السلام في الإسلام ليس مجرد شعار، بل هو أساس متين يقوم عليه الدين، ورسالة عالمية تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار بين البشر كافة؛ فالإسلام، بمعناه وجوهره، يعني السلم مع الله، ومع النفس، ومع الآخرين.
وفي ظل الأحداث المتكررة التي تعصف بغزة، تتجلى معاني الإسلام الداعية إلى إنهاء الحروب وإقرار العدالة كطريق وحيد نحو السلام الحقيقي.
الإسلام يقدّم السلام كأصل، والحرب كاستثناء تُفرض دفاعًا عن النفس وردًّا على العدوان. يقول الله -تعالى -: “وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ” (الأنفال: 61). هذا التوجيه الإلهي يجعل السلام اختيارًا أوليًّا، ولكن بكرامة ووعي. وحتى في حال القتال، وضع الإسلام ضوابط صارمة تُلزم المسلمين بعدم تجاوز الحدود. قال الله -تعالى -: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (البقرة: 190).
السلام الحقيقي في الإسلام مشروط بالعدل؛ العدالة ليست خيارًا، بل هي أساس استقرار المجتمعات. قال الله – تعالى -: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ” (النحل: 90). وغزة، بما تعانيه من ظلم وعدوان وحصار، تقدم نموذجًا حيًّا لغياب هذا المبدأ.. إنهاء الاحتلال ورد الحقوق لأصحابها هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم، إذ لا يمكن أن تُبنى علاقات مستقرة على القهر والاستعباد.
السيرة النبوية زاخرة بالدروس التي تبرز كيف يمكن تحقيق السلام وسط الصراعات؛ فعندما واجه النبي ﷺ خصومه في صلح الحديبية، قبِل شروطًا بدت مجحفة في الظاهر، لكنه أدرك أن السلم قد يفتح أبوابًا للحوار والتفاهم. وفي فتح مكة، أعلن عفوًا عامًّا رغم الجرائم التي ارتكبها أهلها، قائلًا: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. هذه المواقف تبرهن أن الإسلام يقدم السلام والعفو على الثأر والانتقام.
غزة ليست مجرد ساحة صراع، بل هي امتحان للضمير الإنساني!. استمرار العدوان يفاقم معاناة الأبرياء، ويدمر كل أمل في بناء مستقبل مشرق؛ الحصار يمنع الغذاء والدواء، والقصف يقتل الأطفال والنساء، بينما العالم يقف صامتًا أمام هذه المأساة الإنسانية.. الإسلام يرفض الظلم بكل أشكاله، ويحث على التعاون لنصرة المظلومين. يقول الله- تعالى -: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2).
إن مسؤولية الأمة الإسلامية تجاه غزة لا تقف عند حدود التعاطف، بل تتطلب أفعالًا ملموسة؛ تقديم الدعم الإنساني، والعمل السياسي والدبلوماسي، والدعاء الصادق، كلها وسائل لنصرة أهل غزة. كما أن الوحدة بين المسلمين هي السبيل الأنجع لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق العدل الذي بدونه لا يمكن أن يتحقق السلام.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الإسلام يعلمنا أن السلام لا يتحقق إلا بإنهاء الظلم. يقول الله- تعالى -: “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (الممتحنة: 8)؛ وعلى الأمة أن تعمل بصدق لتحقيق هذا الهدف، وأن تدرك أن القضية الفلسطينية ليست شأنًا محليًّا، بل مسؤولية إنسانية ودينية.
لن يكون السلام في غزة حلمًا مستحيلًا إذا اتحدت الجهود الصادقة لتحقيق العدالة. علينا أن نحمل مشعل الحق، ونكون دعاة للسلام العادل الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها، ويؤسس لعالم تسوده الرحمة والتعاون.