أفاد موقع «أكسيوس»، أخيراً، بأنّ مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، طرح أمام الرئيس جو بايدن، عدة خيارات لهجوم أميركي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، في حال تحرّك الإيرانيون نحو تطوير سلاح نووي قبل 20 كانون الثاني، وذلك خلال اجتماع عقد، سرياً، قبل أسابيع عدة. وفيما لم يعطِ بايدن «الضوء الأخضر» لشنّ مثل تلك الضربة حتى الآن، فإنّ خطوة كهذه ستكون، كما يرد في الموقع، بمثابة «مقامرة ضخمة»، في الأيام الأخيرة للإدارة «العرجاء»، والتي وعدت بأنها لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، كما أنها تخاطر بنقل «صراع جديد» إلى خليفته دونالد ترامب. وفي حين أنّ الطروحات المشار إليها لا تزال تندرج في إطار «التخطيط» لأيّ استجابة محتملة من واشنطن، في حال قررت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% قبل تنصيب ترامب، فقد أفاد أحد المصادر الموقع بأنّ بعض كبار مساعدي بايدن كانوا يجادلون بأنّ تسريع إيران لبرنامجها النووي، «وإضعافها ووكلاءها بعد حربهم مع إسرائيل»، يوفران الضرورة والتوقيت المناسبين بالنسبة إلى بايدن لشنّ هجوم عليها.
وتتماشى المباحثات الأميركية المشار إليها مع المواقف التي صدرت أخيراً عن جملة من المسؤولين ووسائل الإعلام الأميركية، ومن بينهم سوليفان؛ إذ اعتبر الأخير، في مؤتمر في نيويورك قبل أسبوعين، أنّه يجب النظر «بعناية شديدة» إلى التصريحات الإيرانية التي أصبحت تخرج إلى العلن، حول ضرورة تغيير العقيدة النووية من عدمها، مشيراً إلى أنّ «الضربات التي تلقتها إيران قد تدفعها إلى تطوير سلاح نووي، ما يحتم علينا أن نبقى متيقظين». من جهتهم، زعم مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أنّه خلال العام الماضي، أجرى العلماء الإيرانيون أبحاثاً وصفوها بـ»المشبوهة»، تهدف، على الأرجح، إلى تقليل الوقت اللازم «لتطوير جهاز نووي في حال قررت القيادة الإيرانية ذلك».
وقد دفعت معطيات مماثلة بإدارة بايدن إلى إرسال تحذير خاص إلى إيران، في الربيع، تعبّر فيه عن مخاوفها «الجدية» بشأن «أنشطة البحث والنطوير النووية»، بحسب مسؤولين غربيين، وسط مخاوف أميركية – إسرائيلية من أن «تستغل» إيران المرحلة الانتقالية الرئاسية في الولايات المتحدة، لإحراز تقدم نحو التسلح النووي.
من جهتها، تعتقد مجلة «فورين بوليسي» أنّه في حال شعرت إيران بـ»الضعف»، فإنّ ذلك لن يجعلها، من بعض النواحي، «أقل خطورة»، لافتة، في تقرير، إلى أنّه كردة فعل على التطورات الأخيرة، «ضاعفت إيران العمل على برنامجها النووي»، ما يضعها في مسار تصادمي لا مع إسرائيل فقط، بل مع الولايات والقوى الغربية. ويردف أصحاب هذا الرأي أنّه على الرغم من أنّ إدارة ترامب عبّرت عن نيتها في إحياء سياسة «الضغوط القصوى» على طهران، فإنّ الأخيرة قد تكون على بعد أسابيع فقط من «القنبلة النووية»، ما يثير شكوكاً حول فاعلية العقوبات في منع حدوث «خرق نووي إيراني» بالسرعة المطلوبة.
الوسائط الدبلوماسية
على الضفة المقابلة، وفي خضمّ المخاوف الغربية وما يترتّب عليها من طروحات عسكرية لـ»الاستجابة» للبرنامج النووي الإيراني، نشر «مهندس» العقوبات على طهران في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما، ريتشارد نيفيو، تقريراً في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية، جاء فيه أنّ الحل الدبلوماسي «لا يزال الخيار الأفضل والأكثر استدامة للقضية النووية الإيرانية»، لافتاً إلى أنّ «التعرض لإيران سيؤدي إلى تأجيج الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط»، وسيستنزف موارد أميركية كبيرة في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى التركيز «على مناطق أخرى».
ومن جملة الأسباب التي تحتم إعطاء «فرصة أخيرة» للدبلوماسية، بحسب التقرير، «جهل المسؤولين الأميركيين بنتيجة أي هجوم عسكري محتمل»، نظراً إلى أنّ الأخير، ورغم توفر الموارد اللازمة له لدى الولايات المتحدة وحلفائها، لن يضمن القضاء على كل المواد والمعدات النووية الإيرانية، لأن بعضها قد يكون موجوداً «في أماكن سرية، وتحت أعماق الأرض». إلى ذلك، فإنّ مثل هذا الهجوم، وحتى في حال قضى على كل المعدات والمواد النووية، إلا أنّه لن يقضي «على المعرفة والعلم النووي اللذين امتلكهما الإيرانيون». وبصورة أعم، فإنّ أي ضربة عسكرية، وإن نجحت في تأخير البرنامج النووي الإيراني، فهي لن تكون «النهاية»، بحسب التقرير، الذي يتابع أنّ «موت عالم الفيزياء الإيراني محسن فخري زادة في عام 2020، أو الهجوم على موقع لصنع أجهزة الطرد المركزي في عام 2021»، هما خير دليل على ما تقدم.
وعلى الرغم من أنّ المفاوضات لإعادة إحياء الاتفاق النووي فشلت في عامَي 2021 و2022، على خلفية عدم ثقة طهران بواشنطن، إلا أنّ موافقة ترامب على العودة إلى الاتفاق قد توحي لإيران بأنّ التوصل إليه ممكن فعلاً، ولا سيما أنّ معظم الديموقراطيين يوافقون عليه. وينوّه نيفيو إلى أنّ التقدم النووي الإيراني قد جعل الوقت «عنصراً ثميناً»، محذّراً من أنّه في حال إقدام واشنطن على ممارسة سياسة «الضغوط القصوى» مرة جديدة، لدفع إيران نحو التفاوض، فمن الممكن أن تردّ الأخيرة بالانسحاب من «معاهدة حظر الانتشار النووي».
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وفي إطار الحراك الدبلوماسي المرتبط بالملف النووي الإيراني، أعلنت طهران، الأربعاء، أنها ستعقد جولة جديدة من المحادثات النووية في 13 كانون الثاني الجاري، مع «الترويكا الأوروبية»، التي تضمّ كلاً من: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، علماً أنّ المباحثات الأخيرة بين الطرفين كانت قد حصلت أواخر تشرين الثاني. ونقلت وكالة «إيسنا» الإيرانية عن نائب وزیر الخارجية للشؤون الدولیة کاظم غریب آبادي، تأكيده أنّ «ما یجري بین إيران والدول الأوروبیة الثلاث هو مباحثات ولیس مفاوضات»، وأنّ «إيران سعت دائماً، وبالتعاون المستمر مع الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي، إلى توسيع نطاق التعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب». وفي وقت سابق، كان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، قد أكّد عقب لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، السبت الماضي، أنّ عام 2025 «سيكون عاماً مهمّاً للقضية النووية الإيرانية»، مُثنياً على دعم بكين ومساهمتها في استكمال الاتفاق النووي الإيراني.