سؤال: اذكروا لنا من المذاهب الأربعة علماء قسموا الردة إلى ثلاثة اقسام؟
الجواب:
الردة هي قطع الإسلام والعياذ بالله تعالى وقد قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام اعتقادات وأفعال وأقوال، وقد استدلوا على هذا التقسيم بالقرءان الكريم كقوله تعالى (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) سورة التوبة 74، فإن هذه الآية يفهم منها أن الكفر منه قولي، وقوله تعالى (إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) أي لم يشكوا، سورة الحجرات 15، يفهم منه أن الكفر منه اعتقادي لأن الارتياب أي الشك يكون بالقلب، وقوله تعالى (ومن ءايته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر) سورة فصلت37، يفهم منه أن الكفر منه فعلي.
هذا التقسيم مُجمعٌ عليه اتفق عليه علماء المذاهب الأربعة وغيرهم، هذه الأقسام الثلاثة ذكرها العلماء في مؤلفاتهم كالنووي الشافعي في روضة الطالبين وابن عابدين الحنفي في حاشيته المسماة رد المحتار على الدر المختار والشيخ محمد عليش المالكي الأزهري في كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل والشيخ أبي منصور بن يونس بن إدريس البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الارادات، وجاء هذا التقسيم في كتب تعليم الواجبات الدينية الصادرة من مكتب التوجيه والإرشاد باليمن واطلع عليها مائة شيخ من الأزهر واليمن وغيرهم كثير.
وقد عدّ كثير من الفقهاء كالفقيه الحنفي بدر الرشيد والقاضي عياض المالكي رحمهما الله أشياء كثيرة من الأمثلة على هذه التقسيمات فينبغي الاطلاع عليها وأكثرهم تعدادا الحنفية، أما بدر الرشيد فهو فقيه حنفي من أهل القرن الثامن الهجري ألف رسالة سمّاها رسالة في ألفاظ الكفر وأما القاضي عياض فهو مالكي توفي في القرن السادس، وقال الحافظ الفقيه اللغويّ الحنفيّ محمد مرتضى الزبيديّ في شرح الاحياء ما نصه (وقد ألف فيها غير واحد من الأئمة من المذاهب الأربعة رسائل وأكثروا في أحكامها). اهـ
كل من المذاهب الأربعة ألّف بعض فقهائهم رسائل في بيان الكفريات لأنه ظهر في عصورهم كلمات بين الناس هي كفر، فأرادوا انقاذ الناس من خطرها فألفوا تلك الرسائل، وهذا من أفضل الأعمال لأن في ذلك انقاذا لمن حصلت منه تلك الكلمات من الكفر إلى الإيمان وتحذيرا لمن لم يقع فيها حتى لا يقع فيها.
وقد أكثر يوسف الأردبيليّ الشافعيّ في كتابه الأنوار لأعمال الأبرار من تعداد الألفاظ المكفّرة بعضها بالعربية وبعضها بالفارسية لأن كثيرا من الشافعية فارسيون.
قال القاضي عياض اليحصبي المالكي (ت 544 هـ) في كتابه الشفا ج2/214 الباب الأول في بيان ما هو في حقه صلى الله عليه وسلم سبٌ أو نقص ٌ من تعرض أو نصٍ:
من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرَّضَ به أو شبهه بشىء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له… قال محمد بن سحنون: أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر والوعيد جارعليه بعذاب الله له … ومن شك في كفره وعذابه كفر. اهـ
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقال الشيخ أبو عبد الله محمد أحمد عليش المالكي مفتي الديار المصرية الأسبق (ت 1299هـ) في منح الجليل على مختصر العلامة خليل ج9/205 ما نصه:
وسواء كفر بقول صريح في الكفر كقوله كفر بالله أو برسول الله أو بالقرءان أو إلاله اثنان أو ثلاثة أو المسيح ابن الله أو العزير ابن الله أو بلفظ يقتضيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول، وكاعتقاد جسمية الله وتحيزه…أو بفعل يتضمنه أي يستلزم الفعل الكفر استلزاما بينا كإلقاء أي رمي مصحف بشىء قذر. اهـ
وقال أيضا في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك، ج2/348:
سؤال: ما قولكم في رجل جرى على لسانه سب الدين (أي دين الإسلام) من غير قصد (أي من غير قصد الخروج من الدين) هل يكفر؟
فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، نعم ارتد، وفي المجموع ولا يعذر بجهل. اهـ
ابــن سـحـنــون: هو أبو عبد الله محمد بن سحنون من فقهاء المالكية من بلاد المغرب تثقف على أبيه سحنون وابن القاسم و ابن وهب.
ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم صحب الإمام مالكاً عشرين عاماً.
ابن وهب: هو أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الفقيه المالكي المصري لزم الإمام مالكاً أكثر من عشرين سنة.
والله أعلم.