روى الترمذيُّ من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، أن النبي ﷺ قال: “خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .”
قال أبو عمر بنُ عبد البر في الاستذكار: وفيه تفضيل الدعاء بعضه على بعض، وتفضيل الأيام بعضها على بعض، ولا يعرف شيء من ذلك إلا بتوقيف. فقد ثبت في يوم الجمعة، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة ما هو مذكور في كتابنا هذا في مواضعه، ومعروف أيضًا في غيره. وجاء الاستدلال بهذا الحديث على أن دعاء عرفة مجابٌ كله في الأغلب -إن شاء الله- إلّا للمعتدين في الدعاء بما لا يرضي الله. اهـ.
وقال الزرقاني في شرحه على الموطأ: قال الباجي: أي أعظمه ثوابًا وأقربه إجابة. ويحتمل أن يريد به اليوم، ويحتمل أن يريد الحاجَّ خاصة. اهـ. وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الفضل خاص بالحاج.
قال الباجي المالكي في المنتقى شرح الموطأ: ويحتمل أن يريد به الحاج خاصة؛ لأن معنى دعاء يوم عرفة في حقه يصح، وبه يختص. وإن وصف اليوم في الجملة بيوم عرفة فإنه يوصف بفعل الحاج فيه. والله أعلم. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: يستحب الإكثار من ذكر الله تعالى، والدعاء يوم عرفة؛ فإنه يوم ترجى فيه الإجابة، ولذلك أحببنا له الفطر يومئذ، ليتقوى على الدعاء، مع أن صومه بغير عرفة يعدل سنتين. انتهى.
فمن رأى تعلق الفضل في الحديث بالمكان مع الزمان قصر ذلك على الحاج في عرفة، ومن رأى تعلق الفضل بالزمان جعله عاماً يشمل الحاج وغيره، وإن كان هو للحاج آكدَ والإجابة في حقه أقربَ؛ لاجتماع فضل المكان مع الزمان.
فائدة: الدعاء لا يلزم أن يستجاب كما دعي به، بل هو في نفسه عبادة يثاب عليها المرء، وقد يُعجِّل الله ثمرة هذه الطاعة فتكون سببًا لحصول نِعَمٍ أُخَرَ أو اندفاع مصائب، وقد يؤخر الله ثمرته إلى الآخرة فيكفر به السيئات، ويرفع به الدرجات.
جعلنا الله وإيّاكم من مُجابي الدّعاءِ. والله أعلم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website