سئل الإمام ابن رشد الجد رحمه الله تعالى الملقب عند المالكية بشيخ المذهب عن رأي المالكية في السادة الأشاعرة وحكم من ينتقصهم كما في فتاواه (2/802) وهذا نص السؤال والجواب.
السؤال: ما يقول الفقيه القاضي الأجل، أبو الوليد وصل الله توفيقه وتسديده، ونهج إلى كل صالحة طريقه، في أبي الحسن الأشعري وأبي إسحاق الإسفراييني وأبي بكر الباقلاني وأبي بكر بن فورك وأبي المعالي، ونظرائهم ممن ينتحل علم الكلام ويتكلم في أصول الديانات ويصنف للرد على أهل الأهواء؟ أهم أئمة رشاد وهداية أم هم قادة حيرة وعماية؟
وما تقول في قوم يسبونهم وينتقصونهم، ويسبون كل من ينتمي إلى علم الأشعرية، ويكفرونهم ويتبرأون منهم، وينحرفون بالولاية عنهم، ويعتقدون أنهم على ضلالة، وخائضون في جهالة، فماذا يقال لهم ويصنع بهم ويعتقد فيهم؟ أيتركون على أهوائهم، أم يكف عن غلوائهم؟
فأجاب رحمه الله:
تصفحت عصمنا الله وإياك سؤالك هذا، ووقفت على الذين سميت من العلماء فهؤلاء أئمة خير وهدى، وممن يجب بهم الاقتداء، لأنهم قاموا بنصر الشريعة، وأبطلوا شبه أهل الزيغ والضلالة، وأوضحوا المشكلات،
وبينوا ما يجب أن يدان به من المعتقدات، فهم بمعرفتهم بأصول الديانات العلماء على الحقيقة، لعلمهم بالله عز وجل وما يجب له وما يجوز عليه، وما ينتفي عنه، إذ لا تعلم الفروع إلا بعد معرفة الأصول، فمن الواجب أن يعترف بفضائلهم، ويقر لهم بسوابقهم، فهم الذين عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)، فلا يعتقد أنهم على ضلالة وجهالة إلا غبي جاهل، أو مبتدع زائغ عن الحق مائل، ولا يسبهم وينسب إليهم خلاف ما هم عليه إلا فاسق، وقد قال الله عز وجل (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
فيجب أن يُبصّر الجاهل منهم، ويؤدّب الفاسق، ويستتاب المبتدع الزائغ عن الحق إذا كان مستسهلًا ببدعة، فإن تاب وإلا ضرب أبدًا حتى يتوب، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيغ المتهم في اعتقاده، من ضربه إياه حتى قال: يا أمير المؤمنين إن كنت تريد دوائي فقد بلغت مني موضع الداء، وإن كنت تريد قتلي فأجهز علي، فخلى سبيله، والله أسأل العصمة والتوفيق برحمته.
ابن رشد الجد ت 520 هـ: الإمام العلامة شيخ المالكية قاضي الجماعة بقرطبة أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي.
قال ابن بشكوال: كان فقيها عالما حافظا للفقه مقدما فيه على جميع أهل عصره عارفا بالفتوى بصيرا بأقوال أئمة المالكية نافذا في علم الفرائض والأصول من أهل الرياسة في العلم والبراعة والفهم مع الدين والفضل والوقار والحلم والسمت الحسن والهدي الصالح.
من أبرز تلامذته القاضي عياض بن موسى اليحصبيّ السَّبتيّ، وهو عالمُ المغربِ وإمامُ أهلِ الحديثِ في وقتهِ، كان من أعلمِ الناسِ بكلامِ العربِ وأنسابِهم وأيامهم، وكان عالمًا بالتفسيرِ فقيهًا أصوليًّا عالمًا بالنحوِ واللغةِ، بصيرًا بالأحكام، عاقدًا للشروط، حافظًا لمذهبِ مالكٍ رحمه الله، وكان شاعرًا وخطيبًا بليغًا، صبورًا حليمًا، جميلَ العِشرة، جوادًا سمْحًا كثيرَ الصدقة، دؤوبًا على العمل، شديدًا في الحقّ. ولي قضاء سبْتة، وفيها مولدُه ثم ولي قضاءَ غرناطة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website