في وقت تواصلت فيه المفاوضات غير المباشرة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط رغبة عربية في الانتقال إليها، وصياغة بنودها بشكل دقيق لمنع العراقيل الإسرائيلية، لم تسفر تلك المفاوضات، حتى الآن، عن نتائج، فيما ينتظرها مخاض عسير مرتبط بالمطالب الإسرائيلية المتجددة والمستمرة، إذ بينما لا تبدي المقاومة اعتراضاً على إمكانية تسليم الأسرى خلال المرحلة الثانية، دفعةً واحدة، في مقابل ضمانات تلزم إسرائيل بتنفيذ التزاماتها، وفي مقدّمتها وقف الاعتداءات على القطاع، يطالب مسؤولون إسرائيليون بـ«ضرورة نزع سلاح المقاومة بشكل كامل، وإبعاد المقاتلين عن القطاع»، بحسب مصادر مصرية مطّلعة.
وتأتي هذه التطورات في ظل تراجع «التفاؤل» المصري بشأن الجولة الحالية، على خلفية التغييرات التي طرأت على الوفد الإسرائيلي فيها، وتمثّلت بتسليم وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، قيادة العملية التفاوضية، بتوجيهات من رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو. وعليه، وبناءً على مؤشرات أخرى أيضاً، طلبت مصر وقطر من المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، العمل على «تحقيق مرونة» في المطالب الإسرائيلية، ولا سيما في ظل الاتفاق مع المقاومة على نقاط محورية، في مقدّمتها عودة القطاع تحت إدارة فلسطينية وليس تحت قيادة حركة «حماس»، والتعهد بعدم خرق وقف إطلاق النار، وهما أمران تراهما كل من مصر وقطر كافييْن لتثبيت التهدئة.
تشترط الخطة «تلقّي ضمانات أميركية بعدم استهداف تلك المواقع، المتفق عليها مع الجانب الإسرائيلي»
وفي هذا الوقت، تترقب مصر تنفيذ إسرائيل التزاماتها لجهة السماح بإدخال «الكرفانات» إلى القطاع، اليوم، بعد نحو أسبوع من عرقلة إدخالها، وهو أمر طلبت القاهرة عدم وضع عراقيل جديدة أمامه، على اعتبار أنه «قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات»، بحسب أحد المصادر، والذي أشار، في الوقت نفسه، إلى أن الجرافات المحدودة التي دخلت إلى غزة خلال اليومين الماضيين، سيزداد عددها في الأيام المقبلة، بالتزامن مع عملية تبادل الأسرى السبت المقبل. وأمس، دخلت إلى القطاع أكثر من 300 شاحنة مساعدات، بينها نحو 15 شاحنة وقود، في وقت لا يزال فيه مسار الشاحنات يمر من معبر رفح إلى معبري العوجة وكرم أبو سالم، وسط إجراءات التفتيش التي تتشدد إسرائيل في التمسك بها. وإلى جانب ذلك، تعطّل إسرائيل إدخال الخيام إلى القطاع، خلافاً لما يفترض دخوله، فيما يقارب ما وصل منها إلى غزة نحو 20 ألف خيمة فقط.
وعلى خط مواز، وفي خطوة تسعى من خلالها القاهرة لمواجهة الرغبة الأميركية في تهجير أهالي قطاع غزة، لجأت مصر إلى طلب دعم دول أوروبية لـ«خطتها» في ما يتعلق بإعادة إعمار القطاع، بحسب المصادر. وترتكز الخطة المصرية، التي تجري مناقشتها مع أطراف عربية أيضاً، على «إنشاء مناطق آمنة في غزة، لتكون مواقع إقامة مؤقّتة للمدنيين، وإعادة تخطيط القطاع وبنائه بصورة تسمح بتحويله إلى مكان قابل للحياة في غضون 3 سنوات، عبر الاستعانة بشركات مصرية وعربية لتنفيذ عملية إزالة الركام والبدء في إعادة الإعمار، بناءً على التقارير التي تسلّمتها مصر من غزة والجهات الدولية، حول حجم الخسائر والمناطق المدمّرة بالكامل». كما تتضمن الخطة السماح بإعادة تشكيل هوية القطاع إدارياً، بالإضافة إلى إتاحة أماكن وبيئات عمل للسكان، إلى جانب إنشاء المدارس والجامعات، بما يسمح بعودة تدريجية للحياة، في مساع للحدّ من التهجير الطوعي المتوقّع للراغبين في استكمال دراستهم أو عملهم في الخارج.
كذلك، تسعى القاهرة إلى إقناع الولايات المتحدة بخطتها، من خلال التعهد بـ«إجراء كل العمليات الإنشائية تحت رقابة أممية، لضمان عدم السماح بوجود أنشطة عسكرية في نطاقها، بالإضافة إلى منع إعادة بناء الأنفاق أو أي مواقع عسكرية داخل قطاع غزة، بما يبدّد المخاوف الإسرائيلية من عودة نشاط حركة «حماس» عقب الانتهاء من الإعمار. وعلى رغم الكلفة المرتفعة لتجهيز «المواقع الآمنة»، والتي تسبق عملية البناء، تشترط الخطة «تلقّي ضمانات أميركية بعدم استهداف تلك المواقع، المتفق عليها مع الجانب الإسرائيلي»، على أن يستمر سريان الهدنة طوال فترة إعادة البناء، وسط استمرار المفاوضات غير المباشرة مع المقاومة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website