ماذا يحدث في الولايات المتحدة؟ هل هي مجرد مصادفة كونية أم انتقام إلهي عميق؟ هذا السؤال أشعل جدلًا حادًا لم يتوقف حتى الآن، مع استمرار الحرائق المدمرة التي اجتاحت أجزاء من لوس أنجلوس، أكبر مدينة في ولاية كاليفورنيا، مما أثار تساؤلات ونقاشات حول الأسباب والنتائج المحتملة لهذا الكارثة.
في يوم الأربعاء، اندلعت الحرائق في لوس أنجلوس، وسرعان ما خرجت عن السيطرة وتهدد بالانتشار بشكل أكبر. وحتى الآن، أُفيد بأن ما لا يقل عن خمسة أشخاص لقوا حتفهم، مع توقعات بارتفاع عدد الضحايا مع استمرار جهود السيطرة على النيران. كما تسببت الحرائق في تدمير واسع للمنازل والبنية التحتية، مما أجبر أكثر من 100,000 شخص على إخلاء منازلهم. حجم الدمار الهائل دفع العديد من الناس للتساؤل عن قدرات فرق الطوارئ وعن المغزى الرمزي وراء هذه الكارثة.
شبح السخرية
ما يلفت الأنظار في أعقاب هذه الكارثة هو تزايد مشاعر الشماتة من الكثيرين، خصوصًا في ظل التصريحات المثيرة التي أطلقها دونالد ترامب في وقت سابق، عندما هدد بـ”حرق الشرق الأوسط” إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى استمرار دعم الولايات المتحدة العسكري لإسرائيل بمبلغ ضخم يقدر بـ8 مليارات دولار، مما زاد من الاحتقان والغضب العالمي تجاه الدور الأمريكي في الساحة الدولية.
كانت تلك التصريحات—تهديدات ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى أرض من النيران—قد أثارت جدلاً واسعًا في وقتها. لكن الآن، يبدو أن الجحيم الذي توعد به ترامب قد اجتاح بلاده هو نفسه، ما يثير تساؤلات حول التناقض الذي يعيشه في عالمه السياسي.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تشهد الولايات المتحدة الآن انتقامًا إلهيًا بسبب سياساتها في الشرق الأوسط؟ أم أن هذه مجرد سلسلة من الأحداث المؤسفة التي لا تخرج عن نطاق المصادفة؟ هذا السؤال أثار ردود فعل متباينة.
أصوات الانتقام
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
من بين الذين يرون في هذه الحرائق نوعًا من العدالة الإلهية، تقف الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، التي تؤكد أن أولئك الذين يغرقون في غرور القوة، ويظنون أنهم فوق الجميع، هم الآن يشهدون نتائج تكبرهم. حسب قولها، فإن التاريخ والدين يثبتان أن القوة الحقيقية بيد الله وحده.
لم تسلم بعض المناطق الأكثر شهرة في لوس أنجلوس من النيران، بما في ذلك الأحياء القريبة من تلال هوليوود الشهيرة. لقد اقتربت النيران بشكل خطر من المنازل الخاصة، واضطرت السلطات إلى إخلاء مناطق كبيرة من المدينة، كما توقفت الأنشطة في مؤسسات حيوية مثل ناسا وجامعة كاليفورنيا. حجم الكارثة غير المسبوق دفع البعض إلى الربط بين هذه الأحداث وتهديدات ترامب بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم. إذا كان المرء يؤمن بمفهوم العقاب الإلهي، فربما يكون الجحيم قد فُتح فعلاً، لكن ليس في غزة كما هدد ترامب، بل في قلب أمريكا نفسها.
هل هي مصادفة أم انتقام إلهي؟
النقاش حول هذه الحرائق لم يقتصر على حدود الولايات المتحدة فقط. بل امتدت تداعيات الكارثة لتثير تساؤلات حول ما إذا كانت المؤسسات الدينية مثل الأزهر ستصدر فتوى أو بيانًا بشأن هذا الحدث. البعض يرى أن هذه لحظة ملائمة للتأمل في مفاهيم العدالة والانتقام ودور القوى العالمية في تشكيل المستقبل.
الكاتب عباس منصور يتبنى بشدة فكرة الانتقام الإلهي، حيث يرى أن الحرائق هي تجسيد لغضب الله الذي تحقق من خلال كلمات ترامب نفسه—جحيمٌ اشتعل ليس في الشرق الأوسط، بل في أمريكا نفسها، وفي أكثر الأوقات غير المتوقعة، الشتاء.
ويختتم منصور قائلاً: “ربك قادر على كل شيء”. كلماته تذكرنا أن الإرادة الإلهية قد تتجلى بطرق غامضة ولا يمكن التنبؤ بها.
هل يمكننا لوم من يشعر بالشماتة؟
إن الدمار الكبير الذي حل في الولايات المتحدة قد أثار انقسامًا حادًا في كيفية تقييم الوضع. ومع ذلك، من الصعب تجاهل أن العديد من الناس يشعرون الآن بنوع من الفرح أو الرضا لما يحدث في أمريكا. فهل يمكننا حقًا لومهم؟
على مدار عقود، بنَت الولايات المتحدة لنفسها سمعة كدولة فوق الجميع، وخاصة في سياستها في الشرق الأوسط. لكن في السنوات الأخيرة—وتحديدًا في عام 2024—أكدت الولايات المتحدة مكانتها كدولة مكروهة ومنبوذة في العالم. فبدعمها المستمر لإسرائيل، خاصة في عدوانها المستمر على غزة، أصبحت أمريكا مصدرًا للاستفزاز والكراهية على مستوى العالم، مما جعلها تفقد تعاطف العديد من الشعوب.
والآن، بينما تشتعل النيران عبر ولاية كاليفورنيا، يصبح من المستحيل على الكثيرين أن يشعروا بأي تعاطف مع دولة لم تُظهر أي تعاطف مع الأرواح البريئة التي فقدت في غزة. يبدو أن ما يحدث الآن في أمريكا هو نتيجة مباشرة للغرور والعمى السياسي الذي سارت فيه الولايات المتحدة طوال السنوات الماضية. في النهاية، “كما تدين تدان”.
من الصعب تجاهل الرمزية في هذا الحدث: الحرائق التي وعد ترامب بإشعالها في الشرق الأوسط هي نفسها التي تلتهم الآن بلاده. وفي حين أن هناك مأساة في فقدان الأرواح، فإن مشاعر الاستياء العميقة التي ترسخت بسبب السياسات الأمريكية تجعل من الصعب تجاهل شعور العدالة الإلهية التي يراها الكثيرون في هذه الكارثة.