نشرت وسائل إعلام عربية تفاصيل جديدة متطابقة عن مؤامرة دولة الإمارات لتحييد غزة وتهجير سكانها وإنهاء تحولها إلى مركز للمقاومة الفلسطينية يهدد الاحتلال الإسرائيلي في المستقبل.
وقالت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، إن الإمارات تضغط على مصر عبر عرض اتفاق سياسي شامل لدفع القاهرة إلى قبول خطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والتي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولاقت ردودا عربية رافضة لا سيما من مصر والأردن.
وأوردت الصحيفة أن أبو ظبي تعمل على بلورة اتفاق سياسي يتناسب مع مطالب القاهرة، كي تقبل بمخطط التهجير، وأن أبوظبي تتوسط بين الولايات المتحدة ومصر لإقناع الأخيرة بالقبول بمخطط التهجير مقابل تلقيها دعما ماليا.
ولفتت الصحيفة إلى أن ذلك يندرج ضمن اتفاق سياسي يضمن الحد الأدنى من المطالب المصرية، والمتمثلة في بقاء المقاومة داخل قطاع غزة وعدم تفريغ القطاع بالكامل من سكانه.
وذكرت أن “التصور الإماراتي يبدو دعاما للخطة العربية لإعادة إعمار غزة، ولكن في حقيقته يهدف إلى تفريغ القطاع بالكامل من مقاتلي المقاومة، إلى جانب وضع تصورات متكاملة تدعم الخطط الإسرائيلية لتحييد غزة، وإيقاف تحولها إلى مركز يهدد الاحتلال الإسرائيلي في المستقبل”.
وأشارت الصحيفة إلى أن المخطط الإماراتي يسعى لدعم مخطط التهجير مقابل الدعم المالي الاستثنائي الذي ستحصل عليه مصر، من أجل تسهيل خروج الفلسطينيين.
ونوهت إلى أنه “تم طرح هذه التفاصيل خلال زيارة أجراها الرئيس الإماراتي محمد بن زايد إلى القاهرة، فيما تتواصل الاتصالات بين البلدين من أجل إعادة ترتيب الوضع بصورة قد تبدو مقبولة للجانب المصري”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وأوضحت الصحيفة أن “لإمارات تتحدث عن السماح بخروج جميع أفراد المقاومة إلى وجهات ثالثة وليس إلى مصر بالتنسيق مع إسرائيل، وعدم السماح بعودتهم إلى غزة مرة أخرى، إضافة إلى السماح لعائلاتهم من كبار السن بالبقاء في القطاع في حال أرادوا ذلك، على أن تتم إعادة بناء غزة وفق ترتيبات أمنية محددة تطلبها إسرائيل”.
ولفتت إلى أن تصورات أبو ظبي التي تتضمن استثمارات عدة في غزة تلقى دعما إسرائيليا، وقد نوقشت خلال زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد الأخيرة إلى واشنطن.
وقبل أيام فضحت صحيفة “لوموند” الفرنسية، خدعة دولة الإمارات بشأن ملف حرب الإبادة في غزة والتحالف مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية والتوافق العربي عليها.
ونشرت الصحيفة مقالا للأكاديمي والمؤرخ الفرنسي جان بيير فيليو، تحت عنوان “ثلاثية الإمارات في غزة”، أبرزت فيه أنه “في حين تعمل الإمارات على تعميق شراكتها الاستراتيجية مع إسرائيل، تتظاهر بالتوافق مع الإجماع العربي بشأن الدولة الفلسطينية، وتحرص على تسليط الضوء على جهودها في مجال المساعدات الإنسانية في غزة”.
وسلطت الصحيفة الضوء على موقف الإمارات بأنه “لا يوجد بديل -بل في الواقع، لا بديل على الإطلاق- لخطة دونالد ترامب التي تتصور تحويل غزة إلى “ريفييرا فرنسية للشرق الأوسط” بمجرد إخلائها من سكانها”.
وعلقت الصحيفة لم تصدر هذه التصريحات في واشنطن أو تل أبيب، بل في دبي الشهر الماضي على لسان يوسف العتيبة، السفير الإماراتي المؤثر في واشنطن.
وقد استخدم العتيبة، الذي يشغل منصبه منذ عام 2008، هذه المدة الطويلة الاستثنائية في واشنطن لإقامة علاقات وثيقة مع الزعماء الأميركيين من مختلف الأطياف، وتطوير حملة مثيرة للإعجاب للترويج لبلاده.
وكان في قلب المفاوضات بشأن معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي، التي تم توقيعها في سبتمبر 2020 في واشنطن، والتي يعتبرها معظم الإماراتيين اتفاقية “تطبيع العار”. وفي ذلك الوقت بدأ في إقامة علاقات مع دونالد ترامب وحاشيته، وهي علاقات لها أهمية أساسية اليوم.
وأشار فيليو إلى أن “العتيبة” يُعتبر قريبًا جدًا من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد وشقيقه وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد، معتبراً أن “هذا يعني أن هذه التصريحات، بعيدة عن كونها زلات لسان، بل تعكس التوجه السياسي الأعمق لأبوظبي، حتى وإن انضمت رسميًا إلى الإجماع العربي الداعم للدولة الفلسطينية، كما تجلّى في القمة العربية الأخيرة بالقاهرة”.
واعتبر الأكاديمي الفرنسي أن “هذا ليس مفاجئًا، لأن اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات لا يذكر دولة فلسطينية، ويتوافق تمامًا مع رؤية ترامب ونتنياهو (السلام من أجل الازدهار)، التي تم الكشف عنها في يناير 2020 – وهي الخطة التي رفضها الجانب الفلسطيني بالإجماع لأنها تضمنت ضم أجزاء من القدس الشرقية والضفة الغربية”.
وتضمنت خطة ترامب لعام ٢٠٢٠، على الأقل، إمكانية إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد نزع سلاح حماس. وفي نفس الوقت -يقول الكاتب- تعمل أبوظبي على تقويض نفوذ محمود عباس في غزة من خلال دعم منافسه محمد دحلان، وهو من سكان غزة ويقود فصيلًا منشقًا عن حركة فتح.
ويرى فيليو أن أعلام فتح التي نراها في مخيمات اللاجئين في غزة هي في أغلب الأحيان أعلام مؤيدي دحلان، الذين -على الرغم من أنهم يعيشون في الإمارات- لا يجرؤون على العودة إلى غزة على الرغم من الدعم الكبير الذي يحظون به.
بحسب المؤرخ الفرنسي، فإن العمليات الممولة جيدا التي تقوم بها أبوظبي تغذي الفوضى والانقسامات داخل حركة فتح، رغم أنها تزيد من تمكين حركة حماس -العدو الأساسي للإمارات في غزة- التي لا تسمح لمنظمات دحلان بالعمل إلا في أدوار إنسانية بحتة في غزة.
في غياب شركاء سياسيين فلسطينيين موثوق بهم، قررت أبوظبي في مارس 2024 التعاون مع منظمة “وورلد سنترال كيتشن” “World Central Kitchen” الأميركية غير الحكومية لتسليم شحنات غذائية عن طريق البحر من قبرص إلى غزة، على الرغم من دعوات المنظمات الإنسانية لإعادة فتح المعابر البرية.
لكن هذه المبادرة انهارت بعد الغارة الجوية الإسرائيلية في الأول من أبريل 2024، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة متطوعين دوليين، وثلاثة حراس أمن بريطانيين، وسائق فلسطيني. ويشير فيليو إلى أنه بينما أرسلت أبوظبي لاحقًا 2500 شاحنة مساعدات عبر مصر على مدار عام، إلا أن ذلك لم يُغطِّ سوى خمسة أيام من الاحتياجات الأساسية لسكان غزة.
ويضيف فيليو أنه على الرغم من أن المسؤولين الإماراتيين حاولوا الحد من استغلال الوسطاء المصريين للمساعدات الإماراتية في تحسين سمعتهم، إلا أن جهودهم لم تحقق سوى نجاح محدود؛ ما يعني فشلها في تحقيق الدعاية الرسمية التي تقول إن الصمت عن جرائم الاحتلال مقابل دخول المساعدات.
يُقدّر السكان المستفيدون من هذه المساعدات الإماراتية جودتها، سواءً من حيث الطعام أو الملابس أو المعدات. كما أشرف صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد على إجلاء مئات المرضى والجرحى إلى أبوظبي. ومع ذلك، يُشير فيليو إلى أن هذا العدد أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية، التي تتطلب حوالي 12 ألف عملية إجلاء طبي.
واعتبر فيليو أن زيارة الشيخ طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي وشقيق رئيس الدولة، إلى البيت الأبيض في اليوم التالي لاستئناف الحرب على غزة، وحضور عشاء مع دونالد ترامب، دون أي ذكر علني للوضع الكارثي في غزة، يمثل موافقة ضمنية من أبوظبي على استئناف الحرب.