جاءَ في الحديثِ (ما مِنْ صباحٍ إلا ومَلَكَانِ يناديانِ ويلٌ للرجالِ من النساءِ، ويلٌ للنساءِ من الرجال) رواه البيهقيُّ.
إخوتي غُضُّوا البَصَرَ عن محارمِ اللهِ واعلموا أنَّ من العيونِ التي لا تَمَسُّها النارُ عينًا غُضِّتْ عن محارمِ اللهِ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النظرةُ سهمٌ مسمومٌ من سهامِ إبليسَ من تَرَكَها مخافةَ اللهِ أبدَلَهُ اللهَ عنها إيمانًا يجدُ حلاوتَهُ في قلبِهِ). رواه البخاريُّ
فَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ بِخِلافِ النَّظَرِ إِلَى مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَلَوْ بِلا شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ، فَإِنْ نَظَرَ بِلا قَصْدٍ بِأَنْ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهَا أَوْ مَعَ الْقَصْدِ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِلا شَهْوَةٍ ثُمَّ شَعَرَ مِنْ نَفْسِهِ التَّلَذُّذَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَرْفُ نَظَرِهِ، فَمَا قَبْلَ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ هِيَ النَّظْرَةُ الأُولَى الَّتِي لا مُؤَاخَذَةَ فِيهَا، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ (يَا عَلِيُّ لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الثَّانِيَة) وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَعَرُّضٌ لِتَحْرِيْمِ النَّظَرِ لَوِ اسْتَمَرَ وَاسْتَدَامَ بِلا شَهْوَةٍ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّظَرِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فالنَّظَرُ بِلا شَهْوَةٍ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ نَقَلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِه خِلافُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ مِنْ تَرْجِيحِ تَحْرِيْمِ النَّظَرِ إِلَى ذَلِكَ عَلَى الإِطْلاقِ، وَلَيْسَ مُعَارِضًا لِذَلِكَ حَدِيثُ (احْتَجِبَا مِنْهُ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ لأِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَلا خِلافَ فِي تَحْرِيْمِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى بَدَنِ الرَّجُلِ بِشَهْوَةٍ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ، فَتَحْرِيْمُ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى شَىْءٍ مِنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ غَيْرِ الْحَلِيلَةِ وَأَمَتِهِ بِلا شَهْوَةٍ هُوَ خِلافُ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
فَائِدَةٌ:
رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ رَأَى ذَاتَ يَوْمٍ امْرَأَةً أَعْجَبَتْهُ فَصَارَ يُتْبِعُهَا نَظَرَهُ فَبَيْنَا هُوَ يُتْبِعُهَا نَظَرَهُ اصْطَدَمَ وَجْهُهُ بِجِدَارٍ فَطَلَعَ مِنْهُ الدَّمُ ثُمَّ أَخْبَرَ الرَّسُولَ عَمَّا حَصَلَ لَهُ فَقَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلامُ (أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا) رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مَعْنَاهُ هَذِهِ الصَّدْمَةُ الَّتِي سَبَّبَتْ لَكَ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ وَجْهِكَ أَذْهَبَ اللَّهُ بِهَا عَنْكَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ، لأِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا كَفَّرَ عَنْهُ ذُنُوبَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِذَا أَرَادَ بِهِ شَرًّا أَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى يُوَافِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِذُنُوبِهِ.
مَسْأَلَةٌ:
نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ كَاشِفَةً لِلْوَجْهِ قَالَ: وَعَلَى الرِّجَالِ غَضُّ الْبَصَرِ، وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ فِي ثَلاثَةِ مَوَاضِعَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى إِيضَاحِ الْمَنَاسِكِ لِلنَّوَوِيِّ كَمَا مَرَّ، فَتَحْرِيْمُ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ كَاشِفَةً وَجْهَهَا فِي زَمَانِهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ فِي ذَلِكَ دَفْعَ الْفِتْنَةِ مَرْدُودٌ لأِنَّ الْفِتْنَةَ فِي النَّظَرِ كَانَتْ فِي الْعَصْرِ النَّبَوِيِّ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ (كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ) (1) فَلَيْسَ فِتْنَةُ النَّظَرِ مِمَّا حَدَثَ فِي الْقَرْنِ الْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَلْ شَىْءٌ لَمْ يَزَلْ قَبْلَ عَصْرِ النَّبِيِّ وَبَعْدَهُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا فَلا مَعْنَى لِقَوْلِ صَاحِبِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَنَحْوِهِ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ بِتَحْرِيْمِ خُرُوجِ النِّسَاءِ كَاشِفَاتِ الْوُجُوهِ.
(1) معناه أكثرُ البَشرِ ينظرونَ بشهوةٍ فيكونُ عليهم معصيَةٌ، مْعلومٌ شَرْعًا أنَّ هذا الْحديثَ لا يَشْمَلُ أَعْيُنَ الأنبياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأنَّ اللهَ تعالى عَصَمَهُم مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعالى ﴿وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلى الْعَالَمين﴾ (سورة الأنعام 86).
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website