلي.
وفي صحيفة “التلغراف” البريطانية، جرى عنونت مادة شاملة حول أحداث أمستردام بتصريح للملك الهولندي ويليام ألكسندر يقول فيه “خذلنا اليهود خلال هجمات كرة القدم كما فعلنا في عهد النازيين”، وذلك بالرغم من أن المادة المشار إليه لم تتطرق بأكثر من فقرة إلى تصريح الملك.
وتحدثت الصحيفة البريطانية في المادة المذكورة حول “الاعتداءات” التي تعرض لها الإسرائيليون خلال الأحداث التي وقعت في أمستردام دون التطرق إلى رواية مؤيدي فلسطين الذين استفزتهم مشاهد إنزال العلم الفلسطيني والهتافات المعادية للعرب التي تضمنت عبارات نابية.
وفي هذا الإطار، استخدمت الصحيفة خلال الحديث عن المشجعين الإسرائيليين عبارات من قبيل “تعرض مشجعو كرة القدم الإسرائيليون لكمين وركل وضرب في شوارع أمستردام” و”اضطر بعض المشجعين (الإسرائيليين) إلى القفز في القنوات أو الاختباء في الفنادق للهروب”.
وخلال حديثها عن الجانب الآخر الذي استفزته التصرفات الإسرائيلية، قالت الصحيفة البريطانية “هتف المتظاهرون، الذين كان بعضهم يحمل السكاكين ويسافرون على دراجات بخارية، بشعارات مثل فلسطين حرة والآن تعرفون كيف تشعرون”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
من جهتها، اختارت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عنوان “أمستردام تحظر الاحتجاجات لمدة ثلاثة أيام في أعقاب الهجمات العنيفة على مشجعي كرة القدم الإسرائيليين” لمادة موسعة حول أحداث أمستردام.
وقدمت المادة تصريحات المسؤولين الهولنديين المنحازة إلى الجانب الإسرائيلي، واكتفت بالإشارة إلى أن الأحداث اندلعت بعد توترات أعقبت “انتشار مقاطع فيديو متعددة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مشجعي فريق مكابي وهم يهتفون بعبارات معادية للعرب، ويشيدون بالهجمات العسكرية الإسرائيلية في غزة ويصرخون اللعنة على العرب”.
وحول المقاطع المتداولة للحظات نزع العلم الفلسطيني من قبل مشجعين إسرائيليين، قالت الشبكة “تظهر مقاطع مصورة رجالا يمزقون الأعلام الفلسطينية”، مستدركة على ذلك “من غير الواضح متى تم تصوير هذه المقاطع”.
من جهتها، عنونت صحيفة “التايمز” البريطانية خبرها حول ما جرى في أمستردام بـ”مشجعو كرة قدم إسرائيليون يفرون لإنقاذ حياتهم في هجمات أمستردام”.
أما صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، فقد كتبت “مشجعو كرة قدم إسرائيليون يتعرضون لهجوم في أمستردام”، في حين كتب موقع “فرانس 24” عنوانا لمادة موسعة “مهاجمة مشجعي كرة قدم إسرائيليين في أمستردام، ما أدى إلى نقل خمسة منهم إلى المستشفى”.
واختار موقع “فرانس 24” وضع عناوين فرعية داخل المادة المذكورة مقتبسة عن تصريحات مسؤولين هولنديين مثل “صور صادمة” و”أظلم ساعات التاريخ”.
وخلال حديثه عن المشاهد التي تظهر مشجعي الفريق الإسرائيلي أثناء هتافهم بشعار “انهوا العرب”، قال الموقع إن المشاهد المتداولة “غير مؤكدة”.
في السياق ذاته، أوردت صحيفة “الغارديان” البريطانية في خبر موسع حول الأحداث رواية ثلاثة أشخاص بشأن ما تعرض له المشجعين الإسرائيليين، وذلك مقابل نقل رواية واحدة مقتضبة من الجانب الآخر تمثلت في نقل حديث فتاة مؤيدة لفلسطين قالت إنها لم تشاهد الأحدث إلا أنها “وجدت سلوك المشجعين الإسرائيليين مهددا” أثناء سيرهم بالمدينة قبل المباراة.
في السياق، لفت الأكاديمي متخصص في مجالات التضليل والدعاية والاستبداد الرقمي في وسائل التواصل الاجتماعي، مارك أوين جونز، إلى انحياز هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إلى مشجعي الفريق الإسرائيلي مع إيلا اهتمام أقل بكثير بالاستفزازات التي فجرت الصدام.
وقال جونز في سلسلة تدوينات عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، “إذا قمت بتحليل التغطية الحية التي قدمتها هيئة الإذاعة البريطانية لما حدث في أمستردام، فسوف ترى الاهتمام غير المتناسب الذي توليه لمشجعي مكابي والإسرائيليين باعتبارهم ضحايا، مع إيلاء اهتمام أقل بكثير لأفعال مشجعي مكابي”.
وأضاف أنه “فيما يتعلق بالإشارة إلى مشجعي العرب أو الهولنديين أو غيرهم من مشجعي أياكس، هناك القليل جدا من التركيز على سلامة العرب، مع تركيز غالبية التغطية على مشجعي مكابي باعتبارهم ضحايا”.
وأشار إلى أن “هناك مكالمات صوتية مع المشجعين، ولكن القليل جدا من التفاعل مع أشخاص من غير مكابي”.
وأوضح اللغة المستخدمة في تغطية “بي بي سي” لوصف الهجمات على مشجعي مكابي “أقوى” و”تتراوح من أعمال شغب إلى وحشية ومروعة”، في حين “لا يتم استخدام مصطلحات مماثلة للعنصرية المعادية للعرب”.
وشدد جونز على أن تغطية “بي بي سي” الحية للأحداث في أمستردام توضح أنها “وضعتها بطريقة تؤكد على معاناة الإسرائيليين من خلال الطريقة التي حصلت بها على المقالة ووضعتها”.
وعلق الأكاديمي المختص في مجالات التضليل والدعاية والاستبداد، على ذلك بالقول “يذهلني أن الكراهية المعادية للعرب والمعادية للسامية لا يتم التعامل معها على قدم المساواة”.