مواقف من يقين أبي بكر الصديق وتيسيره على المسلمين
يقين أبو بكر .. ورفقه بالمسلمين .. والأخذ بالتيسير
أخرج أبي إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال: دخل أبو بكر بيت المدارس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص فقال له: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير ولو كان غنياً عنا ما استقرض منا لما يزعم صاحبكم (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) سورة البقرة الآية ٢٤٥، فغضب أبو بكر فضرب وجهه فذهب فنحاص إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد أنظر ما صنع صاحبك بي، فقال ﷺ: يا أبا بكر ما حملك على ما صنعت، قال: يا رسول الله (تلا) قولًا عظيمًا يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء، فجحد فنحاص (أي أنكر فنحاص مقالة السوء التي قالها في حق الله تعالى)، فأنزل الله تعالى قوله تصديقاً لأبي بكر وتكذيبًا لفنحاص في سورة آل عمران: (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) الآية 181.
روى البخاري أن عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء (بالصحراء) ونحن داخلون المدينة فأناخ رسول الله ﷺ ونزل فثنى رأسه في حجري راقداً (أي توقف الركب والحركة نحو المدينة واستراح رسول الله ﷺ) وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال: حبستي الناس في قلادة ثم أن النبي ﷺ استيقظ وحضرت الصلاة في الشمس الماء فلم يوجد ماء، فنزلت آية التيمم المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الآية ٦، فقال أسيد بن حضير لقد بارك الله للناس فيكم يا آل بكر (يقصد بسبب تيسير الله على الأمة بالتيمم)
صحبة أبي بكر الثابتة بالقرآن في هجرته مع رسول الله ﷺ
“إذ يقولُ لصاحبِهِ لا تحزنْ إنَّ اللهَ معنا”
وفضيلة أبي بكر الصديق ثابتة وصحبته للرسول ﷺ معلومة بالتواتر وفي بيان قوله تعالى سورة التوبة (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الآية 40، وفي هذه الآية إشهاد للأمة على موقف الهجرة وصحبة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة وإشارة لرحمة وشفقة أبي بكر الصديق الذي كان يخشى أن تقع أعين المشركين عليهم وهم في الغار خلف خيوط العنكبوت التي نسجت على باب الغار ولم تكن موجودة عند مدخل النبي ﷺ والصديق إلى الغار فذلك من آيات الله ولذلك فإن العلماء بينوا مكانة أبي بكر الصديق المبينة بالقرآن الكريم والسيرة المتواترة التي خصته وحده دون سائر الصحابة بقوله تعالى: (إذْ يقولُ لصاحبِهِ لا تحزنْ إنَّ اللهَ معَنا) فثبت لأبي بكر الصديق صحبة رسول الله ومعينة الله فكان بها أول ولي أمر للمسلمين بعد رسول الله ﷺ.
موقف أبو بكر الصديق مع بلال.. سيدنا أعتق سيدنا
ذكر كتاب جامع معمر بن راشد أن ابن سيرين قال: رأى عبد الله بن بديل رؤيا فقصها على أبي بكر فقال: إن صدقت رؤياك فإنك ستقتل في أم ذي لبس، فقتل في يوم صفين، وذكر سعيد بن المسيب أن بلالًا رضي الله عنه كان يعذب في الله عز وجل (حتى يترك دين الإسلام) فلقى النبي ﷺ أبا بكر فقال: ” لو كان عندنا شيء اشترينا بلالاً، فلقى أبو بكر العباس بن عبد المطلب (عم النبي ﷺ) فقال له: أشتر لي بلالًا (فأوكله بعملية تحرير رقبته) فأنطلق العباس لسيده وقال: هل لك تبغيني عبدك هذا قبل أن يفوتك خيره وتحرم ثمنه؟ فقال: أيما تصنع به إنه خبيث فكرر العباس مقالته للترغيب في البيعة وتحرير بلال من رق سيده فاشتراه العباس وبعث به إلى أبي بكر فأعتقه فكان يؤذن لرسول الله ﷺ فلما مات رسول الله ﷺ أراد بلال أن يخرج إلى الشام فقال أبو بكر بل عندي (وذلك حتى لا يحرم من سماع أذان بلال ولا تحرم المدينة صوت أذان بلال) فقال بلال: إن كنت أعتقتني لنفسك فأحبسني وإن كنت أعتقتني لله فذرني أذهب إلى الله فقال: اذهب، فذهب إلى الشام فأقام بها حتى مات، ويؤثر عن عمر قوله في شأن أبي بكر الصديق وإعتاقه بلال: سيدنا أعتق سيدنا.
من مواقف أبو بكر الصديق مع الرسول ﷺ في حياته وبعد وفاته
وفي صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: بلغ رسول الله ﷺ أن بني عمرو بن عوف بقياء كان بينهم شيء، فخرج ﷺ يصلح بينهم في أناس من أصحابه، فحبس رسول الله ﷺ (أي تأخر لإنجاز إصلاحه بين الناس) وحانت الصلاة فجاء بلال إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر إن رسول الله ﷺ قد حبس وقد حانت الصلاة فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلال الصلاة وتقدم أبو بكر رضي الله عنه فكبر للناس (بالدخول في الصلاة) وجاء سول الله ﷺ يمشي في صفوف يشقها شقًّا حتى قام في الصف فأخذ الناس في التصفيح – قال سهل: التصفيح هو التصفيق، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التفت فإذا رسول الله ﷺ فأشار إليه “أن يصلي” فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده ثم رجع القهقرى (للخلف ليتحول من إمام إلى مأموم خلف رسول الله ﷺ) حتى قام في الصف وتقدم رسول الله ﷺ فصلى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم بالتصفيح، إنما التصفيح للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، ثم التفت إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: يا أبا بكر ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت إليك؟ قال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله ﷺ.
وفي صحيح البخاري أيضًا في باب وجوب الزكاة قال أبو هريرة رضي الله عنه: لما توفّي رسول الله ﷺ وكان أبو بكر رضي الله عنه (يعني على ولاية أمر المسلمين بالخلافة) وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله ﷺ (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله) فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها (العناق هي الأنثى من ولد المعز لم تبلغ سنة) قال عمر رضي الله عنه : “فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website