كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «ضَلِيعَ الْفَمِ» (رواه مسلم) أي: واسع الفم عظيم الأسنان حسن الثغر، وهو مما كان تحمده العرب في الرجال، فقد كانت تذم الرجل صغير الفم.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث الطويل الذي قيل فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجاته، وفيه: قلت: يا رسول الله إنّي دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفأنزل فأخبرهم أنّك لم تطلّقهنّ؟ قال: «نعم إن شئت» . فلم أزل أحدّثه حتّى تحسّر الغضب عن وجهه، وحتّى كشر فضحك، وكان من أحسن النّاس ثغرا
الشّاهد في الحديث
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وحتى كشر فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا) ، ومعنى: (وحتى كشر فضحك) ، أي: أبدى أسنانه
فكان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ثغرا (أي فما) ، ومن لوازم جمال الفم، جمال الشفتين والأسنان، فبهما يكتمل جمال الفم، كما أن أي عيب بهما يؤثر على جمال الفم، وعلمنا أيضا أن جمال فمه صلى الله عليه وسلم كان ملاحظا حتى في حال ضحكه، بل أظن أنه كان يتلألأ جمالا أكثر في حال ضحكه، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذكر جمال الثغر بمناسبة ذكر ضحكه صلى الله عليه وسلم فقال: (فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا) ا
[فإن قال قائل:]
لماذا ذكرت في مقالك جمال وجه النبي صلى الله عليه وسلم وجمال فمه، وطيب عرقه وبرودة كفيه، وجعلت جماله من الشمائل النبوية، فماذا سنستفيد منها؟
معرفة جميع ما يخص النبيّ صلى الله عليه وسلم هو من الدين، ومن العلم النافع، ولولا ذلك ما ذكرها الصحابة ولما تناقلوها وحفظوها بكل هذا التفصيل، ولما ذكرها أصحاب الصحاح في كتبهم وبوّبوا لها فصولا وأبوابا، وتناولها العلماء بالشرح والبيان
[أما الفائدة التي تعود على المسلم من معرفتها]
فأقول: إننا نتقرب إلى الله- عز وجل- بحب النبي صلى الله عليه وسلم ومما يساعد على حبه، معرفة كل شمائله الخلقية والخلقية، لأن الإنسان لا يحب أحدا إلا إذا كان يعرفه تمام المعرفة، ثم إن معرفة الجمال الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم يساعد على حبه من جهتين:
[الجهة الأولى:]
أن الإنسان بطبعه يحب من اتصف بالحسن والجمال
[الجهة الثانية:]
محبته أكثر إذا علمنا أن الله- عز وجل- هو الذي حباه بهذا الجمال، وهو دليل على حب الله- سبحانه وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم
فإن قال قائل: كم من الذين يبغضهم الله- سبحانه وتعالى- قد حباهم بجمال عجيب، فهل هذا دليل على أنه يحبهم؟ قلت: جمال النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا عن حب من الله عز وجل- له، والأدلة على ذلك متوافرة:
أ- كان جماله صلى الله عليه وسلم مقرونا بالإجلال والإكبار، لقول عمرو بن العاص رضي الله عنه: (وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت)
ب- استمرار هذا الجمال معه إلى يوم وفاته صلى الله عليه وسلم والمعروف أن الناس، خاصة أهل الكفر والشقاق، يذهب عنهم جمالهم بكبر سنهم وطول أعمارهم، خاصة عند الوفاة، وقد مر قريبا ما ورد في الصحيحين من حديث أنس قال رضي الله عنه واصفا وجه النبي صلى الله عليه وسلم يوم وفاته: (كأن وجهه ورقة مصحف) ا
ج- اقترن جماله صلى الله عليه وسلم بأمور أخرى زادته جمالا على جماله، وحسنا على حسنه ولم يشترك مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصفات أحد من الناس أبدا، فعلمنا أن هذه الصفات لا تكون إلا من الله- عز وجل- بل هي من علامات نبوته التي أيده الله- سبحانه وتعالى- بها وأقصد بهذه الصفات جمال عرقه، ورائحة جسده الزكية، وليونة كفيه صلى الله عليه وسلم حتى إنهما كانتا ألين من الحرير والديباج.
وأقول: إن اتصاف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفات الجسمانية هي من أعظم دلائل نبوته؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- بمقتضى عدله وحكمته، لم يكن ليمنحها لأحد يدعي- حاشا لله- أنه نبي، فتكون هذه الصفات فتنة للناس، وحجة لهم على الله، فيقولون ف حجتهم: إننا ما اتبعناه وصدقناه وآمنا به إلا بعد رؤيتنا ما خصه الله من الصفات التي لم ينازعه فيها أحد أبدا. وأضيف أن اختصاص الله- سبحانه وتعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الخصال الجميلة، لا تدل فحسب على حب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ولكن تدل أيضا على حب الله- عز وجل- لهذه الأمة؛ لأن المعجزات الحسية والمعنوية، التي كانت في شخص النبي أو تحققت على يده صلى الله عليه وسلم تقوي إيمان العبد وتزيد حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website