أبرز تحقيق صحافي أن تقنيات ذكاء اصطناعي تسببت بقتل عشرات الآلاف في قطاع غزة في هجمات إسرائيلية بتمويل من نظام ولي العهد محمد بن سلمان.
وفي 2024 نظمت مؤسسة “مبادرة مستقبل الاستثمار” النسخة الثالثة لـ”قمة الأولوية” في ميامي التي يرعاها بشكل أساسي “صندوق الاستثمارات العامة” إلى جانب كيانات أخرى مثل “وزارة الاستثمار” السعودية.
وقد حضر هذه القمة عدد كبير من رجال الأعمال والقادة السياسيين الذي جمعهم الاهتمام بالذكاء الاصطناعي.
وما جذب الاهتمام منهم هو اسم وحيد في سياق هذا التحقيق: “بالانتير للتكنولوجيا” Palantir Technologies.
إذ حضر قمة “مبادرة مستقبل الاستثمار” السنوية الرئيس التنفيذي لشركة “بالانتير”، “أليكس كارب”، الذي أُعطيَ المنصة ليشارك تطلعاته حول “الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات”.
لكن هل هذا الارتباط هو الوحيد بين الحكومة السعودية و”بالانتير”؟ الإجابة لا. ففي مطلع 2025، قامت شركة “التركي القابضة” السعودية بإطلاق جائزة “تحدي الذكاء الاصطناعي” بالتعاون مع “مايكروسوفت” و”بالانتير”، بهدف تعزيز الشراكات الاستراتيجية.
وفي 2023 أعلن “صندوق الاستثمارات العامة” استثمار 5 مليارات ريال في أربع شركات وطنية، منها كانت شركة “نسما وشركاهم للمقاولات”، وهي شراكة بين “التركي القابضة”، و”نسما للمقاولات المحدودة”، و”روابي القابضة”، والآن “صندوق الاستثمارات العامة”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وبالانتير تأسست في 2003 إبان الغزو الأمريكي للعراق من قبل “وكالة الاستخبارات المركزية” الأمريكية (CIA) بشكل غير مباشر، وقدّمت برامج استخباراتية لتشغيل حربي العراق وأفغانستان، وكانت لاعبًا رئيسيًا في تحليلات الحروب الحديثة.
ويشير البعض إلى “بالانتير” على أنها “الأكثر رعبًا” من بين عمالقة التكنولوجيا في أمريكا. ويصفها آخرون بأنها “تاجر أسلحة الذكاء الاصطناعي في القرن الـ 21”.
في نسخة أبريل 2018 من مجلة “بلومبيرغ بيزنس ويك”، ظهر على الغلاف سؤال “هل تعرف بالانتير؟ لأن بالانتير تعرفك”، وعنونت مقالها داخل المجلة بـ”بالانتير تعرف كل شيء عنك”.
للشركة برنامج يقوم بتجميع كميات هائلة من البيانات ومعالجتها بشكل يسمح لمستخدميه باكتشاف العلاقات والشبكات الخفية وحتى التنبؤ بالهجمات “الإرهابية”.
ما يميّز “بالانتير” في هذا المجال هو أن التعامل مع هذه العملية المعقدة أصبح بواسطة واجهة سهلة الاستخدام، تجعل من قصف الأهداف المزعومة أمرًا بمتناول يد الجميع.
“بالانتير” وإسرائيل.. ارتباطات وثيقة
في 2013، افتتحت “بالانتير” مركزًا للبحث والتطوير في “إسرائيل”، تحت إدارة “هاموتال ميريدور” التي تربطها علاقات عميقة بوحدة الاستخبارات الإسرائيلية “8200”.
وقررت “بلانتير” عقد أول اجتماعات مجلس الإدارة في العام الماضي في “تل أبيب” تضامنًا مع سوق التكنولوجيا المتضرر في إسرائيل.
في تلك الرحلة قام الرئيس التنفيذي للشركة بتوقيع اتفاقية مطورة مع وزارة الحرب الإسرائيلية، اتفق بموجبها الطرفين على تسخير تكنولوجيا “بالانتير” المتقدمة “لدعم المهام المتعلقة بالحرب”.
قال نائب الرئيس التنفيذي “جوش هاريس” حول هذه الاتفاقية: “تهدف هذه الشراكة الاستراتيجية إلى مساعدة وزارة الدفاع الإسرائيلية بشكل كبير في معالجة الوضع الحالي في إسرائيل.”
باعت “بالانتير” لجيش الاحتلال الإسرائيلي ووكالات الاستخبارات الإسرائيلية منصة ذكاء اصطناعي تُستخدَم لاتخاذ قرارات مصيرية بشأن تهديد أهداف محتملة ومهاجمتها.
وقد نشرت مجلة “+972” موقع Local Call تحقيقًا يذكر كيفية استعمال “إسرائيل” للذكاء الاصطناعي لقتل أعداد هائلة من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء في غزة.
لم يذكر التحقيق شركة “بالانتير”، إلا أن تقارير عديدة أشارت إلى تطابق الأنظمة المشار إليها مع أنظمة الشركة الأمريكية التي فتح لها “ابن سلمان” باب التعاون.
وفقًا للتحقيق، فإن وحدة “8200” تستعمل نظامًا يسمى “لافندر” لاستهداف الآلاف من مقاتلي “حمـ.ـاس” المزعومين.
حدد برنامج “لافندر” آلاف الفلسطينيين كمقاتلين مشتبه بهم مع منازلهم كأهداف لغارات جوية محتملة منذ الأسابيع الأولى من الحرب. يُخصص جيش الاحتلال الإسرائيلي حوالي 20 ثانية قبل اتخاذ قرار الاستهداف، فقط للتأكد من أن الهدف “ذكر”.
لم يقف جيش الاحتلال عند إمكانية حدوث أخطاء بنسبة 10%، بل قام أيضًا بقصف منازل الأهداف وقتل عائلات بأكملها عن عمد وبشكل منهجي.
و”أليكس كارب”، الرئيس التنفيذي لشركة “بالانتير”. وفي لقاء مع “لو نوفيل أوبسرفاتور” الفرنسية، سأل “كارب” عن تعامله مع دول “لا تحترم حقوق الإنسان مثل قطر والسعودية”.. وكان جوابه: “نحن نبيع لبلدان معينة في الشرق الأوسط. لديهم مدونة أخلاقيات خاصة بهم لا تتطابق تمامًا مع مدونتنا..”
وفي عام 2023، قامت “سنابل”، ذراع “صندوق الاستثمارات العامة”، بالإعلان عن استثمارها في 40 شركة أمريكية للمشاريع، بما فيها صندوق “فواندرز فند” (Founders Fund) المملوك من قبل “بيتر ثيل”.
عندما سُئل “ثيل” في مايو 2024 في “اتحاد كامبردج” عن استخدام “إسرائيل” للذكاء الاصطناعي في قصف وقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة، تلعثم وتلكأ في الإجابة، وبعد تمخضه، قال: “أنا أميل إلى الانحياز لإسرائيل.”
وخلاصة القول: عملت “بالانتير” مع الحكومة والجيش الإسرائيلي لتحويل فلسطين إلى ساحة اختبار للعسكرة الرقمية.
تستخدم الشركة سيلًا من البيانات المستخرجة من الأراضي الفلسطينية المحتلة — بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني، وسجلات المكالمات، وأرقام الهواتف، ورسائل “واتساب”، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الجغرافية — لتغذية أنظمة استهداف تنبؤية، يمكن تشغيلها عن بُعد عبر برامج سهلة الاستخدام.
مع شركات كهذه، يتعاون بن سلمان تحت ذريعة “المضي قدمًا بمشاريع رؤية 2030″، بينما يكون الثمن أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء في ساحات الحروب.