قولُ الله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ليسَ معناهُ جَلَس أو قعَد أو استَقرّ على العرش أو يكون بإزاءِ العرش، مُسامِتًا للعَرش كما أنّ هذهِ السماءَ الأولى تكونُ مُسامتةً لأرضنا هذه، أرضُنا وهذه السّماءُ الأولى مُتقَابِلَتان، إنما معنى الرحمنُ على العرش استَوى أي قهَر العرش أو نقُول استَوى بلا كيف.
استوى الرحمنُ على العرش بلا كيف، ومعنى بلا كيف أي مِن غيرِ أن يكون استواؤه كاستواء المخلوقين، الله تعالى لا يمَس ولا يُمسّ، فلو كانَ يَمسّ شيئًا لكانَ لهُ أمثالٌ والله تعالى قال (ليس كمثله شىء).
ثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه الحافظ البيهقي في كتابه الأسماء والصفات، بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح من طريق عبد الله بن وهب قال كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال يا أبا عبد الله، (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كيف استواؤه؟ قال فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كما وصف نفسه، ولا يقال كيفَ وكَيْفَ عنه مرفوعٌ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال فأخرج الرجل. اهـ
فقول الإمام مالك (وكيف عنه مرفوع) أي ليس استواؤه على العرش كيفا أي هيئة كاستواء المخلوقين من جلوس ونحوه.
وقوله (أنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه)، وذلك لأن الرجل سأله بقوله كيف استواؤه، ولو كان الذي حصل مجرد سؤال عن معنى هذه الآية مع اعتقاد أنها لا تؤخذ على ظاهرها ما كان اعترض عليه.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website