رغم تكرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو٬ مؤخراً التزامه بـ”عدم التنازل” عن الجولان، وإبقائها تحت الاحتلال، لكن نظرة خلف الكواليس لجولتين من المحادثات مع سوريا تظهر أنه في المنتديات المغلقة، تحدث هو ومبعوثوه بشكل مختلف تماماً، وعندما تنكشف التفاصيل مستقبلا، سيفاجأ الجمهور الإسرائيلي بمعرفة لأي مدى كان الطرفان على استعداد للمضي في طريق التوصل لاتفاق تسوية يتضمن إعادة الجولان للسوريين.
وكشف المؤرخ الإسرائيلي يغآل كيبنيس أنه “عشية انتخابات آيار/ مايو 1999، حدثت مواجهة متلفزة بين نتنياهو ووزير حربه السابق اسحق مردخاي، وعندما تحول الحديث لمسألة الجولان، توجه الأخير لنتنياهو مطالباً إياه “انظر في عيني”، فيما جاء في مبادئ حكومته الأولى لعام 1996 أن “الحفاظ على سيادة الاحتلال في الجولان يشكل أساس أي تسوية مع سوريا””.
وأضاف في مقال نشره موقع ويللا، وترجمته “عربي21” أن “الرأي العام الإسرائيلي، وناخبيه خصوصا، لم يتوقعوا من نتنياهو الترويج لتحركات سياسية في القناة الإسرائيلية- السورية، وقام بذلك بشكل مستقل وسري، وفي النهاية ترك رون لاودر، مبعوثه الخاص، بين أيدي السوريين اقتراحاً يقضي بموجبه في اتفاقية السلام “أن تنسحب إسرائيل من الأراضي السورية التي احتلتها عام 1967 إلى حدود متفق عليها بشكل مشترك على أساس حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967″”.
وأوضح أنه “في تموز/ يوليو 1998، أجرى نتنياهو وإيهود باراك عشرة لقاءات سرية في مكتب الموساد بالجليل، لبحث تشكيل حكومة وحدة، يتولى فيها الأخير منصب رئيس الوزراء بالوكالة، وفيما يتعلق بالمفاوضات مع سوريا، لم يكن شك في أن الحكومة، في حال إقامتها، ستقود التحرك نحو اتفاق سلام معها، وفي منتصف تموز/ يوليو 1998، زار حافظ الأسد باريس، وتحدث عن ضرورة مواصلة العمل السياسي مع إسرائيل من حيث توقفت في السابق، وحذر أن نتنياهو قد يشعل الشرق الأوسط إذا لم يجدد العملية عشية زيارته”.
وكشف أن “عوزي أراد مبعوث نتنياهو بالمفاوضات مع سوريا، وصل لباريس، برسالة مفادها الاستعداد لاستئناف المفاوضات، مع إدراكه أن إعادة الجولان تحتل مكاناً مهماً في قائمة الأولويات السورية، كما عاد أراد لباريس فور مغادرة الأسد للاستماع لتحركات الوساطة الفرنسية، ومحادثاتها معه، رغم وجود وزراء معارضين لنتنياهو في حكومته حذر من الانسحاب من الجولان، عقب منعه آنذاك إجراء مناقشة في اللجنة الوطنية للتخطيط والبناء لبحث خطة توسيع المستوطنات فيها”.
وأشار إلى أنه “في 22 تموز/ يوليو وافق الكنيست في قراءة أولية على اقتراح قانون يتطلب إجراء استفتاء قبل إخلاء الجولان، وأيده العديد من أعضاء حزب العمل، لكن بعد أسبوع، صادق الكنيست على مشروع قانون لتقديم موعد الانتخابات”.
وكشف أنه “في مفاوضات سرية أجراها رون لاودر خلال اجتماعاته التسعة مع الأسد، أنتجت وثيقتين، أولاهما بتاريخ 29 آب/ أغسطس 1998 فيها 10 بنود كانت اقتراح نتنياهو للأسد لمبادئ اتفاق السلام، وبعد يومين، أخبر السوريون لاودر أن الوثيقة غير مقبولة لديهم، ونتيجة لذلك، تم إعداد وثيقة أخرى، بتاريخ 12 أيلول/ سبتمبر 1998، عنوانها “معاهدة السلام بين إسرائيل وسوريا”، تضمنت تغييرا كبيرا عن سابقتها مفاده أن نتنياهو اقترح تحديد خط الحدود وفقا للوضع في 4 حزيران/ يونيو 1967، كما تم إعداد خريطة مطابقة للوثيقة”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
واستدرك بالقول إن “نتنياهو خشي الاستجابة لطلب الأسد بأن يسلمه، عبر لاودر، تلك الخريطة، ورفض الأسد استقبال مبعوثه دون أن تُطلع عليها مسبقاً، وهكذا أُسقطت القناة السورية من جدول الأعمال، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1998، وكشف عوزي أنه لا يزال ممكنا التوصل لاتفاق لكنه يتعلق بإعادة كل شيء، وأن باراك سيُذكر للأبد باعتباره منع حدوث حرب تاريخية، لأنه بانضمامه لنتنياهو في حكومة وحدة، سيكون ممكنا التوصل بسرعة لاتفاق سلام مع سوريا، لأن الأخير وحده لن يقبل بذلك”.
وذكر أن “الوضع السياسي لنتنياهو آنذاك كان موضع شك بالفعل، واتفاقية الانسحاب من الخليل التي وقعها مع ياسر عرفات في الولايات المتحدة تسببت بفقدانه تأييد اليمين، وكان استعداده للانسحاب من الجولان، كما سربه أريئيل شارون سبباً بفقدانه المزيد من التأييد، الأمر الذي أسفر أخيرا عن إجراء انتخابات مبكرة، وفوز إيهود باراك فيها”.
وأكد أن “باراك عيّن أوري ساغيه لإدارة المحادثات مع السوريين، بوساطة أمريكية، كاشفا أن السوريين تحدثوا عن وجود المسودة الثانية للاتفاق الذي تركه نتنياهو للأسد، والتزم فيه بخط حدودي على أساس الوضع عشية حرب 1967، وأكد لاودر للرئيس بيل كلينتون وجود هذه الوثيقة”.
واستدرك بالقول إن “الجولة الثانية من المفاوضات مع السوريين انطلقت في 2010-2011 لمدة ستة أشهر تقريباً، حيث أجرى نتنياهو محادثات سلام مع الأسد الابن، ولم تكن الاستخبارات الإسرائيلية على علم بها، بل دأب دينيس روس الوسيط الدائم، وفريد هوف، أحد موظفي مبعوث إدارة أوباما للشرق الأوسط، يتنقلان ذهابًا وإيابًا بين مقر إقامة رئيس الوزراء وقصر الرئيس السوري في تلك الأشهر عندما تم الكشف عن تفاصيل المحادثات، وكما شهد أحد المشاركين، سيفاجأ الجمهور الإسرائيلي بمعرفة المدى الذي ذهب إليه الطرفان في الطريق لاتفاق السلام، لكن اندلاع الثورة السورية أوقفت المفاوضات”.