في الحروب القديمة كانت المعارك تقام بين الأفراد، سيفاً لسيف. لكن ماذا لو فقد الجنديّ سلاحه في المعركة؟ كيف سيدافع عن نفسه؟ ابتكر الجيش العثماني سلاحاً فعالاً؛ “الصفعة العثمانية”، إذ يدافع الجنديّ عن نفسه عبر ضرب العدوّ بصفعة يد، هذه الصفعة قد تتسبّب في وفاة العدوّ. لكنّ هذه الصفعة ليست صفعةً عاديّة، فلها “تكنيك خاص”.
العزّاب والفلاحون يشكّلون فرقة العزب العثمانية
عند تأسيس الدولة العثمانية من قبل الغازي عثمان بن أرطغرل أواخر القرن الـ13م، كان جيش هذه الدولة الحديثة، مشكلاً في أساسه من المتطوعين.
فقبل تأسيس الغازي أورخان بن عثمان للجيش الإنكشاري، توافدت على أراضي الدولة العثمانية مئات المقاتلين، وتشكلت عشرات الكتائب والفرق العسكرية، ومنها فرقة “العزب” التي سبقت تأسيس الجيش الإنكشاري، شأنها شأن كتيبة الأقنجي، أو “كتيبة المجانين”
يقصد بفرقة العزب العثمانية، الكتائب المشكلة من الفلاحين غير المتزوجين، في بداية التأسيس، كان التطوع للخدمة في هذه الفرقة في البداية محصوراً على العثمانيين في الأناضول، قبل أن يفتح المجال في القرن الـ16م لكل عزّاب الإيالات العثمانية للتطوع في فرقة العزب.
أمّا سهيل صابان فيعرفها في كتابه “المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية” بأنّها مصطلح يطلق على مشاة عساكر الإيالات العثمانية، حتى أواسط القرن السادس عشر.
كان نظام هذه الفرقة مختلفاً عن باقي التشكيلات العسكرية العثمانية، فكانت الفرقة غير نظامية، لا يتلقى عناصرها أجوراً ثابتة، وكانت حوافزهم الكبيرة هي غنائم الحروب التي يخوضونها، كما كان بإمكان عناصرها أن يتوقفوا عن الخدمة في أي وقت أرادوا ذلك.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ولأنها في البدء تشكلت من الفلاحين أصحاب السواعد القوية، تميزت فرقة العزب بالقوة البدنية والإقدام في المعارك، فقد كان عناصرها يحملون أكفانهم على ظهورهم في كل معركة يخوضونها.
كانت المهمة القتالية لفرقة العزب العثمانية هي المشاركة في المعارك بصفتهم قوات مشاة، كما أنّهم شاركوا مع فرق الفرسان، واشتغلوا كثيراً في حراسة القلاع والحصون العثمانية.
لم يكن نشاط فرق العزب حصراً على المعارك التي خاضها الجيش الإنكشاري ضد أوروبا، بل كانت حاضرة حتى في ولاياتٍ عثمانية أخرى.
وفي هذا السياق، يذكر المؤرخ الدكتور محمد عقل في كتابه “المفصل في تاريخ وادي عاره” بأنّ فرقة العزب كانت واحدة من 6 طوائف عسكرية أقامها العثمانيون في مصر منذ عهد السلطان سليمان القانوني. وهي فرقة مشاة مثل الانكشارية، وكانت مهمتها الإقامة في القلاع وحمايتها”.
ولا يزال باب العزب الشهير في قلعة صلاح الدين بالقاهرة، شاهداً على آثار هذه الفرقة العثمانية في مصر.
ابتكروا الصفعة العثمانية التي تقتل من أول ضربة
كانت السواعد القوية هي الصفة الأبرز لأفراد فرقة العزب، ولاستغلال هذه الميزة ابتكر عناصرها تقنية عسكرية جديدة، تستعمل عند فقدان السلاح في ساحة المعركة، وهي تقنية الصفعة العثمانية.
فقد كان أفراد فرقة العزب يستخدمونها بكثرة في المعارك الميدانية بهدف القضاء على جندي العدو أو صعقه، وإصابته إصابة دائمة.
وتعتمد الصفعة العثمانية على تقنية خاصة، تجعل تنفيذها حكراً فقط على من يتقنها ويتدرّب عليها، وتحتاج الصفعة العثمانية إلى توجيه حركة سريعة ومركزة بكف اليد على نقطة محدد من وجه الخصم، يفضّل أن تكون الأنف أو الأذن أو الرقبة.
تتسبب “الصفعة العثمانية”، في كسر بعض أجزاء الجمجمة، وتلف في الدماغ، ما يسبب الوفاة أحياناً. أمّا عندما تستهدف الصفعة الأذن، فتتسبب عادةً في تلف طبلة الأذن.
تمّ تدريب جنود فرقة العزب على تقنية الصفعة العثمانية منذ الطفولة، من خلال اتباع حمية غذائية تساعد على تقوية البنية الجسمانية لهم، والتدريب اليومي على الصفعة العثمانية، وذلك عبر صفع الرخام، بالتقنية سالفة الذكر، كل يوم، من أجل تقوية عضلات الذراع بشكل خاص، ومن أجل أن تكون فعالية الصفعة أقوى.