كان جلال الدين محمد أكبر أعظم ملوك المغول المسلمين في الهند، ويعتبره البعض أحد أعظم حكام الهند في التاريخ
كان جلال الدين محمد أكبر أعظم ملوك المغول المسلمين في الهند، ويعتبره البعض أحد أعظم حكام الهند في التاريخ
بعد هذه المعركة الكبيرة أعلن نصير الدير بابر شاهاً على الهند، وهكذا بدلاً من أن يكون أميراً لمملكةٍ صغيرة في أفغانستان أسّس بابر إمبراطوريةً مترامية الأطراف في الهند.
أصبح بابر شاهاً عام 1526، ولكنّ المنية وافته بعد 4 سنوات فقط عام 1530. وكان قد عيّن ابنه همايون ولياً للعهد، لكنّ همايون لم يكن مثل والده.
للقراءة أكثر حول تأسيس دولة المغول في الهند يمكنك الاطلاع على هذه المادة.
همايون الضعيف وابنه الأقوى جلال الدين أكبر!
رغم أنّ بابر كان قوياً للغاية، منذ كان طفلاً عمره 11 عاماً، ورث مملكة أبيه وحتّى وفاته عن عمر 47 عاماً، بعدما أسّس دولة ستحكم الهند لأكثر من 3 قرون. إلا أنّ ابنه همايون لم يكن على نفس شاكلته.
تولى همايون الحكم وعمره 22 عاماً، لكنّه لم يستطع الحفاظ على وحدة الدولة مترامية الأطراف، فقد ولّى إخوته على الأقاليم، فحاول كل واحدٍ منهم الانفصال بإقليم وتأسيس دولته الخاصة.
اكتملت مصائب همايون عندما هزمه الأمير الأفغاني شير شاه صوري، واستولى على عاصمته دلهي، وهنا أصبح همايون سلطاناً بلا سلطنة. هرب إلى أفغانستان -حيث مسقط رأس أبيه بابور- ثمّ إلى إيران، حيث استقبله الشاه طهماسب الأوّل ومدّه ببعض الجنود، وأخيراً استعاد همايون العرش عام 1555، لكنّ القدر لم يُمهله كثيراً، فقد توفي في العام اللاحق، وترك ابنه الصغير جلال الدين محمد أكبر، ذا الثلاثة عشر عاماً يواجه مصيراً قريباً من مصير جده نصير الدين بابر.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
السلطان الشاب جلال الدين محمد أكبر
ولد جلال الدين محمد أكبر، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1542، بمدينة عمركوت -الواقعة الآن في إقليم السند بباكستان- وقد امتدّ حكمه قرابة 50 عاماً.
عندما توفي والده عام 1556 كان في الثالثة عشرة من عمره فقط، أوصى والده أن يكون بيرم خان وصياً عليه.
كان سلطان جلال الدين بعد وفاة والده مقتصراً فقط على إقليم بنجاب والمنطقة المحيطة بالعاصمة دلهي، لكنّ حكمه الممتد طيلة 5 عقود (من 1556 وحتى 1605) سيجعله واحداً من أعظم ملوك الهند في التاريخ، وستجعله كذلك يمدّ سلطانه على أغلب أنحاء شبه القارة الهندية.
في سنوات حكمه الأولى حكم أكبر من خلال ذوي النفوذ في القصر، وأبرزهم بيرم خان، الذي تزايد نفوذه بعدما استطاع توسيع أركان السلطنة بعض الشيء، لكنّ جلال الدين أكبر أجبره على التقاعد بعد أربع سنوات فقط من توليه الحكم، كان هذا عام 1560. ومن وقتها أكمل جلال الدين خطته ليصبح سلطاناً بمعنى الكلمة، لا ينازعه أحد سلطانه على كامل شبه القارة الهندية.
بعدما سيطر جلال الدين على البيت الداخليّ أولاً، انطلق في رحلته الطويلة لتوسيع رقعة ملكة وسلطانه، فبدأ بمهاجمة ولاية مالوا الغنيّة ذات المحاصيل الزراعية، وقد سقطت المدينة في قبضته عام 1561.
كانت نخبة الراجبوت الهندوسيين، وهم طبقة سياسية محاربة، تسعى دوماً للاستقلال عن حكم دولة المغول المسلمين، وقد نهج معهم جلال الدين سياسة الاسترضاء والغزو معاً.
ففي عام 1562 كان حاكم ولاية أمبر مهدداً بصراع على الخلافة من بعده، وهنا كان جلال الدين حليفه، إذ تزوّج ابنته، وهكذا أصبح لوالدها حليف قوي يستند عليه في صراع الخلافة من بعده.
استمرّت سياسة جلال الدين على نفس النمط مع زعماء الرجبوت الآخرين، فقد سمح لحلفائه منهم أن يحتفظوا بأراضيهم، شرط الاعتراف بسلطانه ودفع الجزية السنوية له، وامداده بالجند وقت الحاجة.
ولكن على الجانب الآخر لم يتهاون أكبر أبداً مع من رفض سيادته، إذ تذكر كتب التاريخ أنّه سيطر على قلعة شيتور التاريخية (شيتورغاره الآن)، بعد قتالٍ مريرٍ عام 1568، فقد أمر بذبح كل سكانها.
ولايةً بعد أخرى، اعترفت ولايات الراجبوت الهندوسيين وغيرهم بسلطان أكبر عليهم، وتبعيتهم له، لكنّ ذلك جعل جلال الدين أكبر أمام تحدٍّ آخر، فالهند متنوعة الأعراق والمعتقدات، وهو مسلم، وعليه الآن أن يفتح السبيل أمام غيره من المعتقدات ليأخذوا مساحتهم السياسية مثل الدينية، وهذا من شأنه أن يوطّد دولته ويزيدها استقراراً.
تبنّى أكبر طرقاً دينية وسياسية أكسبته ولاء الشعوب غير المسلمة في أرضه، فبعدما سمح لغير المسلمين بالاحتفاظ بولاياتهم، أصلح أكبر إدارته المركزية وقوَّاها، ولجأ إلى مركزة النظام المالي وإعادة تنظيم عمليات جمع الضرائب.
كما سمح للهندوس والراجبوت بالمشاركة الواسعة في حكومته المركزية، فقد حاز أمراء الراجبوت أعلى المراتب، في قيادة الجيش وفي حكم الأقاليم، تحت لواء المغول المسلمين في الهند.
كما ألغى ضرائب الحج والضريبة التي يدفعها غير المسلمين في مقابل عدم أداء الخدمة العسكرية، وقد نجح أكبر بشكل استثنائي، وأكبر من أي حاكمٍ مسلم سابق في الهند في كسب تعاون الهندوس على كل المستويات في إدارته.
بدأ عهد جلال الدين أكبر وسنّه 13 عاماً، مثله مثل جدّه الذي بدأ عهده وسنّه 11 عاماً، كما بدأ جده بإمارةٍ صغيرة في أفغانستان، بدأ جلال الدين بإمبراطورية متآكلة لم يتبقَّ منها سوى العاصمة دلهي وإقليم البنجاب، لكن انتهى به الحال وهو يسيطر على مساحات لم يصلها جده نصير الدين بابر.
بنهاية عهده كان جلال الدين محمد أكبر يسيطر على منطقة غوجارات، والبنغال، وإقليم كشمير، والسند (باكستان)، وقندهار (في أفغانستان).
كما تحرّكت قوات مغول الهند جنوباً إلى سلسلة جبال فنديا نحو هضبة الدكن، وبحلول عام 1601 كانت خانديش وبيرار وقطعة من أحمدنجار قد أضيفت إلى إمبراطورية أكبر. وفق ما ذكر موقع الموسوعة البريطانية Britannica.