بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ءاله وصحبه الطيبين، أما بعد فقد قال الله تعالى [وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا] {النساء:115}.
عن العِرباضِ بن ساريةَ رضي اللّه عنه، قال: وَعَظَنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم موعظةً وَجِلت منها القلوب، وذرفتْ منها العيون، فقلنا: يا رسولَ اللّه! كأنها موعظةُ مُودّع فأوصنا، قال: (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تأمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، وَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَليْكُم بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيّينَ عَضُّوا عَلَيْها بالنَّواجِذِ، وَإيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). ورواه مسلم بلفظ ءاخر وهو: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). فأفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما ليس منه) أن المحدَث إنما يكون ردًّا أي مردودًا إذا كان على خلاف الشريعة، وأن المحدَث الموافق للشريعة ليس مردودًا.
وروى الحافظ البيهقي في مناقب الشافعي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال: (المحدَثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنةً أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة). اهـ
ومن هذه الأمور المحدثة على غير وفق الشريعة، ما أحدثته في عصرنا هذا امرأة لا نصيب لها من الفقه ولا من العلم، فقد أجازت لنفسها أن تخطب الجمعة وأن تؤم الرجال في صلاة الجمعة، مع أن حكم الشريعة ينص أنه لا يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة مطلقًا، ومنها صلاة الجمعة، ولا أن تخطب فيهم خطبة الجمعة فضلاً عن أن تتولاها، ومن طالع كتب الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ظهر له ذلك دون تكلف ولا عناء، حيث إنهم يشترطون لصحة الإمامة بالرجال أن يكون إمامهم ذكرًا، ولصحة إقامة الجمعة أن يحضر عدد معين من الذكور.
وهذا الحكم من أوضح أحكام الإسلام، وعليه أهل القرون المفضلة (الصحابة والتابعين وتابعيهم) ومن بعدهم من الأئمة كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من العلماء المعتبرين، فلا يكاد يجهله أحد من المسلمين، وذلك لتتابع الأجيال من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا على العمل بمقتضاه، وعدم مخالفته.
ولم يثبت أن امرأة واحدة عبر التاريخ الإسلامي قد أقدمت على هذا الفعل على مدى هذه العصور المتعاقبة، لا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عصر الخلفاء الراشدين ولا في عصر التابعين، ولا فيما تلا ذلك من العصور، مع أنه كان من النساء الفقيهات النابغات، وعن بعضهن نقل كثير من الدين، ومنهن من كن شيوخا لمثل الشافعي والبخاري وابن عساكر وغيرهم!!
وقد ولى عمر رضي الله عنه الشفاء بنت عبد الله العدوية رضي الله عنها مهام الحسبة في سوق المدينة. ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة الشفاء.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وفي تهذيب الكمال عند ترجمة الشفاء قال: وكان عمر بن الخطاب يقدمها في الرأي ويرضاها ويفضلها وربما ولاها شيئا من أمر السوق. وفي تهذيب التهذيب مثل ذلك.
وروى الطبراني عن يحيى بن أبي سليم قال: (رأيت سمراء بنت نهيك – وكانت قد أدركت النبي صلى الله عليه وسلم – عليها دروع غليظة، وخمار غليظ، بيدها سوط تؤدب الناس، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر). اهـ قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد المجلد التاسع كتاب المناقب باب في سمراء رضي الله عنها رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ
ولم تقتصر مكانة المرأة في الإسلام على كونها أولَ مؤمنة في الإسلام (السيدة خديجة رضي الله عنها)، وأول شهيدة (السيدة سمية رضي الله عنها)، وأول مهاجرة (السيدة رقية مع زوجها سيدنا عثمان رضي الله عنهما)، بل تعدَّت مكانتُها ذلك عبر العصور والدهور، وأقر النبي صلى الله عليه وءاله وسلم مشاركة النساء في الجهاد والغزوات؛ فغزت المرأة مع رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم؛ كأم سُلَيم وأم حَرام بنت مِلحان، وأم الحارث الأنصارية، والرُّبَيّع بنت مُعَوّذ ابن عفراء، وأم سِنان الأَسلَمِيّة، وحَمنة بنت جَحش، وأم زياد الأشجعية .. وغيرهن رضي الله عنهن وأرضاهن.
كما نبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلافُ من العالمات المبَرّزات والمتفوقات في أنواع العلوم العربية والإسلامية، وقد ترجم الحافظ ابن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة، منهن الفقيهات والمحدّثات والأديبات.
أدلة شرعية تمنع إمامة المرأة للرجال :
لا يجوز أن تؤم المرأة الرجال في الصلاة، لأدلة كثيرة منها:
1- قال الله تعالى:[الرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ] {النساء:34}
2- روى البخاري عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: (لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ قَالَ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ:” لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً). اهـ وإمامة الصلاة ولاية.
3- وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها). اهـ فإذا تقدمت المرأة على الرجال فهذا ليس فيه خيرية وإذا كان ليس فيه خيرية شرعًا فإن الشارع ينفيه ولا يقره، إذ إن الشريعة مبنية على المصلحة.
4- وفي الصحيحين عن سهل بن سعد قال: لقد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم مثل الصبيان من ضيق الأزر خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال قائل يا معشر النساء لا ترفعن رءوسكن حتى يرفع الرجال.
5-وفي صحيح البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم. قال (الراوي) نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال.
6-وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد.
7- وفي صحيح البخاري: أن عائشة كان يؤمها عبدها ذَكْوان من المصحف. [أورده في كتاب الأذان معلقًا بصيغة الجزم]. ووصله ابن أبي شيبة في المصنف ولفظه: عن أبي بكر بن أبي مليكة أن عائشة أعتقت غلامًا لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف اهـ. فلم يكن ذكوان حافظًا بدليل أنه يؤمها من المصحف، ولا يشك أحد في أن عائشة تفضله في المكانة والحفظ والعلم، ومع ذلك كله لم تتقدم عليه وتؤمه.
ثم هذا الأثر ورد في شأن صلاة التراويح، فإذا كانت المرأة لا تصلي برجل نافلةً فكيف يقبل أحد من الرجال أن تصلي المرأة به فرضًا ؟!!
8- وفي صحيح البخاري أن أَنَس بْن مَالِك رضي الله عنه قال: صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأُمّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. والحديث دليل على أنها لا تُحاذي رجلاً في الصف وإنْ كان المحاذى ابنها، ولو كان صغيرًا .. فكيف تتقدم عليهم !!؟
9-وفي سنن ابن ماجه حديثٌ يُستأنس به، لصحة معناه وضعف إسناده، وهو: (ألا لا تؤمنَّ امرأة رجلاً). اهـ
10- وفي مصنف عبد الرزاق، ومعجم الطبراني الكبير: قال ابن مسعود رضي الله عنه آمرًا بأن يُجعل النساء خلف الرجال: (أخّرُوهنَّ حيث أخَّرهن الله). اهـ
أقوال العلماء الدالة على منع إمامة المرأة للرجل:
عدم صحة إمامة المرأة للرجال في الجماعة والجمعة، هو قول عامة العلماء، وهو قول الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين، قاله البيهقي في سننه، وهو أيضًا قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي، وأحمد، كما في المجموع شرح المهذب للنووي.
الحنفية :
قال الحصكفي الحنفي في الدر المختار وهو يعد شروط صحة الجمعة: والشرط الثاني: السلطان ولو متغلبا أو امرأة، فيجوز أمرها بإقامتها لا إقامتها. اهـ
قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار: ولا يصح اقتداء رجل بامرأة. اهـ أي في الصلاة.
قال السرخسي في المبسوط: إمرأة صلت خلف الإمام وقد نوى الإمام إمامة النساء فوقفت في وسط الصف فإنها تفسد صلاة من عن يمينها ومن عن يسارها ومن خلفها بحذائها، … فالمختار للرجال التقدم على النساء فإذا وقف بجنبها أو خلفها فقد ترك المكان المختار له وترك فرضًا من فروض الصلاة فإن عليه أن يؤخرها عند أداء الصلاة بالجماعة …. فإذا ترك تفسد صلاته. اهـ
المالكية :
قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته المشهورة (المطبوع مع شرحه الفواكه الدواني): ولا تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء. اهـ
قال النفراوي المالكي: (ولا) يصح أن ( تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء ) لخبر: (لن يفلح قوم وَلَّوْا أمرَهم امرأةً) وسواء عُدمت الرجال أو وجدت، لأن الإمامة خطة شريفة في الدين ومن شرائع المسلمين. انتهى من الفواكه الدواني.
ويقول الدردير متحدثًا عن شروط الإمام: وشرطه إسلام، وتَحقُّقُ ذُكورةٍ، وعقل، وكونُه غيرَ مأموم، ولا متعمد حدث. اهـ كما في أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك.
وهو ما قرره خليل رحمه الله في المختصر، وأكَّد عليه شارحُه في الشرح الكبير.
وحكى القرطبي عن علماء المالكية فقال: وقال علماؤنا لا تصح إمامتها للرجال ولا للنساء. اهـ كما في الجامع لأحكام القرءان.
وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير: ( وشرطه) أي الإمام،..( تحقق ذكورة) فلا تصح خلف امرأة ولا خنثى مشكل ولو اقتدى بهما مثلهما. اهـ
وقال ابن العربي المالكي: والأنثى ليست بإمام. اهـ كما في أحكام القرءان.
وقال الحطاب المالكي في التاج والإكليل: قال المازري: لا تصح إمامة المرأة عندنا وليعد صلاته من صلى وراءها وإن خرج الوقت. اهـ
الشافعية :
قال الإمام الشافعي في الأم: وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة، لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك، ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا. اهـ
وقال الشيرازي الشافعي في المهذب: ولا يجوز للرجل أن يصلي خلف المرأة لما روى جابر رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تؤم امرأة رجلا، فإن صلى خلفها ولم يعلم ثم علم لزمه الإعادة لأن عليها أمارة تدل على أنها امرأة فلم يعذر في صلاته خلفها، ولا تجوز صلاة الرجل خلف الخنثى المشكل لجواز أن يكون امرأة ولا صلاة الخنثى خلف الخنثى لجواز أن يكون المأموم رجلا والإمام امرأة. اهـ
وقال النووي الشافعي في المجموع: اتفق أصحابنا على أنه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة، وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح، وسائر النوافل، هذا مذهبنا، ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف- رحمهم الله- وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان وأحمد وداود ….قال أصحابنا فإن صلى خلف المرأة ولم يعلم أنها امرأة ثم علم لزمه الإعادة بلا خلاف…..ثم إذا صلت المرأة بالرجل أو الرجال فإنما تبطل صلاة الرجال، وأما صلاتها وصلاة من وراءها من النساء فصحيحة في جميع الصلوات إلا إذا صلت بهم الجمعة، فإن فيها وجهين حكاهما القاضي أبو الطيب وغيره في مسألة القارئ خلف الأمي (أصحهما) لا تنعقد صلاتها (والثاني) تنعقد ظهرًا وتجزئها، وهو قول الشيخ أبي حامد وليس بشىء). انتهى
وصرح الشافعية باشتراط الذكورة في سائر الخطب كما في حاشية الجمل على المنهج: وشرط الذكورية جار في سائر الخطب. اهـ
الحنابلة :
قال ابن قدامة في المغني في باب الإمامة ما نصه: وأما المرأة فلا يصح أن يأتم بها الرجل بحال في فرض ولا نافلة في قول عامة الفقهاء.اهـ، ثم قال: ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تؤمن امرأة رجلاً)، ولأنها لا تؤذن للرجال، فلم يجز أن تؤمهم اهـ. ثم قال: ولا خلاف في أنها لا تؤمهم في الفرائض. اهـ
وفي المغني أيضا: لا جمعة على مسافر ولا عبد ولا امرأة. اهـ ثم قال: أما المرأة فلا خلاف في أنها لا جمعة عليها قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لا جمعة على النساء. اهـ
وقال البهوتي من الحنابلة في دقائق أولي النهي وهو يعدد شروط صحة الخطبة: وأن يصح أن يؤم فيها أي الجمعة فلا تصح خطبة من لا تجب عليه بنفسه كعبد ومسافر. اهـ ومثلهما المرأة لأن الجمعة لا تجب عليها باتفاق.
وقال في كشاف القناع عن متن الإقناع: (وَلا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ) بِرِجَالٍ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا{لا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلا}وَلأَنَّهَا لا تُؤَذّنُ لِلرّجَالِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَؤُمَّهُمْ كَالْمَجْنُونِ، وَلا بِخَنَاثَى لاحْتِمَالِ كَوْنِهِمْ رِجَالا (وَلا) إمَامَةُ (خُنْثَى مُشْكِلٍ بِرِجَالٍ) لاحْتِمَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً. اهـ
وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: ولا تصح إمامة المرأة للرجل هذا المذهب مطلقا قال في المستوعب هذا الصحيح من المذهب ونصره المصنف واختاره أبو الخطاب وبن عبدوس في تذكرته وجزم به في الكافي والمحرر والوجيز والمنور والمنتخب وتجريد العناية والإفادات وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين والنظم ومجمع البحرين والشرح والفائق وإدراك الغاية وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي. اهـ
جواز إمامة المرأة للنساء :
أما إمامتها للنساء فلا بأس بذلك، وقد أمت النساء عائشة رضي الله عنها وأم سلمة رضي الله عنها في الفرض والتروايح.
قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير:
حديث عائشة أنها أمت نساء فقامت وسطهن رواه عبدالرزاق ومن طريقه الدارقطني والبيهقي من حديث أبي حازم عن رائطة الحنفية عن عائشة أنها أمتهن فكانت بينهن في صلاة مكتوبة. وروى ابن أبي شيبة ثم الحاكم من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤم النساء فتقوم معهن في الصف. وحديث أم سلمة أنها أمت نساء فقامت وسطهن. الشافعي وابن أبي شيبة وعبد الرزاق ثلاثتهم عن ابن عيينة عن عمار الدهني عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة عن أم سلمة أنها أمتهن فقامت وسطًا، ولفظ عبدالرزاق (أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا) ومن طريقه رواه الدارقطني، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق قتادة، عن أم الحسن أنها رأت أم سلمة تقوم معهن في صفهن. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية: وأخرج محمد بن الحسن من رواية إبراهيم النخعي عن عائشة (أنها كانت تؤم النساء في شهر رمضان فتقوم وسطًا). اهـ
وروى عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: تؤم المرأة النساء تقوم في وسطهن. اهـ
وروى أحمد وأبو داود والحاكم والدارقطني وابن خزيمة والبيهقي والدراقطني والطبراني في الكبير، واللفظ لأبي داود، عن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ خَلاّدٍ عن أُمّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ الله ابنِ الْحَارِثِ. قال: وكَانَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا في بَيْتِهَا، وَجَعَلَ لَها مُؤَذّنًا يُؤَذّنُ لَها، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمّ أَهْلِ دَارِهَا. اهـ قال عَبْدُ الرّحْمَنِ: فأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا. اهـ
وفي مسند أحمد والمعجم الكبير للطبراني وغيرهما: وكانت قد جمعت القرءان. اهـ وقال الدارقطني: إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها. انتهى
قال ابن قدامة في المغني: وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها كذلك رواه الدارقطني، وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الخبر عليه. اهـ
فجواز إمامة المرأة للنساء هو القول الراجح عند الأئمة، وهو قول الشافعية والحنابلة، وتقف إمامتهن في وسطهن، وهذا هو فعل الصحابيات والتابعات لهن بإحسان.
وقد جاء في روضة الطالبين للنووي الشافعي: وإن كانت امرأة صح اقتداء النساء بها.اهـ ومثله في مغني المحتاج للشربيني الشافعي. اهـ
وجاء في المغني لابن قدامة الحنبلي: هل يستحب أن تصلي المرأة بالنساء جماعة فروي أن ذلك مستحب وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء عائشة وأم سلمة وعطاء والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحق وأبو ثور. اهـ
وجاء في المبدع في شرح المقنع لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي: وإذا صلت امرأة بالنساء قامت في وسطهن في الصف. اهـ ومثله في المغني والعدة وغيرهما. اهـ
خلاصة القول
لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة، وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح، وسائر النوافل، هذا مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف.
ولو كانت تلك المرأة المبتدعة صادقة في اتباع الشرع لتمكنت من علوم الشريعة أولا ثم أقدمت على إقامة محاضرات أو ندوات دينية ولو حضرها رجال، أو لأقامت صلاة الجماعة بالنساء لو كانت حريصة على صلاة الجماعة كما تدعي.
ولا حول ولا قوة إلا بالله. وسبحان الله والحمد لله رب العالمين.