السؤال: هل يجوز طلب الأمداد من الرجل الصالح والاستغاثة به؟
الجواب:
نعم قد فعله السلف الصالح والصحابة رضوان الله عليهم رواه البخاري في الأدب المفرد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما استغاث بالنبيّ حين خدرت رجله نادى قائلاً (يا محمد) فشفاه الله، ذكرها كذلك ابن تيمية المتناقض مرجع الوهابية أدعياء السّلفية في كتاب له سماه الكلم الطيب، معناه يستحسن ذلك، وطلب ابن عمر الاستمداد من النبي وتوسله واستغاثته به صلى الله عليه وسلم ليس عبادة من ابن عمر للنبيّ.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه، باب العون بالمدد، ثم يذكر حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان (قبائل)، فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدّوه على قومهم فأمدّهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين من الأنصار إلى آخر الحديث.
وفي لسان العرب لابن منظور أمددت الجيش بمدد، والاستمداد طلب المدد، قال أبو زيد مددنا القوم أي صرنا مدداً لهم وأمددناهم بغيرنا.
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن لله ملائكة في الأرض سِوى الحَفَظَة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدَكم عَرجَةٌ بأرض فلاة فليُنادِ أعينوا عباد الله) رواه الحافظ الطبراني، قال الحافظ الهيثمي رجالُهُ ثِقات.
وفي هذا الحديث دليل واضح على جواز الاستغاثة بغير الله لأن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا أن نقول إذا أصابت أحدنا صعوبة في فلاة من الأرض أي برّيّة (يا عباد الله أعينوا) فإن هذا ينفعه أي بإذن الله.
وهذا الحديث حسّنه الحافظ ابن حجر العسقلاني ونصه كما في أماليّه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن لله ملائكة سوى الحفظة سياحين في الفلاة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدَكم عرجةٌ في فلاة فلينادِ يا عباد الله أعينوا) معناه أن الله تعالى يُسمع هؤلاء الملائكة الذين وُكّلوا بأن يكتبوا ما يسقط من ورق الشجر في البرية نداء هذا الشخص وإن كانوا على مسافة بعيدة منه، وهذا الرد من نفائس الاسلام فإن ذلك غير ممتنع على قدرة الله.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقد يكون ما هو من جنس ذلك كرامةً لوليّ من أولياء الله في حياته أو بعد موته فإن ذلك لا يُعجز اللهَ عز وجل، ومعروف أن بعض الصحابة جلس فتكلم بعد موته كرامة له ومن ذلك ردّ عالم من آل النويري توفي شهيداً حميداً على بعض الفرنج حين استهزأ به بعد موته فقرأ هذا الفقيه شيئاً من القرآن في حياة الشهداء بعد موتهم، فتشهّد الفرنجي، دخل في الإسلام، نقلها السيوطي وغيره.
فالمدد والغوث والعون والتعوذ والاستعاذة والاستعانة والاستغاثة والتوسل والتوجه بفلان الصالح إلى الله، كل ذلك بمجرّده ليس عبادة لذلك الصالح من حيث اللغة ولا من حيث الشرع ومن ادّعى غير ما نقول فهو كذاب لا يجد ما يزعمه كذباً وزوراً في كتب أهل اللغة ولا في كلام السلف الصالح رضي الله عنهم.
قال العلماء (العبادة نهاية التذلل وغاية الخشوع والخضوع) وليس كما يقول الوهابي إن العبادة هي الاستغاثة والاستعانة والتعوذ، هذا غير موجود في كتب اللغويين والفقهاء الأكابر، لا في كتب الأوائل منهم ولا الأواخر.
الله الخالق وحده يستحق العبادة التي هي نهاية التذلل، أما الاستعانة أو استمداد مخلوق من مخلوق بمجرّده فلا يكون ذلك عبادة لهذا المخلوق وهذا متعارف عليه شرعاً وعرفاً بين الناس لا ينكر ذلك إلا مكابر، قال الله تعالى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) وكلاهما مخلوق، فلو كانت الاستعانة معناها العبادة لكان الله آمراً بالشرك، وهذا مؤدى كلام الوهابي يجعل كتاب الله آمراً بالشرك والعياذ بالله تعالى.