شهد لبنان في العقديْن الأخيريْن نموًّا مُطّردًا للتشدُّد السلفي (وحقيقة اسمهم التشدد الوهابي). وفيما أوردت غالبًا انعكاسات وتداعيات الحرب السورية والتوترات الطائفية كعوامل مغذّية لهذا التطور، إلا أن تفاقم العنف الوهابي هو في الواقع ركوب موجة كعارض من عوارض تظلُّمات السنّة اللبنانيين. والآن، بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، يوفّر الاستقرار السياسي النسبي فرصة فريدة لمناقشة هذه الظاهرة الشاذّة التي ابتُلِي فيها لبنان عامة وأهل السنة والجماعة خاصة، وبهذا يمكننا تسليط الضوء على أهم الاحداث التي تجلّى فيها الفكر الوهابي في لبنان على حقيقته.
برزت التيارات السلفية (الوهابية) كلاعب سياسي مؤثر وفاعل في الحياة السياسية في الوطن العربي مع بداية ما يُسمى بالربيع العربي. بدأت هذه التيارات بالبروز كأحد اهم اللاعبين السياسيين. هذه الفرقة التي تستقي مبادئها من مؤلفات محمد بن عبدالوهاب وابن تيمية، ومشايخ الخليج (بالأخص السعودية).
لبنان لم يكن بمنأى عن هذه الظاهرة في التاريخ القديم والمعاصر، فهو يقع في قلب المشرق العربي وعلى الحدود مع سورية التي تشهد نموا سريعًا ومؤثرًا للتيارات الوهابية فيها. وفي السطور القادمة نستعرض لكم بشكل مختصر أبرز الحقبات الوهابية في لبنان التي اتّسمت بالأحداث الإرهابية والدموية.
١٩٧٦: برزت نواة الحركة الوهابية ومعها الإخونجية في هذا العام إذ شاركت بقتال غزو القوات السورية للبنان، بالأخص بعد مجزرة مخيم تل الزعتر.
١٩٧٩: تأسيس نواة ما يسمى “نواة الجيش الإسلامي” بقيادة المُلاحَق بتهمة الارهاب “داعي الشهال” في طرابلس.
١٩٨٢: التشكيلات الوهابية تعلن تأسيس إمارة إسلامية وهابية في لبنان
١٩٨٤: إعلان الوهابيين إنشاء الحركة الإسلامية المجاهدة في جنوب لبنان.
١٩٩٥: اغتيال رئيس جمعية المشاريع الشيخ نزار الحلبي تحت بيته على يد عصبة الأنصار الوهابية الإرهابية بقيادة المدعو أبو محجن.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
١٩٩٩: مجموعة المدعو “أبو عائشة” ترتكب مجزرة بحق جنود مسلمين من الجيش اللبناني وتعلن الجهاد ضدهم ولكن نجح الجيش حينها في القضاء عليهم وأرداهم قتلى جميعًا.
٢٠٠٤: تشكيل ما يسمى “جند الشام” وهو تنظيم وهابي مرتبط بالقاعدة يضم عشرات المسلحين الذي استلهموا أفكارهم من ابن تيمية بحيث كفّروا جميع الشعب ولكنهم وقعوا في صدام داخلي وتفككوا.
٢٠٠٦: ظهور تنظيم مايسمى بـ “فتح الإسلام” والذي ظهر إلى العلن عند تنفيذ عملية فصل رؤوس لجنود مسلمين من الجيش اللبناني معلمين أنهم كفار تجب مقاتلتهم وتكفير الشعب اللبناني بالإجمال. تشكل تنظيم “فتح الإسلام” في فبراير/شباط ٢٠٠٦ بقيادة يوسف شاكر العبسي (أردني من أصل فلسطيني). وبعد معارك ضارية مع الجيش اللبناني بحيث اتخّذ هذا التنظيم الوهابي مساكن وأولاد المسلمين دروعًا له، تم القضاء عليه في سبتمبر عام ٢٠٠٧ بعد ١٥ أسبوعًا متتاليًا من القتال.
٢٠١٣: مجموعة تابعة لشيخ وهابي يدعى “أحمد الاسير” تعلن ما اعتبرته الجهاد ضد المجتمع اللبناني ولكن الجيش قضى عليهم بمدة قصيرة وأرداهم بين قتيل ومعتقل.
٢٠٢٠: مجموعات وهابية داعشية تشتبك مع الجيش اللبناني في منطقة وادي خالد في شمال لبنان حيث تم قتل ٩ دواعش تكفيريين.
٢٠٢٠: مجموعات وهابية تقتل ٣ أشخاص فيما يُعرف بجريمة كفتون، وقد ألقت الأجهزة الأمنية اللبنانية القبض على ٧ عناصر وهابية وتم الحكم عليهم بالإعدام.
وفي الخلاصة، بعد هذا العرض السريع، يرى المتابع أن التاريخ الوهابي الدموي الذي عانت منه الأمة العربية جمعاء، كان للبنان نصيبًا منه. وما زال الفكر الوهابي يحاول العيش في لبنان لولا أنه يتم نبذه واحتقاره في العديد من المناطق اللبنانية ما لبث أن غيّر جلدته وصار يدعو بدعوة مختلفة تحت مسميات كثيرة كالسلفية أو الجمعيات الخيرية التي تشتري الذمم.